أكتوبر الإرادة

يُعتبر شهر أكتوبر رمزاً حقيقياً لقوة إرادة الشعب المصري، حيث تجلت تلك الإرادة بشكل واضح في مواجهة الأزمات والتحديات. في حرب أكتوبر المجيدة، تلاشى فى حب الوطن كل الاختلافات والانقسامات الطائفية، وتجلت الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب، فقد أظهر المصريون تكامل أفكارهم واستخدام اختلاف ثقافاتهم كأداة لتحقيق النصر.
قوة الإرادة المصرية وتكامل الافكار
تظهر قوة الإرادة المصرية في نصر أكتوبر المجيد، الذي شهد أعلى نماذج البطولة والفداء من جانب جيشنا الباسل. قدّم الجيش المصري، بقيادة أبنائه من مختلف الطوائف والاتجاهات، أروع صور التعاون والتكامل، حيث اجتمع الكل تحت راية واحدة، يسعون لاستعادة أرضهم وكرامتهم. وقد كانت البداية من خلال الارادة المتمزجة بالفكر الابداعي الذي يتمتع به المصريون والذي قد تجلت من خلاله أبرز الأمثلة على تلك الإرادة القوية من خلال الضابط المهندس باقي زكي يوسف ،الذي اختبر مفعول الإرادة في تحدٍ آخر من التحديات، وهو بناء السد العالي. لقد عايش هذا الضابط العديد من التحديات، بما في ذلك الساتر الترابي الذي كان يُعتقد أنه يحتاج إلى قنبلة نووية لهدمه. لكن هذا العقل المصري، الذي ورث عبقرية الأجداد، لم يقبل أبداً أن تهزم كومة من التراب إرادة من نحتوا الجبال وطوعوا الصخور.
فقد قدّم الظباط المهندس فكرة مبتكرة لهدم الساتر الترابي الذي كان يُعتبر عقبة كبرى أمام تقدم القوات، وقد اظهر كيفية الاستفادة من الخبرات السابقة والمعرفة العملية في التطبيق العملي على ارض الواقع. هذا ايضا بالإضافة إلى الفكرة الخاصة بوضع استراتيجيات مبتكرة لغلق أنابيب النابالم على خط برليف والتي تعود لصاحبها اللواء اركان حرب ابراهيم شكيب، والتي ساهمت بشكل كبير في تحقيق النصر، حيث لولاها لكان درجة حرارة قناة السويس بلغت 700 درجة مئوية وهو ما كام سيعود بخسائر فادحة للجيش المصري سواء فى الارواح او الالات والمعدات الحربية.
كما ظهر التكامل بين انباء الوطن الواحد من كافة اطيافه في ظهور أفكار مساعدة للتغلب على فكرة فك شفرات التواصل لافراد القوات المسلحة المصرية والتي كانت تتطلب فكرة ابداعية جديدة حتى يصعب على جيش العدو حل تلك الشفرة، وتجلى التكامل بين الأفكار والأدوار خلال تلك الفترة في تقديم احد أحد أبناء الشعب المصري من النوبيين السيد أحمد إدريس الجندى المصرى، فكرة استخدام اللغة النوبية في الإشارات الحربية وقد تم عرض الفكرة على القيادة السياسية والتي بدورها قد دعمت الفكرة وايدت التطبيق ولم يستطع جيش العدو حل تلك الشفرة واستطاع الجيش الحصول على عنصر المفاجئة فى تنفيذ العبور المجيد.
كل ما سبق ذكره يدلل على قوة الشعب المصرب وارادته واستغلال القيادة السياسية للتنوع الثقافي لصالح الوطن.
وحدة الشعب المصري
يمثل شهر أكتوبر تجسيداً لوحدة الشعب المصري بكافة أطيافه. حيث انه في الأزمات تذوب الخلافات، ولا يبقى أمام المصريين سوى مصلحة الوطن. إن هذه الطبيعة التي تميز الشعب المصري تدل على عمق الانتماء والولاء. فالشعب المصري، الذي مر بتجارب عديدة على مر العصور، يظهر دوماً في أوقات الأزمات أكثر قوة وتماسكاً. وتلك هى العقيدة المتوارثة في جينات الشعب المصري منذ قديم الازل وحتى وقتنا المعاصر.
استعادة الأرض والكرامة
حرب أكتوبر لم تكن مجرد صراع لاستعادة الأرض، بل كانت أيضاً صراعاً لاستعادة الكرامة. عكست تلك الحرب التحدي الأعظم للإرادة المصرية، ورمزت إلى تمسك الشعب بحقه في إستعادة كامل أراضيه، فالضابط الذي بفكرته قهر المستحيل لم يكن مجرد فرد، بل كان رمزاً لكل مصري تمسك بهويته وإرادته.
البقاء في الذاكرة
يظل اسماء ابطالنا في حرب العزو والكرامة رمزاً ومعنى عميقين. فكل الابطال الذين ذكرنا أسمائهم والذي لم نذكر اسمائهم فى المقال سيظلوا باقين فى ذاكرة المصريين إن قوة الإرادة المصرية لن تُنسى، وستبقى حاضرة في ذاكرة الأجيال القادمة. كل مصري يعتز بهويته وأرضه وإرادته يساهم في استمرار هذا الإرث.
أهمية الوعي الوطني
إن إحياء ذكرى حرب أكتوبر لا يقتصر فقط على الاحتفال بالنصر، بل يتطلب أيضاً تنمية الوعي الوطني بين الأجيال الجديدة. يجب أن نغرس في نفوس أبنائنا حب الوطن والانتماء إليه، ليكونوا مستعدين لمواجهة أي تحديات قد تعترض طريقهم. إن الحرب كانت درساً قاسياً ولكنه عظيم، علمنا أن الإرادة القوية والتعاون بين جميع أطياف المجتمع يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً.
الرسالة المستقبلية
ختاماً، يُعد شهر أكتوبر تذكيراً دائماً بأن الإرادة هي مفتاح النجاح في كل مجالات الحياة. يجب أن نتعلم من دروس الماضي، ونعمل بجد لتحقيق أهدافنا الوطنية. إن نصر أكتوبر ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار على اليأس، وإثبات أن الأمل والإرادة يمكن أن يتغلبا على أصعب التحديات. لذا، لنبقِ روح أكتوبر حية في قلوبنا، ولنستمر في العمل من أجل مستقبل أفضل لوطننا
إن قوة الإرادة المصرية ستظل نبراساً نهتدي به، وستبقى ذكريات أكتوبر شاهدة على عظمة الشعب المصري وقدرته على التغلب على الصعاب. لنحتفل بشهر أكتوبر، شهر الإرادة والتحدي، ولنجعل من كل يوم فيه فرصة لتعزيز وحدة وطننا وترسيخ قيم الفداء والتضحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار