د. أحمد حسين يكتب… هنا دمشق.. الجيش العربي السوري. أين؟

لماذا وكيف..؟ أسئلة واجبة.
بين عشية وضحها وبعد صراع مرير بين الشعب السوري الذي تطلع للحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية في الحكم والمجال السياسي والعام، مع حاكم فرد مستبد مجرم ورِثت السلطلة اليه من مستبد أجرم وأفسد لتعيش سوريا نصف قرن خارج نطاق الزمن والإنسانية والحياة، لتتنفس الحرية أخيرا بعد صراع مرير بين شعب يتطلع للحياة الإنسانية وحاكم مستبد مجرم، سقط المستبد المجرم وهرب ، ولكن مع هروب السفاح وتداعي سلطته الفاسدة اختفي الجيش العربي السوري وتبخر من الوجود، عدة وعتاد وجنود وجيش كان من أكبر جيوش المنطقة وفي المواجهة مع عدو مغتصب للأرض على مدار نصف قرن اختفى هذا الجيش و تبخر ولم يعد له وجود حتى على خطوط المواجهة مع العدو تبخر واختفى، مما يوجب علينا أن نسأل لماذا هذا حدث ؟ كيف هذا حدث ؟ أسئلة صعبة ما بين لماذا وكيف نسألها لنجيب عليها من مرارة واقع ماحدث حتى نتعلم ونعرف ونعي الدرس لنحمي ونصون ونحفظ وطننا.
تُأسس الشعوب وتبني الجيوش لكي تحميها وتحمي مقدراتها وتصون وجودها وهذا هو مصدر المشروعية لأي جيش حماية الوطن ومقدراته، وصون وجود وحياة الشعوب، وبالتالي فإن الانتماء للجيوش الوطنية جندية لا ارتزاق، شرف لا تمايز، تضحية لا تسلط، فداء لا متاجرة، وطن لا سلطة، قيمة عظيمة لا يضاهيها أي قيمة جندية وشرف ووطن وشعب ، والجيش السوري بناه االسوريون ووفروا له العدة والعتاد من مالهم ومقدراتهم لكي يحمي الشعب السوري ويصون مقدراته ، هذا هو شرعية وجودة ومصدر حمايته، فقد هذه الشرعية وذاك الوجود عندما تحول لأداة في يد الحاكم المستبد، يوم تحول من حماية وصون إلى آداه تنتهك الشعب وتهدد مقدراته وتقتل أبنائه، وبدلا من توجيه سلاحه لصدر الأعداء ليسترد أرض الجولان المحتلة وجه سلاحه لصدر الشعب السوري خدمة لحاكم مستبد مجرم ، ولمصالح سلطة فاسدة، وساحقا مشروعية وجوده، هنا فقد مشروعيته، فقد قيمة وجوده الشعب وحمايته، فمصدر الوجود هو الشعب، ومصدر السقوط هو غياب الشعب، فالموجد الشعب، والصاحب الشعب، والحماية مصدر الشرعية هو حماية الشعب، ويوم تسقط تسقط الجيوش هذا ما يجب أن نتعلمه جميعا .
ومن ثم فإن هنا دمشق تقول أنه إذا كانت قوة الجيوش في قوة تسليحها وفي كثرة عددها وعتادها وفي تنوع وتطور قدرتها التكنولوجية والفنية ؛ فإن حفظ تماسكها وبقاؤها في الوجود مرهون بمشروعية وجودها وشرف عملها ووطنيتها، وهو أن تكون تحت الإرادة الشعبية للوطن لا سلطة الحاكم الفرد، وأن تحمي قضايا الوطن ومقدراته لا سلطة الحكم وإرادتها، وأن هذا هو شرعية الوجود والبقاء وجوهر التماسك للجيوش وحفظها من التدمير، وأن تدميرها في تغييب تلك المشروعية الوطنية عندها تسقط الجيوش، وهوماحدث في سوريا غابت شرعية وشرف الجيش السوري عندما وظف قوته تحت ارادة الحاكم المجرم لا الشعب السوري وارادته فسقط الجيش السوري وتبخر.
هذه اجابة ودرس لماذا هذا حدث؟ أما بالنسبة لإجابة كيف هذا حدث؟ فهو حدث على مدار نصف قرن من حكم فرد مستبد وظف مقدرات سوريا لكي تحقق مصالح المستبد المجرم أب وابن لا وطن باق وشعب حامي، بداية من افساد منظومة القبول للكليات العسكرية لتغيب قيمة المواطنة والكفاءة والوطنية الجامعة كحكم ومرجع للقبول، وحضور منظومة طائفية وتمايز طبقي مقييت يدمر ويفتت أي بنية وطنية عبرالتوريث الوظيفي للضباط لأبنائهم ، وعبر الواسطة لمحاسيب السلطة ، تقسيمة سلطوية وطائفية مقيتة للقبول وللترقي للهيمنة على القرار العسكري والتحكم في توجهه مما سيس القرار ليتحول من مشروعية الإرادة الشعبية الحماية والصون للشعب ولمقدراته لخدمة صاحب السلطة وحماية كرسية عندها فقد الجيش مشروعيته وسقط.
أضف إلي ذلك ادخال الجيش السوري وضباطة لمنظومة المكسب والربح عبر توليهم مناصب سياسية مدنية كهيمنة وجود وتمايز لا مواطنة ومكافأة خدمة السلطة لا عمل مؤسسي وطني ، وتوظيفه كمنظومة اقتصادية ربحية ترتزق من الوطن لا تُبنى لتحقق احتياجاته الجيوعسكرية، ولتعزز من قدراته التقنية، ولترسخ قدرته اللوجيستية وقت الحاجة ؛ عندها غُيبت القيمة العظيمة التي تصون الجيوش وتحفظ تماسكها – الجندية الشرف الوطن – الذي يضحي الجنود بدمائهم في سبيله ، لأنه لا يُضحى بالدم إلا في سبيل قيمة عظيمة ولا قيمة عظيمة ولا تضحية تكون إلا للوطن وطن نحبه ونجله فالدم غالي ونفيس ولا يضحى به إلا في سبيل الوطن وهذا شرف الجندية الوطن والوطنية ، عندها تكون التضحية فحينها يكون الوطن المرجع والتضحية، وحينها فقط يكون الجيش مصون ؛ أما إذا دخل فيها المناصب والمغانم المادية والمكاسب والصراع حولها تحولت الجندية والشرف إلى الارتزاق مرتزقة تقاتل من أجل مكاسب لاوطن وجندية وشرف، ارتزاق لا تضحية وفداء، طائفية مُقَسِمة ومُفتتة لا وطن جامع، وحينها تهون كل قيمة عظيمة وتسقط ويسقط معها الجيوش وهو ما حدث في سوريا أن تحول الجيش لمجموعة من المرتزقة لا الجنود فسقط المرتزقة وتبخر الجنود.
وبالتالي فإن هنا دمشق لماذا..؟ وكيف..؟ تفيد بأن تدمير البنية النفسية والاجتماعية للضباط والجنود عبر تغييب الجندية والشرف والوطن كحكم ومرجع لوجودهم ولتوجههم ولمنطلقات انتمائهم ، وتدمير الحاضنة الاجتماعية للجيش؛ الشعب مصدر الحماية ومصدر الشرعية، نهايتهم سقوط أي جيش وتدميره.
هنا دمشق : ماحدث في سوريا وأدي إلى تدمير وتبخر الجيش العربي السوري هو أن دمرت الحاضنة الاجتماعية والشرعية لوجود الجيش السوري ؛ الشعب مصدر الشرعية وصاحب التوجه وحكم الفعل والحماية فسقط الجيش السوري وتبخر.
هنا دمشق : ماحدث في سوريا وأدي إلى تدمير وتبخر الجيش العربي السوري هو أن تم تدمير البنية النفسية والاجتماعية للضباط والجنود عبر تغيب الجندية والشرف والوطن لجنود الجيش السوري كحكم ومرجع لوجودهم ولتوجههم ولمنطلقات انتمائهم فسقط الجيش السوري وتبخر.
هنا دمشق يا سادة تعلم وتعظ فهل من متعظ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار