تعليقاً على القرارات الحكومية الأخيرة.. “الحركة المدنية الديمقراطية”: السياسة الاقتصادية شديدة الضرر

أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية، بيانا بشأن السياسات الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقال الحركة في بيانها، ما كادت الانتخابات الرئاسية تنتهي حتى اندفع النظام بسرعة شديدة في مواصلة؛ والإسراع بإقرار سياسات اقتصادية تضر ضرراً بالغاً ببلادنا، وتُنذر بتعميق أزمتنا الاقتصادية، وزيادة مُعَدَّلات الفقر، ومُضاعفة مُعاناة الشعب المصري، وخسارة أفضل مُقوماتنا الاقتصادية ومنحها للأجانب بمُقابل متواضع.

وأضافت، وخلال أقل من أسبوعين رفعت الحكومة أسعار الكهرباء؛ وتذاكر المترو؛ والقطارات؛ والاتصالات الأرضية؛ والمحمول؛ ورسوم الإنترنت، كل هذا بنسب تتراوح بين 10- 25%، ومن المرتقب وفق التوقعات رفع أسعار البنزين والوقود مُجَدَّداً، مع أن آخر زيادة لها وقعت في نوفمبر الماضي، ورغم زيادة الأجور فإن قيمتها الفعلية في تراجعٍ دائم قياساً بقفزات الأسعار، وقد رأينا مُعَدَّلات التضخُّم التي تصل إلى 36% بينما تزيد أسعار الغذاء بحوالي 60%، بما يُفاقم معاناة المواطنين، ويرفع نسبة المواطنين تحت خط الفقر.

وتابع بيان الحركة، كما أعلنت الحكومة التخارج من أربع قطاعات أساسية وهي المطارات والاتصالات والبنوك والتأمين، والبنوك الثلاثة الحكومية: بنك مصر، والأهلي، والقاهرة. ومن المعروف أن صندوق النقد الدولي يضغط بقوة منذ سنوات من أجل خصخصة بنكي مصر والأهلي، فهما عصب الاقتصاد القومي، وقد كان بنك مصر أول بنك مصري بالكامل لا يتملك الأسهم فيه أجانب، وتأسس عام 1920، وهو بهذا يُعتبرُ أساس النهضة الصناعية المُستقلة على يد “طلعت حرب”، وخصخصة تلك البنوك تسلب الحكومة السيطرة على القطاع المالي؛ وعلى قدرته على توجيه الاستثمارات المحلية من خاصةٍ وعامةٍ.

 

وأوضح، كذلك فإن خصخصة المطارات بعد خصخصة خدمات الموانئ؛ ثم تكوين شركة قابضة تمتلك 7 موانئ مصرية تمهيداً لإتمام عملية الخصخصة، يمس بشدّة مصالحنا الوطنية وأمننا القومي، بنفس الدرجة التي تمسها خصخصة المطارات. وتدّعي الحكومة أن تخارج الدولة من ملكية أصولها دافعه هو دعم القطاع الخاص في مصر، لكن ما يحدث مُختلفٌ عن ذلك تماماً: فالطرف الذي يستحوذ على هذه المؤسسات البالغة الأهمية هو طرف خارجي، عربي أو أجنبي، وليس طرفاً وطنياً، وفي ظل حقيقة أن المدين المُعسر يقع تحت وطأة شروط الجهات الدائنة، حتى تلك التي تمس بأسس ومقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي. لهذا فإن ما حدث ويحدث هو بيع الدولة لأفضل أصولها الثمينة سداداً لديونها الضخمة، وبيعها بالدولار للأجانب أساساً، وليس بهدف دعم القطاع الخاص المحلي، حيث يتخذ البيع غالباً شكل التخارج الحكومي المصري لمصلحة الصناديق الحكومية السيادية الخليجية، دون خصخصة ولا يحزنون.

 

واستطردت الحركة في بيانها، إن جوهر المشكلة الاقتصادية الراهنة؛ والسبب الرئيسي لأزمة مصر الاقتصادية، يعود إلى غياب الأولويات الصحيحة للتنمية، وذلك بتهميش القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات القابلة للتصدير، لصالح قطاع التشييد بمجالاته المُتعددة، وخاصةً المُدن المُترفة الجديدة كالعاصمة الإدارية والعاصمة الصيفية، والمشروعات غير الاقتصادية كالمونوريل وغيرها، مما أرهق الميزانية العامة، وأثقل كاهل الدولة والمُجتمع، ودفع النظام إلى الإفراط في الاستدانة؛ حتى تضاعفت كل من الديون الخارجية والداخلية بنحو أربعة أضعافها منذ عام 2014 وحتى اليوم، مع العجز عن الاستفادة من تلك الديون في استثمارات إنتاجية يكفل عائدها المُساهمة في سداد أقساطها وفوائدها. ورغم أن هذه الظروف الحرجة، كانت تقتضي وقف المزيد من الاستدانة من الخارج، ووضع قائمة لأولويات المشاريع الضرورية وتأجيل الباقي، فمازالت الحكومة مُستمرة في الاستدانة الجديدة من أجل مشاريع ليست ذات أولوية؛ مثل القطار السريع (2.3 مليار دولار)؛ ومشروع توليد الكهرباء من طاقة الرياح بسوهاج (5 مليار دولار)، (مع وجود فائض كهرباء منذ عام 2015 تدعي الحكومة اتجاهها لتصديره، وهو ما فشلت فيه حتى الآن).

وأردف، ومن المعروف أن عبء الديون واجبة السداد سيبلغ خلال عام 2024 (فوائد + أقساط) أكثر من 29 مليار دولار، وهو ما يُتيح لصندوق النقد الدولي، مُمثل الدائنين، الضغط من أجل الخصخصة، وأيضا في اتجاه المزيد من تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وقد قال “كينز” المفكر الاقتصادي الإنجليزي: “إذا أردت أن تُدمر اقتصاداً خَفِّض قيمة العملة”! وقد خفَّضَ مسلسل الاستدانة والخضوع لشروط الدائنين قيمة الجنيه المصري إلى النصف عام 2016 (من 7.7 إلى 16 جنيهاً للدولار)، ثم إلى الربع عام 2022 (حيث الدولار يساوي حوالي 31 جنيها)، ويترقب الجميع التخفيض الثالث الوشيك إلى سُدس قيمته. وهو ما يُطلق قوى التضخُّم والإفقار، حيث زادت نسبة المواطنين تحت خطيّ الفقر الأول (فقر الغذاء) والثاني (فقر الاحتياجات الأساسية): من 25، و60%، إلى 30 و70% على التوالي بعد تخفيض عام 2016، وهذا يوضح إلى أين ستصل مُعَّدلات الفقر الجديدة بعد تطبيق الحكومة لسياساتها “الإصلاحية” المُرتقبة.

 

وأضاف، وفي المقابل فقد طرحت الحركة المدنية، بمناسبة الحوار الوطني، حلاً بديلاً مؤسسٌ على العمل الجاد لبناء اقتصاد وطني مُستقلٌ نسبياً، ومُنتجٌ، يسعى لتغطية أغلب حاجات المجتمع الضرورية من غذاء وكساء ومُستلزمات الحياة والإنتاج، … إلخ محلياً، كما دعت الحركة المدنية إلى تركيز دور الدولة على القطاعات الاستراتيجية؛ مثل الصناعات الثقيلة، والأسمدة، وغيرهما، وتكثيف الرقابة على الأسواق؛ والتدخُّل لمنع الاحتكار، مع توسيع المجال للقطاع الخاص المحلي، إلّا أن جوهر ما حدث هو استمرار تحكُّم الدولة في القطاعات التي يستطيع القطاع الخاص القيام بها، مع خصخصة القطاعات الاستراتيجية، كما أوضحنا، لصالح رأس المال الأجنبي المُتَلَمِّظ لحيازتها بأبخس الأســعار.

وقالت: وكذلك أوصت الحركة المدنية باتِّباع سياسات التقشُّف الحكومي، وبالحد من البدلات العالية ومصاريف الترف (السيارات المُتعددة لكل مسؤول ونفقات المكاتب)، ودمج الصناديق السياديه والخاصة في الميزانيه العامه للدولة، وتحميل عبء الأزمة للطبقات القادرة عن طريق الضرائب التصاعدية، وتعبئة الموارد، مع تأمين الاحتياجات المعيشية للمواطنين، والعمل على توفير العملة الصعبة من خلال تقليل الاحتياجات الدولارية، وتعبئة موارد حقيقية من خلال وضع قيود نوعية على استيراد السيارات كلها أو على الأقل السيارات الفارهة، لمدة عام مثلاً، وهو ما تسمح به حتى قوانين “منظمة التجارة العالمية”، وتقليل الإنفاق الدولاري من خلال سياحة المصريين بالخارج، وتأجيل السماح بالعمرة وقصر الحج على أداء الفريضة، لمدة مُحَدَّدة، من أجل وقف نزيف الدولارات وتخفيف عبء الديون، … إلخ.

واختتمت الحركة بيانها، وهي اقتراحات تجاهلتها الحكومة، بل لقد اندفعت الحكومة في نفس الاتجاه المُهلك الذي تسير فيه، مما يُشكل خطورة شديدة على الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويُهَدِّدُ السِلم الاجتماعي الذي نسعي جميعاً في الحركة المدنية لحمايته، وخاصة في هذه الظروف الصعبة، التي تواجه فيها مصر ودول المنطقة تهديدات وتحديات بالغة الخطورة، وعلى كل الجبهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار