جرس انذار ..اقوى اقتصاد أوربي فى قلب عاصفة التضخم
على وقع الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المفروضة من قبل الغرب على موسكو، بلغ التضخم في أكبر اقتصادات منطقة اليورو أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 50 عاما خلال شهر مايو.
ويأتي ذلك نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء منذ مطلع العام مع بداية الأزمة في أوكرانيا، والتي يتوقع ارتفاعها أكثر فأكثر، بعد اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي على فرض حظر جزئي لواردات النفط الروسية لدولهم في سياق الحزمة السادسة من العقوبات على روسيا، وهو ما سيقود تاليا لرفع معدلات التضخم المرتفعة أصلا في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وذكر مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، أن أسعار المستهلكين المصممة لأن تكون قابلة للمقارنة مع بيانات التضخم من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، زادت بمعدل سنوي قدره 8.7 بالمئة.
وأضاف أن آخر مرة كان فيها التضخم مرتفعا بشكل مماثل في ألمانيا كان خلال شتاء 1973-1974 عندما ارتفعت أسعار الزيوت المعدنية نتيجة أزمة النفط الأولى.
وتعليقا على ما تشهده ألمانيا من ارتفاع كبير بمعدلات التضخم وما يشكله من انعكاسات اقتصادية وسياسية واجتماعية، يقول الباحث والخبير بالشؤون الأوروبية ماهر الحمداني، من العاصمة الألمانية برلين، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “معدلات التضخم الألمانية تحلق بصورة مقلقة للغاية، حيث بلغت نسبها الفعلية أكثر من 10 بالمئة، وخاصة فيما يتعلق بأسعار العديد من السلع والمواد الغذائية الاستهلاكية والأساسية، رغم أن الحكومة الألمانية تعلن عن أن النسبة تبلغ نحو 8 بالمئة، وهو أيضا معدل مرتفع ولا شك”.
ولمواجهة هذه الأزمة، يضيف: “تحاول الحكومة إرضاء الشارع الألماني المتململ وإسكاته، عبر إقرار حزم من المساعدات الآنية كدعم وسائل النقل العام ودعم قطاعات الوقود والمحروقات والطاقة عامة في البلاد، وقد قدم بموجبها مليارات الدولارات، لكنها تبقى إجراءات وقتية سقفها الزمني 3 أشهر كحد أقصى، وبعضها أقر فقط خلال شهر واحد، وهي ربما نجحت جزئيا في امتصاص غضب المواطنين الألمان وغضبهم، لكنها تبقى حلول ترقيعية لأزمة كبرى تطال البلاد”.
واستدرك: “لكن رغم ذلك فالتضخم المتصاعد والمتواصل يلقي بظلاله السلبية على مختلف مناحي الحياة اليومية للمواطن الألماني، حيث وفق أحدث الاستطلاعات فإن نحو 35 بالمئة من الألمان لا تكفي مدخولاتهم لشراء وتوفير الاحتياجات الأساسية للحياة، وأنهم يعانون الأمرين في سبيل توفير الحد الأدنى منها”.
ويسترسل الخبير في الشؤون الأوروبية :”ألمانيا ليست استثناء من التعرض لموجات التضخم العالمية الحالية، والتي من المتوقع على الأقل أن تستمر وتائرها المرتفعة على مدى عام كامل وربما أكثر، وهو ما يثير بقوة الدعوات القائلة أن الحرب الروسية الأوكرانية التي أخرجت مارد التضخم العالمي من القمقم، وفجرت مشكلات عاصفة تضرب عصب الاقتصادات حول العالم وتعيق وتعطل سلاسل التوريد والتصنيع، من الحري بالقوى الدولية العمل على وقفها فورا كي لا تتدهور أكثر الأوضاع الدولية والاقتصادية والمعيشية منها خصوصا، وليس النفخ في نيرانها والتصعيد”.
ارتفاع الأسعار… والحل الزمن الجميل والرياضة
ويختم الحمداني: “لا سيما وأن ثمة نقاشات ألمانية وأوروبية واسعة باتت تشكك في جدوى سياسة العقوبات الغربية على موسكو التي تسببت بأزمات اقتصادية حادة في البلدان الأوروبية نفسها، وحتى بصورة أشد وطأة من تأثيراتها على البلد المستهدف بها وهو روسيا، والتي سيزيد فرض الحظر الجزئي الأوروبي على النفط الروسي خلال قمة بروكسل من حدتها”.
هذا وتمثل نسبة التضخم بألمانيا التي قاربت 9 بالمئة، والتي كان قد توقعها محللون وخبراء اقتصاديون، ارتفاعا قياسيا للشهر الثاني على التوالي، بعد أن كان الصعود في شهر أبريل بنسبة 7.8 بالمئة وهو الأكبر على مدى 4 عقود.
وبحسب مكتب الإحصاء الاتحادي، ارتفعت أسعار الطاقة 38.3 بالمئة في مايو مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية كذلك بمعدل فوق المتوسط بلغ 11.1 بالمئة.
فيما قادت الأسهم الألمانية تراجع أسواق الأسهم الأوروبية الثلاثاء، بعدما أثار ارتفاع أكبر من المتوقع في التضخم في ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، المخاوف من إجراءات متشددة من البنوك المركزية.