اسلام الضبع يكتب.. مقترحات بشأن تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية

لا شك أن تعديلات قانون الاجراءات الجنائية بالنسبة للحبس الاحتياطى هي ما كانت متوقعة فقط في الفترة الأخيرة لوجود الارادة السياسية خاصة بعد ما تم اثناء الحوار الوطني من نقاشات بناءة من كافة قوة المجتمع فقد كانت ممثلة ولكن ان يتم تعديل كامل بمشروع قانون مقدم من الحكومة يضم 550 مادة كان يتطلب اعادة فتح سلسلة نقاشات مجتمعية موسعة تستغرق وقتا كافيا لمراجعته وعرضه علي كافة الجهات المعنية لانه قانون يمس منظومة العدالة كاملة في مصر :
وللاسف فالعديد من النصوص يصيبها العوار الشديد وغير واضحة وتحتاج لمراجعات دقيقة حتى لا تكون متروكة للتفسيرات والتأويلات المختلفةفعلى
و عن أبرز الانتقادات المتعلقة بمشروع القانون تتمثل في الاتي :
• “أحد البنود ينص علي التوسع والتزايد الملفت فيمن لهم حق الضبطية القضائية
” حيث تنص المادة 25 من القانون الجديد والتي تقابلها نص المادة 23 من القانون الحالي وتتعلق بالضبطية القضائية ومأموري الضبط القضائي حيث تم إضافة أشخاص جدد وهم ضباط الشرف ومراقبو ومندوبو الشرطة وضباط الصف ومعاونو الأمن بقطاع الأمن الوطني والأمن العام بوزارة الداخلية
كما نجد ان مصطلح مأموري الضبط القضائي في حد ذاتها فضفاض لأنه غير محدد في جميع أنحاء الجمهورية من يتمتعون بتلك الضبطية قديما وحديثا ولذلك فإن التعديلات الجديدة ومدى التوسع في تلك الصفة أمر خطير
تليها مادة تمنح صلاحيات واسعة لمأموري الضبط القضائي في التحقيق مع المتهمين واستجوابهم وهذا ما لم يكن موجودا قبل ذلك إذ كنا ندفع بأن إجراءات التحقيق تتم في ظل احتجاز غير قانوني وبالتالي فإن كل الاعترافات نتيجة للإكراه المادي أو المعنوي وبالتالي إذا تم تطبيق هذا القانون حاليا بالنظر إلى مقرات الاحتجاز غير القانونية الموجودة بمختلف الجهات وتحديدا في ما يتعلق بالمتهمين المحتجزين على خلفية قضايا سياسية سيساعد في تقنين الانتهاكات بحق هؤلاء المتهمين ويجعل جهة الضبط هي الخصم والحكم في آن واحد
وليس من الطبيعي أن تقوم جهة الضبط بالتحقيق وسماع الشهود ومواجهة المتهم بالأدلة وذلك في مقراتها لأن هذا يعتبر تقليصا لدور النيابة العامة التي عادة ما تكون مخولة بالفصل في مثل هذه الأمور والإجراءات
وأوضحنا أن “مشروع القانون الجديد يسمح للنيابة أن تخول جزءا من دورها المتعلق بإجراء التحقيقات إلى جهة الضبط كما أنه لا يلزم جهة الضبط بإحضار محامي للمتهم الذي يعتبر العنصر الرئيسي لضمان حقه المنصوص عليها في الدستور وهي المساعدة القضائية بندب محامي في حالة عدم وجود محامي لحضور التحقيقات لذلك لابد من التنسيق فيما بين كافة النيابات والمحاكم الابتدائية ونقابات المحامين الفرعية هاي مستوي الجمهورية بإعداد كشوف بأسماء المحامين
ايضا ما يسبب خللا كبيرا في مسار العدالة هو المحاكمات الإلكترونية المقترحة والتي تجري الان في تجديدات الحبس فقط حاليا حيث أنه ومنذ حوالي سنتين أصدر وزير العدل قرارا بنظر أمر تجديد الحبس إلكتروني وكان الأمر مقتصرا فقط على تجديد الحبس لكن مشروع القانون الجديد يعطي الحق في توسعة الأمر إلى إجراءات المحاكمة نفسها
ومن خلال القانون الجديد يمكن للقاضي نظر القضية عن بعد إذا أراد ذلك وهذا أمر يخل بضمانات المحاكمة وبحق المتهم في حضور جميع إجراءات ومراحل التقاضي قبل صدور الحكم عليه وعدم فصل محاميه عنه
وكذلك عدم إلزام جهات التحقيق بتسليم أوراق وملف القضية لمحامي المتهم وهذا ما يخل بأساس عدالة التقاضي من وجهة نظرنا
كذلك نص المادة 124 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد والذي يصعب من وجود المحامي خلال التحقيقات في بعض الحالات على أنه “لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر وهذا ما اعترضت عليه نقابة المحامين واعترضت أيضا على نص يسمح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته عن المتهم والمحامي فكيف يصدر حكم يستند على شهادة شخص مجهول وغير معروف
•كذلك نص المادة (267) من مشروع القانون لابد من تعدلها وإعادة النظر في نصوصها التي تنص على:
لا يجوز نشر أخبار أو معلومات أو إدارة حوارات أو مناقشات عن وقائع الجلسات أو ما دار بها على نحو غير أمين أو على نحو من شأنه التأثير على حُسن سير العدالة أو التشويش ويحظر تناول أي بيانات أو معلومات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم (94) لسنة 2015
وهذا النص يعد ايضل تقويضا للعدالة وللعمل الصحفي في آن واحد فنتضامن مع نقابة الصحفيين ونقابة المحامين في الغاءه
•واخيرا:
فإن قانون الإجراءات الجنائية هو الوسيلة لتطبيق قانون العقوبات الذي يحمي الحرية الشخصية ولذلك فإذا أنحرف الإجراء انحرفت العقوبة وهو ما يؤدى إلى بث عدم الثقة في نظام العدالة الجنائية ولا يتحقق ذلك إلا بوجود نظام إجرائي يحول دون الإستبداد بالسلطة وبه تصان الحرية .
ورغم ذلك فإن الحاجة ملحة إلى تشريع قانون جديد للإجراءات الجنائية توافقي بين جميع منظومة العدالة اولهم المواطن والمحامي ووكيل النيابة والقاضي والصحفي ولابد ان ينال حظه من الدراسة والبحث والوقت المناسب للمناقشة على نحو يحقق الفاعلية في الإجراءات مع توفير الضمانات للأفراد ومن يمثلهم في مواجهة السلطة في الوقت ذاته إلا أن التعديلات التي أدخلت على القانون منذ صدوره عام 1950 نالت من صورته الأصلية وجنحت في كثير منها نحو إعلاء شأن السلطة على حساب الحرية بحجة أن تحقق قواعد الإجراءات للمجتمع حقين يصعب التوفيق بينهما الأول ألا يفلت الأثيم من العقاب والثاني احترام الحريات .
مقدم من
ا.إسلام الضبع المحام بالنقض
امين الحقوق والحريات وعضو المكتب السياسي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار