محمد عز الدين يكتب..الإعلام والسلطة
في الثامن من يونيو ١٩٦٧، خرج علينا كاريكاتير يسخر من موشي ديان (رجل يمسك بمبيد حشري ويوقع طائرات الكيان الصهيوني كالذباب)! داعما للبيانات الصادرة من إذاعة “صوت العرب”، ليضحك المؤمنون ويهللون! قبل ساعات من الصدمة الكبرى؛ حين خرج رئيس الجمهورية آنذاك، بخطاب تنحيه الأشهر! ليعم الصمت والضجيج معا، في أنحاء مصر.
كان الإعلام الوطني -الحكومي- هو البطل في هذه الأيام، واستطاع أن يخدع أغلب الشعب، ويؤكد على أننا ننتصر! بل ونقترب من اجتياح تل أبيب! ولم ينجح في تجنب خدعتهم إلا الكافرون، مستمعو الإذاعات الأجنبية، التي كانت تخبرهم الحقيقة! لا الشعارات الكاذبة.
الآن في ظل التطور والعولمة، صار الإعلام البديل منصات التواصل الاجتماعي، هو المنفذ الوحيد لمن أراد المعلومة الكاملة، ولا اقصد هنا بتتبع مصدر واحد، بل جمع المعلومات وتطبيق المقارنة، للوصول إلى الحقيقة! أو أكبر قدر منها! وهذا ما وجدته الأنظمة المسيطرة، خطرا أكيد يهدد سطوتها! -ولنا في ثورة الخامس والعشرين من يناير أكبر مثال- ومن ثم ارتدت المعركة زيها الجديد؛ اللجان الإلكترونية! تلك الحسابات الوهمية، وكتائب القائمين عليها، الذين تعلموا الدرس، ولم ينصاعوا لفكرة (التطبيل) فقط! بل تخوين من يخالف التوجيهات، ومن يبحث عن صلاح ورفعة الدولة، في معارضة النظام، ويسلط الضوء على رزائله وخطاياه!
ولا أعني بحديثي أن الإعلام الحكومي هو المتهم الوحيد، ولا أن الإعلام الخاص لا يُوجَّه هو الآخر، لكن المهني منه يعمل من دون غطاء يمنحه القدسية والمناعة! فإن وجِدَت فقد مصداقيته وصار خادما لأحدهم أو لنظام ما، لذا فإن علينا -كمجتمع مدني غير مدجّن- أن نرفع من وعي الناس، بأهمية تقصي الحقائق، والاستماع للجميع بموضوعية، ومن ثم المقارنة بينهم، لوضع رؤية واضحة للأمور، فالأقمار والقنوات الفضائية المفتوحة كُثر -موجهة وغير موجهة- وصفحات التواصل الاجتماعي المتخصصة في تفنيد الحقائق، زادت وانتشرت، مهما واجهوها بالعنف والترهيب، والمخلصون من أبناء هذه الأرض الطاهرة، لا يسعون إلا لنهضتها وعمارها ورخاء شعبها الطيب.
الكفر والإيمان بالأنظمة الحاكمة، هو أمر طبيعي وحق أصيل للمواطن في أي دولة -تقوم على المؤسسات لا الأفراد- في العالم! وحرية الرأي والتعبير أمر إيجابي لا جدال فيه! لكن في الدول الأخرى حيث الفقر والمعاناة! هو خيانة وعمل تخريبي ضد الدولة! والسلاح الأول لأي نظام يريد السيطرة على عقول البسطاء من أهل جلدته، هو الإعلام! وما أكثر كلمات الحق، التي يراد بها باطل!