محمد فوزي يكتب : التضامن مع الشعب الفلسطينى!
اعتمدت الأمم المتحدة فى عام 1977 التاسع والعشرين من نوفمبر يومًا للتضامن مع الشعب الفلسطينياعترافا بالحقوق الوطنية المشروعة له ودعما له فى نضاله ومساعيه لنيل حريته، لكن اليوم مر خافتا هادئا لم يشعر به أحد كما هى التحركات والمواقف العربية العربية االرسمية الجادة تجاه القضية الفلسطينية خافتة ولم ترق إلي المستوي الذى يمكنها من مواجهة السياسات والممارسات الإجرامية لإسرائيل وحماية نضال الشعب الفلسطينى، وهو الأمر الذى يحمل العديد من الدلالات السلبية ويقتضيى البحث فى جذوره ومسبباته وذلك فى ضوء كونه أحد معوقات نجاح النضال الفلسطينى.
إذا حاولنا رصد جذور هذه الحالة فإن المنطقة العربية منذ 2011 ومع ثورات الربيع العربى قد شهدت حتي اليوم حالة من عدم الاستقرار، بدأت بموجات الاحتجاج فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وتحول بعضها إلي حروب وصراعات مسلحة كما حدث فى ليبيا واليمن وسوريا، وفى خضم الحرب والصراع الذى شهدته سوريا ظهر تنظيم “داعش” الإرهابى الذى استغل غياب مركزية الدولة وحالة عدم الاستقرار فى سوريا لينتفض ويوظف هذه الحالة بما يخدم أهدافه ومساعيه لإقامة خلافته المزعومة فهزم القوات السورية والكردية والفصائل الإسلامية المسلحة المنافسة له ثم تمدد كذلك فى العراق ليحتل التنظيم مع نهاية 2014 ما يقارب ثلث الأراضى السورية والعراقية، لم يكتف التنظيم بذلك بل امتد وانتشر فى العديد من البلدان كمصر وليبيا واليمن حيث أقام فيها ما يعرف بالولايات، فعزز التنظيم من حالة عدم الاستقراروتفكك الدولة الوطنية وزاد الأزمة اشتعالا، بالتوازي مع ذلك زادت الأزمات السياسية والاقتصادية والمجتمعية المختلفة التى تشهدها معظم البلاد العربية والتى لم يستقر معظمها حتي اليوم تقريبا علي صيغة معينة تقود مسيرة التحول نحو الحكم الرشيد وتعزز قيم الديمقراطية والمساواة والعدل، وأخيرا جاءت الانتفاضات والاحتجاجات الأخيرة فى الجزائر والسودان ثم العراق ولبنان، إذا ما وضعنا كل ما سبق جنبا إلي جنب مع الصراع والتغول الإقليمى والدولى فى الوطن العربى بالإضافة إلي الإدارة الأمريكية الحالية التى حاولت منذ وصولها إلي سدة الحكم تصفية القضية الفلسطينية عبر مسارات وآليات عدة ورؤية حملها “ترامب” فسوف نصل إليحقيقة مؤسفة تتمثل فى أنه فى خضم الصراعات والحروب والأزمات المشتعلة فى المنطقة العربية منذ الربيع العربى لم تعد القضية الفلسطينية قادرة علي الحفاظ علي موقعها كقضية مركزية بالنسبة للعرب،والأمر هنا ليس مقتصرا علي أنظمة الحكم وإنما نحن هنا بصدد الحديث عن الوعى الجمعى للشعوب العربية.
المؤكد أن الاحتلال الإسرائيلى لم يتوقف عن سياساته وممارساته الفاشية والعدوانية علي الأراضى الفلسطينية من تهجير وتدمير وقتل واعتقالات، ولكن المتغير إذا جاز القول يكمن فى الوعى الجمعى للشعوب العربية وذلك فى ضوء كم الأزمات والصراعات التى تشهدها المنطقة مما غير سلم الأولويات بالنسبة للمواطن العربى، فى ضوء ما سبق فإن الشعب الفلسطينى وفى خضم كل ذلك دائما ما يثبت أنه الفارس الأفضل فى الملحمة الفلسطينية.
نتمني أن يعود التضامن بشكل حقيقى وفعلي مع الشعب الفلسطينى وحول القضية الأم “القضية الفلسطينية” علي صعيد الحكومات والشعوب العربية ونتمني كذلك كما ذكر أحد الباحثين الفلسطينيين أن يتضامن الفلسطينيون مع أنفسهم عبر السعى نحو مصالحة وطنية فلسطينية والاتفاق علي استراتيجية موحدة للنضال الوطنى.