د/ أحمد حسين يكتب .. من طارق شوقي لـ محمد عبد للطيف تدوير للواقع وتغييب للإصلاح وإهدار لفرص نجاة الوطن
طالعنا مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأسبوعي ببيان قدمه وزير التربية التعليم يقدم عرضا لما يسمى بنظام شهادة البكالوريا المصرية ” بديل الثانوية العامة” والذي قال الوزير أنه من المقرر تطبيقه على طلاب الصف الأول الثانوي العام المقبل بدون سابق انذار، وبدون بنية عمل دستورية قانونية مؤسسية ومهنية وسياسية مجتمعية، لأنه من المفارقات المضحكات ولكن مضحكات كالبكاء أن تقدم هذه الرؤية لتغيير الثانوية العامة بعد اصدار القانون رقم 163 لسنة 2024 بانشاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار والمصدق عليه بتاريخ 8/12/2024 والذي قدمته السلطة كرؤية لإصلاح التعليم بجلسات الحوار الوطني والذي رفضته في حينه كممثل لحزب الدستور ا وللحركة المدنية وقوى المعارضة السياسية، وقدمت حينها رؤية متكاملة لإصلاح التعليم جوهرها تحقيق اراداة سياسية حقيقية لتقديم تعليم متميز ومجاني للجميع.
ومع رفض مشروع القانون في حينه من قوى المعارضة إلا أن الحكومة أصرت أن هذا المشروع بقانون للمجلس سيكون آلية من آليات اصلاح التعليم ، لأنه سيكون المسؤل مؤسسيا عن سياسات التعليم، وينص القانون المنظم للمجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار في مادته الثانية على أن : ” يهدف المجلس إلى وضع السياسات العليا للدولة في مجال التعليم بكافة أنواعه، وجميع مراحله وتحقيق التكامل بينها، والإشراف على تنفيذها، بهدف النهوض بالتعليم وتطوير مخرجاته بما يتوافق مع الأهداف القومية للدولة ومتطلبات سوق العمل المحلي والدولي، كما يهدف إلى وضع السياسات العليا للدولة في مجال البحث والابتكار…”.
و سؤلي هنا؛ سؤال الدولة، سؤال المؤسسية و بنية الدولة الدستورية والفصل بين السلطات : السيد رئيس مجلس الوزراء هذا المجلس الذي قدمتم مشروعة لاصلاح التعليم بالحوار الوطني ولم تتراجعوا عنه مجلسكم الإصلاحي هذا أين هو من هذه البكالوريا؟ والسؤال المهم : ألسنا في دولة مؤسسات؟ إذا لماذا لم تنتظر وزارة التربية والتعليم ومجلس الوزراء تشكيل المجلس الجديد والقيام بمهامه؟ أليس هذا المجلس الذي قدمته السلطة وتغنت به أنه سيطور التعليم وينقله نقله نوعية أخري! إذا سؤالي للحكومة أين مجلسكم من دورة وطبيعة عمله ؟ ولماذا لم تنتظروا ليباشر مهامه؟ وأخيرا أين دولة المؤسسات وبنيتها الدستورية من هذا ؟
للأسف هي غائبة، غابت المؤسسية وبنية الدولة وحضرت رؤية وزير جاء من ادارة مدارس بالتعليم الخاص قص من هنا ولزق من هناك وفقا لطبيعة مناهج هذا التعليم الذي ترتكز فلسفته على نشر الهوية الثقافية لطبية انتمائه وتحقيق الربح.. والذي لا يمثل سوا نسبة 10% من نسبة التعليم في مصر وقدمها كرؤية تغيير وتطوير للثانوية العامة ، وكأننا لسنا في دولة ، وبنية دستورية وتشريعية تنظم عملها وتحكم بنية عمل السلطة التفيذية ولا سيما في مجال بنية التعليم لما له من أهمية وجودية لهذا الوطن، لأنه طريق خلاص الوطن ونجاته حاضرا ومستقبلا ، هذا الخلاص والوجود والحاضر والمستقبل يترك لشخص وزيربكفائتة المهنية والأكاديمية المحدودة والقاصرة ليقدم رؤية لتغيير نظام الثانوية العامة بين عشية وضحاها ثم يرحل ويأتي غيره ليقدم رؤية وهكذا من تغييب لبنية عمل دولة المؤسسات بما يهدرالمال الوقت والجهد ، ويفقد الوطن فرص حقيقية لإصلاح التعليم وتحقيق التقدم.
أما فيما يتعلق بمضمون ما قدمه السيد وزير التربية والتعليم من مناهج وخطة عمل فإن دفع رسوم الامتحانات مخالف للدستور لأن الدستور ينص في مادة )(19) ” … التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها ، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية ” وجاء قانون التعليم 139 لسنة 1981 ليرسيخ تحقيق ذلك عبر نصه على حظر مطالبة التلاميذ برسوم مقابل ما يقدم لهم من خدمات تعليمية حيث نص في المادة الثالثة منه على أن : ” التعليم الجامعي حق لجميع المواطنيين في مدارس الدولة بالمجان، ولا يجوز مطالبة التلاميذ برسوم مقابل ما يقدم لهم من خدمات تعليمية أو تربوية..” والا متحانات أحد أهم الخدمات التعليمية، لأن الدولة تحقق تكافؤ الفرص بين مواطنيها في تقديم التعليم لهم ، السيد رئيس مجلس الوزراء هذا الدستور وذاك القانون أين أنتم منه؟ ولاسيما وأن الدكتور طارق شوقي تقدم بمشروع للثانوية العامة أحد بنوده شبيه بهذا ورفضته لجنة التعليم بمجلس الشيوخ لشبهة عدم الدستورية.
وفيما يتعلق أن تكون الثانوية العامة على سنتين وباتاحة الفرص لدخول الإمتحان أكثر من مرة ( التحسين)،، فهذا قد اختبر وجرب سابقا و للأسف لم ولن يقدم جديد فقد نفذ أيام د/ حسين كامل بهاء الدين وكان دخول الامتحان للتحسين بلا ماقبل ولم يحقق سوا الفشل، ولم يقدم سوا اثقال كاهل الأسرة بتكاليف غير مبررة، بالإضافة إلى الإرهاق البدني والنفسي للطلاب وأسرهم على مدار عامان والذي هو غير مبرر ولا يحقق تطوير للتعليم ولذلك تم الغائه ،إذا من حسين كامل.. لطارق شوقي.. لحديث اليوم.. لماذا نكرر تجارب الفشل؟ لمائا نضيع الوقت؟ الجهد؟ المال؟ لماذا نكررتجاربنا الفاشلة؟!
يا سادة إن تطوير وإصلاح الثانوية العامة هو عمل مؤسسي مكتمل الأركان ، بنية تشريعية منظمة، وبنية مالية محققة لنجاح العمل التعليمي، وبنية مؤسسية تروبوية وتعليمية ( معلم / مناهج / فصول دراسية / بنية لوجستية تعلمية/ معامل/ حجرات أنشطة / ادارة مدرسية/ بنية تكنولوجية) بنية متكاملة قدرة وفكر وعمل تحقق اصلاح وتطوير حقيقي لمرحلة الثانوية العامة ، أما أن يأتي الوزير وسابقه وسابقه ليختزل كل هذا في تغيير المناهج لعجزة عن تحقيق اصلاح حقيقي للتعليم لتغييب مرجعية تحققه الدستورية، ولغياب متطلبات كلفة تحققه المادية، ولعدم وجود إرادة سياسية حقيقية تتبنى التعليم أولوية سياسية للوطن، منهج من هنا ومنهج من هناك.. بمعزل عن تحقيق هذه البنية فلم ولن يحقق سوا المزيد من تضييع الفرص على الوطن للنجاة والتقدم.
يا سادة تطوير” الثانوية العامة ” بنية تعليمية متكاملة : مدرسة ، كلفة مادية، معلمين، كثافة طلابية، بنية لوجستية، بنية تكنولوجية، إدارة، فلسفة للتعليم، مناهج متطورة، منظومة تقييم وامتحان تحقق العدالة ، ترك كل هذا والحديث عن المناهج فقط بمعزل عن تطوير عناصر المنظومة التعليمية كاملة لم ولن يحقق أي تطوير للتعليم.
يا سادة التعليم مشروع وطن وأمة وليس رؤية وزير تتغير بتغير الوزير، مطلوب بنية دولة مؤسسية لبناء رؤية إصلاح حقيقي تحقق تعليم متميز ومجاني للجميع ودون ذلك نحن ندور في فلك تضييع الفرص على نجاة الوطن وحماية حاضرة وبناء مستقبله.
يا سادة المناورة بالإصلاح لن يجني منها الوطن سوا إهدار وتضيع فرص النجاة للوطن.