5 آلاف مولود جديد اليوم ..الزيادة السكانية تشعل أزمة الفقر المائي في مصر

ما بين عشية وضحاها.. زاد عدد سكان مصر 5 آلاف و156 مواطنًا جديدًا، بعد أن أعلنت أرقام الساعة السكانية في مصر، وصول عدد السكان إلى 104 ملايين و317 ألفا و836 مواطنا، في تمام العاشرة والربع من صباح اليوم الاثنين 12 ديسمبر 2022

قبل يوم واحد، وفي تمام السابعة و54 دقيقة من صباح أمس الأحد الموافق 11 ديسمبر 2022، أشارت أرقام ذات الساعة إلى أن عدد سكان مصر وصل 104 ملايين و312 ألفا و680 مواطنا

زيادة 5 آلاف و156 مواطنا جديدا، وضعت على عاتق الدولة من بين أمور كثيرة لازمة لرعايتهم، ضرورة توفير 5 ملايين و156 ألف متر مكعب “إضافية” من المياه سنويا، توفر لهم حد الفقر المائي المقرر عالميا بـ 1000 م3 سنويا للفرد، وهو أمر ليس متاحا!

يونيسيف: الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر شحًا في المياه بالعالم تيد شيبان، المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أكد أن المنطقة هي أكثر مناطق العالم شحاً في المياه، لافتا إلى وجود 10 دول بها هي الأكثر إجهادا مائيا في العالم

وأضاف تيد شيبان، خلال كلمته أمام الاجتماع رفيع المستوى ضمن فعاليات الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوزاري العربي للمياه، في 17 نوفمبر 2021، أن 9 من بين 10 أطفال في المنطقة يعيشون في أماكن تعاني من إجهاد مائي مرتفع أو مرتفع جدًا

تعقيدات توفير المياه بالدلائل والأرقام، الدولة المصرية لن تتمكن من توفير موارد مائية جديدة، فليس لديها سوى مورد واحد رئيس، هو نهر النيل، تعتمد على مياهه -التي تنبع من خارج حدودها- بنسبة 97%، لتلبية احتياجات جميع القطاعات المستهلكة للمياه (زراعة – صناعة – مياه الشرب)

وسيزداد الأمر تعقيدا، مع إدراك ثبات حصة مصر المائية من مياه النيل، منذ أن كان عدد سكانها -تقريبا- يبلغ نحو 20 مليون نسمة، ومنذ ذلك الحين، يتقاسم المواليد الجدد نفس الحصة المائية المقدرة بـ 55.5 مليار م3 سنويا

موارد مصر المائية تقترب موارد مصر المائية من نحو 60 مليار متر مكعب تقريبا (بزيادة أو نقصان طفيف حول هذا الرقم)، 97% منها يأتي من نهر النيل، والـ3% الباقية توفرها مياه الأمطار “الشحيحة” مع بعض من المياه الجوفية “غير المتجددة”

انخفاض نصيب الفرد من المياه ووفقا لهذه المعطيات، فقد أدت زيادة أعداد السكان بعد ميلاد 5 آلاف و156 مواطنا، إلى انخفاض نصيب الفرد في مصر من مياه النيل، إلى 532 مترا مكعبا سنويا، حيث تقترب هذه الكمية بسرعة من منتصف حد الفقر المائي المقدر بـ 1000 متر مكعب سنويا، وهي في تناقص مستمر، مع زيادة سكانية متنامية، حيث لا توجد موارد مائية إضافية يمكنها تلبية احتياجات المواليد الجدد، لاسيما وإن أضفنا إلى المعطيات السابقة أن مصر مصنفة على أنها واحدة من أكثر دول العالم جفافا

بتقرير رسمي.. مصر تدخل عصر الشح المائي تقرير التنمية البشرية في مصر لعام 2021، أكد أن متوسط نصيب الفرد من جميع موارد المياه العذبة الممكنة سينخفض بمرور الوقت نتيجة للنمو السكاني، ومحدودية الموارد، وتغيّر المناخ

وأشار التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى دخول مصر فعليًا مرحلة الشحّ المائي، ما يعني تزايد الحاجة إلى استخدام موارد المياه غير التقليدية، مثل مياه الصرف الزراعي المعاد تدويرها، ومياه الصرف الصحي المعالجة، ومياه البحر المحلاة، ويتطلب ذلك رفع الوعي العام وتبني تدابير وأنظمة بيئية صارمة للغاية؛ للحفاظ على الحد الأدنى من معايير جودة المياه

ووفقا للتقرير، فقد بلغ نصيب الفرد المصري من المياه في عام 2018 نحو 585 مترا مكعبا سنويا، متوقعا انخفاضه إلى 444 مترا مكعبا سنويا بحلول 2030، و303 أمتار مكعبة بحلول 2050

تحديات أخرى في معادلة إدارة المياه تدخل إلى معادلة إدارة المياه في مصر مع الزيادة السكانية، تحديات أخرى، منها إنشاء مشروعات ضخمة في منابع النيل، وأحداث متطرفة ناتجة عن تغيرات مناخية نعاني من أثارها، تؤثر على الموارد المائية المتاحة، تستلزم إجراءات عاجلة للحد من تأثيراتها، باتخاذ إجراءات للتكيف مع هذه الأثار، والتخفيف من حدتها

جهود إدارة المياه مع زيادة عدد السكان على الأرض تبذل الدولة جهودا ضخمة، بإقامة مشروعات قومية عملاقة، للاستفادة من كل نقطة مياه، فضلا عن اتخاذ إجراءات صارمة للاستخدام الرشيد للمياه، وتحقيق أعلى عائد من وحدة المياه؛ لتحقيق أقصى إنتاجية باستخدام أقل كمية من المياه

وزارة الموارد المائية والري، الجهة المسئولة عن إدارة المياه، يقع على عاتقها حمل ثقيل ناتج عن صعوبة الوضع، والتزام بتحقيق اتزان الميزان المائي، لتوفير مصدر الحياة إلى جميع القطاعات المستهلكة للمياه

إجراءات المواجهة الخطة القومية للموارد المائية وزير الري السابق، الدكتور محمد عبدالعاطي، أكد في أبريل 2022، خلال مشاركته في “أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، أن “مصر تقترب من حد الندرة المائية”، لافتا إلى وضع الدولة المصرية خطة قومية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037، باستثمارات بلغت 50 مليار دولار، ومن المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، لمواجهة التحديات المائية

التوسع في تحلية مياه البحر واحدة من إجراءات مواجهة الأزمة، وضع خطة استراتيجية للتوسّع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر؛ لتوفير احتياجات مياه الشرب، مُقسَّمة إلى 6 خطط خمسية، تمتد من عام 2020 وحتى عام 2050، لتوفير طاقة إجمالية مقدرة بـ6.4 مليون م 3/يوم بتكلفة إجمالية مُتوَقَّعة 134 مليار جنيه

ووفقا للخطة الخمسية الأولى المعنية بالتحلية (2020 – 2025)،سيتم إنشاء محطات تحلية بطاقة إجمالية 2.866 مليون م 3/يوم؛ لخدمة مواطني محافظات (مطروح البحر الأحمر جنوب سيناء الإسماعيلية بورسعيد السويس الدقهلية كفر الشيخ البحيرة)

إعادة استخدام مياه.. والصرف الزراعي مصدر جديد إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، بعد معالجتها، محور أخر ضمن الخطة القومية لإدارة الموارد المائية، وتنظر إليه الخطة باعتباره مصدر جديد للمياه يجب الحفاظ عليه من الإهدار، حيث أقامت الدولة في سبيل تحقيق ذلك الهدف محطة بحر البقر العملاقة؛ لمعالجة مياه الصرف الزراعي، والاعتماد عليها في استصلاح أراض جديدة في سيناء، وتجري إقامة محطة عملاقة أخرى، لمعالجة مياه الصرف الزراعي لمصارف غرب الدلتا في مدينة الحمام، والتي ستسخدم مياهها في استصلاح أراضي جديدة في غرب الدلتا

إلى ذلك، تعمل وزارة الري على إعادة استخدام المياه المتاحة في مصر نحو 4 مرات، محققة بذلك أعلى كفاءة في أفريقيا والشرق الأوسط في إعادة استخدام المياه، بحسب تصريحات لوزير الري السابق

ترشيد استخدام المياه محور أخر تضمنته الخطة القومية لإدارة الموارد المائية، وهو الترشيد، وتبذل وزارة الري العديد من الجهود لتحقيق عنصر الاستخدام الرشيد للمياه، بتنفيذ عمليات تبطين للترع المتعبة في جميع محافظات الجمهورية، ما يساعد على عدم استبحار الترع، أو تسرب مياهها، فضلا عن إصدار قرار مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بخفض مساحات المحاصيل الشرهة للمياه، وتحديد مقنن مائي خاص بها، ومراقبة الالتزام بزراعة المساحات المعلن عنها لهذه المحاصيل

كما تنفذ حملات لحث المزارعين على تحويل نظم الري التقليدية إلى نظم حديثة، تستهلك كميات أقل من المياه والأسمدة والبذور، وتحقق عائدا أعلى في الإنتاجية، تحقق ربحية للمزارع، وتدفع وزارة الري في هذا الاتجاه، من خلال تنظيم المسابقة القومية لترشيد استخدام مياه الري “حافظ عليها تلاقيها”، وتكرم المزارعين أصحاب الممارسات الجيدة في استخدام نظم الري خلال فعاليات أسبوع القاهرة الخامس للمياه

أهمية التوعية ويضاف إلى تلك الجهود تنفيذ حملات توعوية تجوب القرى والمدن، المدارس ومراكز الشباب، بيوت العبادة، تستهدف الشباب والأطفال النساء والرجال، لعلها تجد في توعية المواطنين سبيل لتخفيض استهلاك المياه

نعم التحدي كبير، تبذل فيه الدولة جهودا مضنية لتوفير سبل العيش الآمن للمواطنين، إلا أنه دون وعي المواطنين بخطورة الزيادة السكانية، وتأثيراتها على مواردنا الحياتية، لن تؤت هذه الجهود ثماره

5 آلاف مولود ينضمون إلى الفقراء مائيًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار