د /أحمد حسين يكتب ..هُنا دمشق.. هل من مُتعظ ؟
هنا دمشق تُعلمنا الدرس والعظة وخبرة نتعلمها ونكتسبها لننجحوا دون أن نخوض مرار التجربة وكارثية نتائجها على بُنا الدولة ومؤسساتها ومركز بنيتها الأساسي الإنسان ووجوده ، هنا دمشق تعطيك طريق النجاة وتُفصل لك سيرورة السقوط وخراب الأوطان، هنا دمشق توضح كلام السياسة وتفصل منتج التعليم الأكاديمي عن واقع سقوط الدول وتفتتها، هنا دمشق تعطيك خلاصة البحث ليس منتج اكاديمي بل منتج واقع تراه بالعين وتُمسكه باليد ويتجسد على الأرض واقع السقوط والانهيار مجسدا ومفصلا وموضحا السبيل لسقوط الدولة وانهيارها والتي جوهرها ؛ تغييب التداول السلمي للسلطة عبر بقاء الحاكم في السلطة متجاوزا المدد الدستورية ومتلاعبا بالدستور والقانون ومحولا تبعية مؤسسات الدولة من تبعية الدستور ودولة سيادة القانون إلى تبعية شخص رئيس الدولة، وهيمنة السلطة التنفيذية على كل السلطات واختزل كل السلطات في سلطتها واختزال سلطتها في سلطة رئيس الجمهورية وما يريد ، وتغييب دولة سيادة القانون وربط عمل المؤسسات الأمنية بمفهوم الأمن السياسي للرئيس وسلطته ، وتغييب التبعية الوطنية للمؤسسة العسكرية من التبعية الوطنية للوطن وحماية الشعب والأمن القومي للتبعية لشخص الرئيس ولإرادته ، وغلق المجال العام أمام القوى المدنية وخلق تجمعات المنتفعين من السلطة والمنافقيين لها وأصحاب المصالح وعلى ضفاف كراسيها مهللة ومصفقة ومنافقة للسلطة لحساب المصلحة الشخصية والانتفاع لا الدولة ولا الوطن ، طريق سقيم من تغييب للدستور ولدولة القانون ولسلطة المؤسسات الدستورية واختزالها في شخص رئيس الدولة وإرادته، طريق نهايته هنا دمشق سقطت وتدمرت سوريا.
ومن ثم فإن هنا دمشق كما جسدت سيرورة السقوط والانحطاط والتدمير ترشدك لطريق النجاة وتخط لك مفردات الإنقاذ وتفصل أليات البناء للدولة المتماسكة القوية المهابة بين الأمم والتي في القلب منها بنية حاكمة وراسخة تحقق التداول السلمي للسلطة وفق مرجعية دستورية حكم ومرجع الرئيس موظف يؤدي مهام دستورية وفق مدتان رئاسيتان لا يتم تجاوزهما أبدا ويتم وفق انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، دولة سيادة القانون الجميع فيها أمام القانون سواء، والحَكم والمعيار التشريع القانوني المجرد في مواجهة كافة المواطنين دون تميز، حرية سياسية ومجال سياسي مفتوح أمام التنافس والإختيار الحر من الشعب والمصون بنزاهة وشفافية، حريات عامة وشخصية ومؤسسية مكفولة ومصونة ومحترمة، دولة مؤسسات دستورية تؤدي وظائفها وفقا للدستور وتتبعه لا تتبع الحاكم مع فصل تام بين السلطات مجلس نواب منتخب بحرية وبنزاهة وشفافية يشرع ويراقب وفق إرادة شعبية، سلطة قضائية مستقلة تعمل في ضوء دولة سيادة القانون، سلطة تنفيذية تعمل في ضوء رقابة ومساءلة ومحاسبة، مؤسسة عسكرية وظيفتها حماية الأمن القومي وحدود سيادة الوطن ووجوده ولا تمارس العمل السياسي والحكم والاقتصاد ، مؤسسات أمنية تعمل في ضوء أمن المواطن وحماية حرياته وفق القانون ومرجعية الدستور.
تداول سلمي للسلطة ، دستور حكم ومرجع ، دولة مؤسسات لا يمكن تجاوزها أو التلاعب بها لصالح الحاكم، سيادة دولة القانون على الجميع وللجميع، مجال سياسي مفتوح يفرز القيادات والكفاءات في ظل تنافس سلمي يفرز الأكفأ والأجدر لقيادة الوطن ، مؤسسات أمنية تعمل في ضوء أمن وحماية المواطن ، مؤسسة عسكرية تعمل لحماية الشعب وسيادة الوطن ، مواطن حر ومواطنة قيمة وحكم لعمل كل بنية أركان الدولة ومؤسساتها.
هنا دمشق تعطيك سيرورة السقوط وترشدك أيضا لطريق النجاة حفظ الأوطان دون أن تعاني مرار التجربة وقسوة خوضها وآلام معاناتها.
هنا دمشق تُعلم … فهل من مُتعلم ؟ هنا دمشق تعظ… هل من مُتعظ ؟ هنا دمشق تعظ وتعلم … فهل من مُتعظ ومتعلم ؟