د : أحمد حسين يكتب .. على أبواب الاستحقاق النيابي أزمة مصر وخارطة الطريق للنجاة

أزمة مصر الحقيقية سياسية، المرض سياسي، العلة سياسية ، غياب دولة المؤسسات والفصل بين السلطات، هيمنة السلطة التنفيذية على كل السلطات واختزالها في سلطتها وما تريد فتشكل مجلس النواب على هواها وبخادمين لها بما يغيب الإرادة الشعبية وينفذ كل ما تريده السلطة لا مصالح الشعب ، توظيف القانون من قبل السلطة، عدم الاحتكام للدستور وسيادته، غياب منظومة الحكم الرشيد -الشفافية والمساءلة والمحاسبة- هذا هو الجوهر والمرض المزمن والعلة الحقيقية، المرض سياسي قولا واحدا ؛ والعرض أزمات اقتصادية ، فشل منظومة الإدارة في تحقيق النجاح والقدرة على التطور وتراكم معدلات التنمية العادلة التى تصنع التقدم والتطور للوطن، تبعية واستدانة وتغييب للدور المصري إقليميا وتهميش مصر دوليا ، والعجز عن التصدي للقضايا المصيرية ، كل هذا عرض وليس مرض، وبالتالي الذهاب إلى العرض ما هو سوا إعطاء مسكنات ويبقى المرض كما هو.
ومن هنا فإن كنا نريد أن نخرج من الهوة السحيقة التي نحن فيها من فقر وديون وتخلف وغياب التنمية العادلة والمستدامة، وغياب للدور إقليميا ودوليا، علينا بمواجهة المرض والعلة و أن نبدأ ببناء سياسي رشيد، علينا أن نرسخ دولة المؤسسات المستقلة عملا، الدستورية بناء، المعبرة عن الإرادة الشعبية الحقيقة تمثيلا، وعليه يجب ألا نعيد تجربة استنساخ مجالس نواب السُلطة، وأن نبني حياة نيابية سليمة، مجلس نواب حقيقي مستقل ومؤسسي ودستوري، إفراز بنية سياسية حزبية حرة وتنافسية، ونتاج انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة ، وبالتالي فمطلوب أن نحدث تغيير جوهري وسياسي يبني حياة سياسية حقيقية عبر فتح المجال السياسي والعام، وإتاحة الحريات للعمل العام والحزبي الحقيقي لا الكيانات المُصطنعة والمُخلقة ، وأن يتم التنظيم القانوني لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي لمجلس النواب وفق القائمة النسبية مع استمرار الإشراف القضائي التام على كل مراحل العملية الانتخابية، بما ينتج مجلس نواب حقيقي يعبر عن الإرادة الشعبية ، ويمارس مهامه باستقلالية ومؤسسية ودستورية تحقق الإرادة الشعبية ومصالحها العليا.
إنني هنا أحب أن يفهم الجميع الحاكم قبل المواطن، والسلطة قبل الشعب، أن هذه الحالة التي نعيشها من تغييب بناء منظومة حكم راشد، وبنية دستورية حاكمة، وبنية مؤسسات تنطلق في عملها من الدستور ومرجعيته، والقانون وسيادته، والمؤسسية وعملها، الكل فيها
خاسر لأنها بناء الضعف والوهن والفساد والذي لا نجاة معه، وتلفتوا يمينا ويسارا وستجدوا السقوط والدرس والعظة ، ومن هنا فإن بناء القوة والنجاة والحماية للحاكم قبل المواطن هو بناء دولة ديمقراطية دستورية، دولة مؤسسات لاأفراد ، سلطة دستور لا رؤية حاكم، بنية سيادة قانون لا هوا سلطة ، مرجعية إرادة شعبية لا صورة مزيفة لها تحت إرادة سلطة تنفيذية تسوقها، ولما لا فقيمة المواطن كمواطن بالدول الديمقراطية الدستورية يفوق قيمة الحاكم وسلطته ومؤسساته بالعالم الثالث، ولما لا وأن العزة والانتصار والحضارة رهين الدول ذات الأبنية الديمقراطية الدستورية ولا شيء سواها، وأن الفقر رهين الدول غير الديمقراطية وغير الدستورية، وأن التخلف والتبعية حتى مع وجود فوائض الأموال رهين الدول المستبدة وشاهدوا دول الخليج وما هم فيه وما يصنع حكامهم من تبعية وخضوع وانبطاح لأمريكا.
قولا واحد الحل هو الإصلاح السياسي وبناء منظومة حكم راشد ودون ذلك لا جديد.
تعلموا درس الحياة العزيزة والحضارة والمجد بين الأمم والذي مؤداه نظام حكم راشد دستوري ديمقراطي، حياة نيابية سليمة طريق النجاة والعزة للحاكم قبل المواطن.
مطلوب مجلس نيابي حقيقي لا استنساخ مجلس مُصطنع للسلطة حتى ننجوا.




