انتحار ضابط بوحدة «جفعاتي» إثر ضغوط نفسية حادة بعد معارك غزة تحديد جهة التقاضي للجرائم المرتكبة بالخارج أمام محاكم القاهرة وعابدين وزير الأمن الداخلي تمنع مواطني 30 دولة من دخول أمريكا وتقلص مدة صلاحية تصاريح العمل للمهاجرين النقل تحتفل بمراسم تقطيع صلب البدن لبدء بناء سفينتين جديدتين من طراز كامسارماكس في ترسانة هانتونج بالصين التضامن تشارك في ورشة عمل الإسكوا وجامعة الدول العربية بعمان حول " الفقر متعدد الأبعاد في الدول العربية. موقف الأهلى والزمالك بجدول ترتيب دورى محترفى اليد قبل قمة اليوم تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة في بداية تعاملات البورصة العالمية حقيقة "المنطقة الاقتصادية" في جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل حلا ينهي التهديدات الأمنية مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن "الوطنية للانتخابات": تسليم وكلاء المرشحين نسخة من محاضر الفرز العددي باللجان الفرعية والعامة

د. أماني فؤاد ‏تكتب.. أسماك كالتي أغرقتنا

‏ كنا كلَّما شعرنا بالجوع أنا وإخوتي؛ تمد يدها في البحر، تلتقط سمكة كبيرة، وتطعمنا ‏جميعًا، حين سألتها كيف تأتيك هكذا الأسماك؟ أتنادين عليها؟ قالت: الله هو الرزاق، ‏يأتون طواعية.‏
حين مرضتْ أمي؛ لجأتُ للمياه نفْسها، لأيام لم ألتقط إلا صرخات معدتي وإخوتي، ‏استعرتُ يدها بعروقها النافرة، التي تنبض بإيقاع عميق، ببشرتها الشفافة الملساء، وردَّدتُ ‏ذات الكلمات التي همسَت بها في أُذني؛ فخرجت سمكة كبيرة، من حولها تقافزت أسماك ‏كثيرة ملوَّنة، امتلأتْ بها ردهة البيت الجانبية، هرولت إليها، فقالت: الله هو الرزاق.‏
حكى أخي الصغير: إنه رأَى في أحلامه أسماكًا – كالتي أغرقَتْنا – تخطو على جسد ‏أمي، كانت تعبُرها كل يوم كما يمشي قِطُّه الأبيض على جسده، المرأة التي كانت تمد ‏نظرها لليل فينسال بعضه بأصابعها؛ لتكتحل به.‏
لم يعد أبي منذ سبْع سنوات، تحطمت سفينته الصغيرة، بعض حروف من اسمه فقط ‏تناثرت على الشاطئ، كان قد رسَمها على ألواح مركبه. لم تبكِ أمي، وقفت أمام البحر ‏وحيدة بعد أن أمرتني وإخوتي بالعودة، بدت كصنم، لساعات شاخصة نحو السماء، ثم ‏بدأت تشير للبحر، تئن بوجع، وكلما تهاوت فوق الرمال؛ قامت ثانية، رأيتها تطوِّح ‏طرحتها، أو ربما ألسنة من نيران بيضاء، نفذ صراخها من طبقات الغيب، لوهلة رأيتها ‏تقف أعلى حواف الأمواج، تصعد فوق السحاب، لنداءاتها اقشعرت الأعالي، فارتد صوت ‏هائل يدوي كرياح هوجاء. ‏
في الليالي المقمرة، كانت المرأة التي لم تذرف الدموع، توقد النيران على الشاطئ، ‏وتستنهض ألسنتها بنجواها، في أحد مرات عودتها، رأيت الأمواج تحث الخطو وراءها، ‏تتضرَّع أن تكُفَّ طقوسها، طقوسها التي لا تكابدها إلا امرأة انشَقَّ لوجعها صدر السماء. ‏
على فِراش النهاية، أمرَتني أن أوقد النيران ورمت فوق رأسي بغلالة تضوي، وحين ‏انشغلت بالنبض الذي سرى بعروقي، ألحَّت: “افعلي”، رأينا وجه أبي متوهجًا، تنعكس ‏عليه حمرة النيران، سرَى باتجاهها، قبَّلها، حوْلهما تقافزت مئات الأسماك الصغيرة ‏الملوَّنة، أمسك بيديها؛ فتبدَّدا. ‏
حتى هذه اللحظة – منذ عشْر سنوات – لم تزل يد أمي الشفافة الملساء، وكلماتها – ‏التي أسرَّت بها إليَّ – تطعمنا الأسماك.‏
في الليالي المقمرة، حين أُوقد النيران؛ كانت سفينة أبي الصغيرة تلوح فوق الأمواج، لم ‏أعد أراهما، لكن الأسماك الصغيرة الملونة كانت – كلَّما غفوت – تخطو فوق جسدي، ‏وحروف اسم أبي، ونجمتين تتلألآن بعيني أمي، كانتا تتجددان كل مساء. والريح الهادر ‏الذي انكسر في مواجهة المرأة، التي ارتعشت لأنينها أذن السماء. ‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!