أحمد فوزي سالم يكتب : لماذا الديمقراطية هي الحل الأفضل للاقتصاد؟

واحد من أهم أسباب رفض الكثير من القوى السياسية، والنخب الفكرية والعلمانية تحديدًا، الانحياز لبناء ديمقراطية سليمة في مصر «الاقتصاد»، الخوف على الإصلاحات التي تمت في الفترات الماضية، وكان يجب من الأساس القيام بها منذ عقود مضت.

هناك تفهم كبير وصادق للمخاوف الراهنة، وهي حقيقية ولاجدال فيها، ولكن لماذا يجب البدء في تعزيز المسار الديمقراطي اليوم قبل الغد ؟

بداية يجب القول أن الديمقراطية لا تسهل بالضرورة الرخاء، وإن كان الرخاء بالضرورة هو أحد المزايا التي لاتقدر بثمن للديمقراطية، بشرط اتباع آلياتها الصحيحة، وبالتالي هناك ضرورة ملحة لعدم الارتكان، إلى معدلات النمو والإصلاحات التي تمت خلال الفترات الماضية في مصر، فبعض البلدان التي سلكت مسارات أعاقت تطبيقات الديمقراطية، مثل الهند والفلبين، ضعفت اقتصاديًا خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب تراجع مؤشر الحريات.

على المدى الطويل، تقول تجارب الدول، أن الديمقراطيات تزدهر عموما، وليس من قبيل الصدفة أن تكون البلدان التي وصلت إلى أعلى مستوى من الأداء الاقتصادي عبر الأجيال كلها كانت ديمقراطيات مستقرة.

بعض القوى السياسية الحالية التي ترفض المسار الديمقراطي الصحيح، وربما ترى في النموذج الروسي وديمقراطيته الموجهة، الحل الأمثل لإشكاليات مجتمعنا، وتعطل ولو بالنصيحة لمراكز صنع القرار أي منحى ديمقراطي يتمناه الشارع السياسي، لا يعرفون أن الاتحاد السوفيتي بكل قوته الخرافية، كان ناتجه القومي الإجمالي، يتخطى نمو الولايات المتحدة يوما ما .. ولكن ماذا حدث !

لم يستطع السوفييت الحفاظ على نموهم الاقتصادي السريع، وتسببت إخفاقاتهم الاقتصادية في النهاية، في تفكك القطب الثاني للعالم، في خضم اضطرابات سياسية واقتصادية معروفة ولاتكفي هذه المساحة ولا سياق الموضوع للخوض فيها.

ونفس الأسباب التي قوضت الاتحاد السوفيتي، يرى معظم الخبراء أن الصين لايمكن أن تواصل توسعها الاقتصادي وهي تغلق باب الحريات على مواطنيها، وتضعهم في منطقة مظلمة من العالم الحر، وبالتالي ضغوط ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي التي تسعى إليها بسرعة الصاروخ، ستؤدي إلى تفتت سياسي في البلاد، سواء قرب الميعاد أو قصر.

الحريات الاقتصادية، هي دليل معظم الاقتصادات الرائدة في العالم، من الولايات المتحدة، إلى اليابان، ومن النمور الأسيوية، إلى أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي روشته واضحة لكل من يريد التقدم، فلم يعد معقولا في عالم اليوم، أن يقدم رجال المال والأعمال من جميع الجنسيات، على استثمارات طويلة الأجل، إلا عندما يكون لديهم ثقة ويقين من عدم مصادرة استثماراتهم تحت أي ظرف.

الديمقراطية ضمانة للملكية الخاصة، وضمان لاحترامها، أمام قضاء يقدس الحقوق الفردية، وبالتالي الشروط اللازمة لتحقيق أقصى قدر من التنمية الاقتصادية، هي بالضبط نفس الشروط اللازمة لديمقراطية دائمة !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار