الهام فايد تكتب.. الأب الغائب: جرح في قلب ابنته

تعتبر تربية الابناء عملية شاملة تتطلب رعاية واهتماما خاصا من الوالدين لضمان نموهن السليم وتطورهن كشخصيات مستقلة وواثقة، خاصة تربية البنات، حيث يجب أن يركز الآباء على بناء علاقة قوية مع بناتهم قائمة على الثقة والحوار، وتشجيعهن على التعبير عن مشاعرهن وآرائهن، كما يجب أن يتم تعليمهن القيم والأخلاق الحميدة، وتدريبهن على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية.
نعلم جيدنا ان مسؤولية الأب في تربية البنات تشمل توفير الأمان والحب، وتوجيه سلوكها، وتنميتها لتكون امرأة قوية ومستقلة، ويجب على الأب أن يكون قدوة حسنة لابنته، ويدعمها في تحقيق أهدافها، ويعلمها كيفية بناء علاقات صحية وناجحة.
فى حالات كثيره يغيب الاب عن المنزل بسبب ظروف العمل او السفر او لاى سبب اخر، لكن يؤدى دوره على الوجه الاكمل وكأنه يعيش كل تفاصيل حياة أبنائه مهتم بامرهم، مما يجعلهم يشعرون بالامان والحب والمشاعر النبيلة، لان الابناء وخاصة البنات تشعر بان صوت ابيها فى البيت وكأنه يعيش كل لحظة فى معيتها ، فلم يترك فرصة للفقد ومدرك إحساسه بالأبوه ومدى مسؤوليته تجاه قطعة من قلبه وهنا يكون الاب بمثابة الغائب الحاضر.
وهناك أيضا أب أخر مغترب لغته مع ابنته لغة الفلوس والمادة والاحتياج وكإن دوره ينتهى هنا، متناسيا الاهتمام والمتابعة والدعم النفسى لابنته، أما الكارثة الكبرى تكمن فى وجود الأب الحاضر الغائب الذي ليس له وجود ولاتاثير ولا احتواء حتى الاهتمام غير موجود.
أن تأثير الأب في حياة الأنثى يتجاوز الماديات والتربية، ليشكل جوهر علاقتها بذاتها وبالعالم. حين يغيب الأب أو لا يؤدي دوره العاطفي، تدخل الطفلة ” دون وعي” في رحلة بحث طويلة عن أمان خارجي، يتمثل في علاقات متكررة أو تعلق عاطفي زائد بحثًا عن السند الذي لم تجده في بيتها.
دعونا نتسائل لماذا تتجه البنات فى بداية ربيع عمرها للوقوع فى حب رجل فوق الخمسين أو الستين عاما ؟
والإجابة بكل بساطة ووضوح، بسبب فقدان حب وحنان الأب، فراحت البنت تبحث على من يعوض هذا الفقدان والاحتياج، فاحيانا تعشق الفتيات الرجل المتقدم بالعمر بسبب عقدة بداخلها منذ الصغر، تكونت نتيجة لفقدان احتواء الأب، أو تعرضها للعنف منه، فحينما تكبر تحتاج إلى دور الأب فى حياتها الأمر الذى يجعلها تميل إلى الرجال المتقدمين فى العمر لتجد بهم ما افتقدته منذ طفولتها.
قد لا يدرك كثيرون أن أول علاقة حب في حياة الأنثى تبدأ من عيني والدها، ومن دفء صوته، ومن حضوره الحاني أو غيابه المؤلم. فالأب ليس مجرد وجود مادي، بل هو المرآة الأولى التي ترى فيها الطفلة قيمتها، وانعكاسها الأول على العالم. حين يحتضنها، يمنحها الأمان، وحين يراها قوية، تصدق أنها كذلك




