بشري الإرياني تكتب: مصر ودروس النهوض من الأزمات والتحديات

مصر ليست مجرد وطن بل فكرة متجذرة في الوعي العربي كأنها نقطة التقاء بين التاريخ والحضارة، وبين الحلم والواقع، وبين القوة والمرونة حين ينظر إليها اليمني لا يراها بعيون الجغرافيا فحسب، بل بعيون القلب والتاريخ والمصير المشترك هي الأرض التي لم تتوقف عن كتابة وجودها بحروف من نور، تتعثر أحيانًا، لكنها لا تسقط، تُحاصر بالمحن، لكنها لا تستسلم، تهددها الأزمات، لكنها تخرج منها أكثر صلابة، مصر ليست مجرد بقعة على الخريطة، بل هي معادلة يصعب على الزمن حلها.

في الذاكرة اليمنية تظل مصر عنوانًا للريادة وقبلةً للحرية ومنارةً للوعي العربي لم تكن علاقتها باليمن مجرد صلات دبلوماسية، بل كانت يدًا تمتد وقت الحاجة، وصوتًا يرتفع حين يسكت الآخرون، ومصر اليوم في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تثبت أن جوهرها لم يتغير، وأن دورها لم يتراجع، بل ازداد وضوحًا وقوة.

عندما ينظر اليمني إلى مصر في زمن الرئيس السيسي، يرى دولةً تخوض معركتين في آنٍ واحد: معركة ضد الفوضى، ومعركة من أجل البناء في زمنٍ كاد العالم العربي أن ينهار تحت ضربات الانقسامات والمشاريع الهدامة، اختارت مصر أن تكون خط الدفاع الأخير و مدت يدها لكل من أراد الاستقرار.

لكن أعظم المعارك ليست التي تخاض في السياسة، بل تلك التي تُبنى فيها الأوطان من الداخل لم يكن الرئيس السيسي رجل شعارات، بل كان رجل أفعال وقف أمام تحديات تراكمت لعقود، لم يكتفِ بإصلاحها، بل قرر أن يعيد رسم مصر من جديد ، من مشروع قناة السويس الجديدة إلى العاصمة الإدارية التي ترمز لميلاد دولة حديثة، ومن مشروعات البنية التحتية التي أعادت الحياة إلى كل زاوية، إلى الإصلاحات الاقتصادية التي وضعت مصر على مسار الاستقرار، كانت رؤيته واضحة: مصر القوية ليست رفاهية، بل ضرورة تاريخية.

 

اليمني الذي يرى بلاده غارقة في صراعات لا تنتهي، يدرك أن ما فعله السيسي ليس مجرد إنجازات هندسية، بل هو إعادة تشكيل للدولة نفسها، الفيلسوف الألماني نيتشه قال يومًا: “الذي يمتلك سببًا ليعيش من أجله، يستطيع تحمل أي كيف” وهذا ما فعله الرئيس السيسي مع مصر، أعاد إليها سببًا للحياة، أعطاها مشروعًا تتوحد حوله، ورؤية تنظر بها إلى المستقبل بثقة.

السياسة في جوهرها ليست مجرد قرارات، بل هي فن إدارة المصير هناك من يقود دولته كمن يسير بها في بحر هائج، لا يعرف وجهته، ولا يدرك إلى أين تأخذه الرياح، وهناك من يدرك أن القيادة ليست مجرد سلطة بل مسؤولية أمام الأجيال القادمة الرئيس السيسي لم يكن فقط رئيسًا يدير الملفات اليومية، بل كان قائدًا يرسم مستقبلًا لا يتشكل بالعشوائية، بل بالتخطيط والإرادة.

إن معركة بناء الأوطان أصعب من أي حرب، لأن الحرب قد تحسمها البنادق، أما النهضة، فلا تقوم إلا على العقول والسواعد والرؤية مصر هي نموذج لدولة قررت ألا تكون رهينة للماضي، وألا تنتظر رحمة الحاضر، بل أن تصنع مستقبلها بنفسها وحين يرى اليمني هذا المشهد، فإنه لا ينظر إليه كمتفرج، بل كإنسان يبحث عن الدرس، عن الأمل، عن الإجابة للسؤال الذي يؤرق كل عربي: كيف يمكن أن ننتصر على الانهيار؟

يقول الفيلسوف الصيني لاو تزو: “رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.” وما فعله الرئيس السيسي هو أنه أخذ هذه الخطوة، في وقتٍ كان الآخرون يترددون، بنى حين كان الهدم أسهل، واجه حين كان الصمت أكثر أمانًا، اختار الطريق الصعب لأنه الطريق الصحيح، واليمن الذي يواجه تحدياته الخاصة، بحاجة إلى أن ينظر إلى هذه التجربة لا كحكاية مصرية، بل كرسالة لكل وطن عربي يريد أن ينهض من ركام أزماته.

مصر واليمن ليسا مجرد دولتين عربيتين، بل هما روح واحدة في جسدين ، وفي زمن تتغير فيه المعادلات، يظل الثابت الوحيد أن مصر القوية ليست فقط مكسبًا للمصريين، بل هي سند لكل عربي يبحث عن وطن مستقر، عن أمل لا يتلاشى، وعن مستقبل لا يُسرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار