شعبان خليفة يكتب: الحراك الجماهيري.. «قراءة في مسببات ثورة يناير»
يأتي احتفال حزب المحافظين هذا العام، بثورة ٢٥ يناير وذكرى عيد الشرطة ال70، حيث معركة القوات فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، عندما قام القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام»، باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا شديد اللهجة يدعوا خلاله تسليم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة، فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، لتقوم ملحمة وطنية حيث تصدى أبطال الشرطة المصرية البواسل، للقوات البريطانية لآخر رصاصة واسفرت المعركة عن استشهاد ٥٠ وإصابة ٨٠ من رجال الشرطة المصرية وسطروا ملحمة فى معركة الإسماعيلية.
أما عن دور العمال فى ثورة ٢٥ يناير المجيدة، فقد انحازوا لها في لحظة حاسمة، إذ مثلوا قوة هامة مُضافة لها فى توقيت حرج، فلقد كان للعمال أثر حاسم تجاه ثورة ٢٥ يناير، بعد تعرض قطاع كبير منهم لانتهاكات وفساد وتشريعات، أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهم بشكل خاص وللمصريين بشكل عام.
وهذا وبالإضافة إلى التراجع الملحوظ في مستوى التعليم والصحة وارتفاع معدلات البطالة، واستفحال المشاكل الاجتماعية فى البلاد حتى عام 2010، وانتشار كافة أنواع الفساد في مصر وعلي رأسها الفساد السياسي، حيث احتلت مصر في هذا الصدد المركز 98 من 176 دولة علي مستوي العالم وانخفاض مستوي المعيشة، حتى وصلت المعادلة إلى (زيادةَ في عدد السكان وتدهورٌ اقتصادي نتيجة فشل سياسات الدولة في الاستفادة من ازدياد الأيدي العاملة)، ولهذه العوامل دورا كبير في اندلاع الثورة خاصة مع زيادة نسبة الفقر في المجتمع المصري حيث ارتفعت إلى 80% من الشعب منهم أكثر من 40% معدومين أي تحت خط الفقر وعلى هذا انقسم المجتمع المصري إلى طبقتين ليس بينهما وسط، إحداهما أقلية «تملك الكثير» وهي تمثل 20% فقط من الشعب، وطبقة ثانيه أغلبية «لا تملك سوي القليل» وهي تمثل 80% من الشعب و تسيطر فيه قلةٌ على الثروة، في إطار استيلاء جزء منهم على حق الشعب الكادح، وهوما يسمى ب«الرأسمالية الاحتكارية»، التي يحاول فيها رجال الأعمال والمستثمرون السيطرة والاحتكار على هيئات ونظم الدولة، محاولين إدارة دفة الحكم لمصلحتهم، و انتشرت العشوائيات بشكل كبير مخلفة مشكلة اجتماعية وإنسانية تمثل قنبلة موقوتة لتفجير المجتمع.
وأيضا من مسسبات الثورة، مسألة تزوير الانتخابات من خلال «تزوير إرادة الناخب» طيلة حكم الرئيس السابق مبارك، وآخرها انتخابات مجلس الشعب التي نظمت في نهاية عام 2010، قبل شهرين من ثورة ٢٥ يناير الشعبية، والتي حصل فيها الحزب الوطني الحاكم على 97% من مقاعد المجلس النيابي محققاً نسبة مطلقة تقصي المعارضة تماماً، الأمر الذي أصاب الشعب بالإحباط ودعم لديه الانطباع بتراجع الأوضاع السياسية وعدم قدرة النظام الحاكم علي تلبية مطالبه، بينما انصب اهتمام الأمن على الملف السياسي دون غيره، فضلاً عن عمليات الإرهابية شديدة التأثير، والتي انتهت بحادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية بعد دقائق من مطلع عام 2011، وسط الاحتفالات بعيد الميلاد للكنائس الشرقية قتل فيها نحو 24 مصريا وأصيب نحو 97 آخرين، وهذه كانت ناقوس الخطر الذي مس الأمن العام، واستشعار اختراق تنظيمات جهادية متطرفة دولية وإقليمية للأمن القومي بوضوح، وحول هذا الحادث تحديداً عبر الشعب المصري بفصيليه (مسيحيين و مسلميين)، آنذاك عن الصدمة عبر احتجاجات تلت الحادث.
ونجاح الثورة الشعبية التونسية التي اندلعت يوم 18 ديسمبر 2010، أي قبل 38 يوماً من الثورة المصرية كان عاملاً محفزاً للشعب المصرى بالقيام بثورة ٢٥ يناير، وقدرة الشعوب على إقصاء الأنظمة الديكتاتورية القمعية وراهن الشعب المصرى على الجيش المصرى، أن هو (المساند القوي) لتطلعات الشعب فى التغيير، وليس جيش مصر الذى يكون أداة بيد النظام لقمع الشعب، وثقة الشعب على قدرته تغيير النظام الجاثم على سدة الحكم، وتحقيق تطلعات الشعب وخاصة الشباب، واستخدام تكنولوجيا التواصل، حيث لعبت تكنولوجيا الاتصالات دورا هاما في الدعوة للثورة المصرية وخاصة الفيس بوك، حيث تمت الدعوة إلى مظاهرة قوية في يوم 25 يناير، منادية بشعارات« عيش، حرية، كرامة إنسانية»، وهى مطالب رئيسية رددها المتظاهرون الذين خرجوا إلى ميدان التحرير وشوارع أخرى في كافة أنحاء الجمهورية بدأت يوم 25 يناير 2011 قاصدين من ذلك تحقيق مطالب الشعب والعمال، وإن كانت ثورة ٢٥ يناير لم تحقق كل مطالب الشعب المصرى حتى الآن ولكنها ستتحقق يوما.