احمد سمير يكتب.. لماذا يُحارب وزير التعليم؟! ولماذا يُحارب الشرفاء حين يتولّون المناصب؟

في بلد كمصر، حيث لا يزال الصراع محتدمًا بين الإصلاح والمصالح، وبين النزاهة وشبكات الفساد، لا يكون مستغربًا أن يُحارب كل من يسعى بصدق لإحداث تغيير حقيقي. وما يحدث مع الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل قديم يتكرر كلما اقترب أحدهم من “عش الدبابير”.
منذ توليه المنصب، واجه الوزير حملات تشويه منظمة وممنهجة. لكن السؤال الذي يستحق الطرح: لماذا يُهاجم؟ ما الجريمة التي ارتكبها؟!
1. لأنه أعاد للمدرسة هيبتها
المدرسة لم تعد مبنى مهجورًا، بل باتت مركزًا فعّالًا للتربية والتعليم والانضباط. الحضور والانصراف لم يعودا شكليين، والمعلّم لم يعد حارسًا على بوابة فارغة، بل عاد لدوره الطبيعي كقدوة ومربٍ. هذه الخطوة وحدها كانت كفيلة بإثارة من اعتادوا على استباحة المؤسسة التعليمية لمصالحهم.
2. لأنه يعيد للمعلم مكانته
حين طالب الوزير بأن يركّز المعلّم على تقييم طلابه لا على أرباح الدروس الخصوصية، اشتعلت جبهات عديدة. الوزير لم يكن في صراع مع المعلمين، بل كان في صراع مع من شوّهوا صورة التعليم وجعلوه تجارة لا رسالة.
3. لأنه أعاد للمدير كرامته
المدير لم يعد ذلك التابع لرضا هذا أو ذاك، بل أصبح “وزيرًا في مدرسته”، يتحمّل مسؤولية حقيقية، ويملك سلطة تُحترم. وهذا ما أزعج الكثير من أصحاب النفوذ الذين اعتادوا التدخل دون رادع.
4. لأنه بدأ فعليًا في إصلاح المناهج
الوزير لم يكتفِ بالحديث عن التطوير، بل بدأ خطوات فعلية بالتعاون مع جهات دولية موثوقة، لتحديث المناهج بما يتناسب مع متطلبات العصر، وتكوين عقل نقدي لدى الطلاب، لا مجرد ناقل للمعلومات. بحسب تقارير رسمية، تعمل الوزارة حاليًا مع منظمات مثل اليونسكو واليونيسف في إطار إصلاح المناهج
5. لأنه يعمل بجد من أجل دمج ذوي الهمم
الملف الذي طالما كان موضوعًا للاستعراض الإعلامي، وجد أخيرًا من يتعامل معه بجدية، عبر مبادرات ميدانية ومشروعات قائمة بالفعل، منها برامج دعم نفسية وتعليمية بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني.
6. لأنه لا يعرف المواءمات السياسية ولا المجاملات
الرجل يشتغل بما يمليه عليه ضميره، لا بما تفرضه التوازنات. وهذه وحدها كافية لتغضب “لوبيات” كثيرة داخل الوزارة وخارجها.
7. لأنه نزل إلى الميدان بنفسه
تفقد المدارس، وأيقظ المسؤولين من سباتهم، وفتح ملفات كان يُمنع الاقتراب منها، وهو ما أثار حفيظة مراكز قوى اعتادت أن تعمل في الظل بعيدًا عن المحاسبة.
8. لأنه زعزع استقرار المصالح القديمة
حين تتحرّك مراكز النفوذ، ويتغير ميزان المصالح، تشتعل المعارك. الوزير لم يسعَ لعداوة أحد، لكنه اختار أن يُنجز، فصنّفوه عدوًا.
ورغم كل ذلك، لا تزال فئة واسعة تراقب من بعيد، تُعوّم مواقفها، ولا تتدخل، إما خوفًا أو حفاظًا على مصالحها. لكن، تبقى الحقيقة واحدة: في بلد يريد أن ينهض، لا بد أن يُحمى الشرفاء لا أن يُحاربوا.
إن ما يتعرض له الدكتور محمد عبد اللطيف ليس سوى نموذج مكرر لما تعرّض له قبله كثير من المصلحين في مواقع السلطة، لمجرد أنهم قرروا أن يعملوا بإخلاص. ولعلّ الآية الكريمة التي تقول:
“إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ” [الحج: 38]، تختصر الموقف كله.