عزة صبحى تكتب: “برطعة” المدخنين

 يجول المدخن صانعا كيفا ،  فهو يتكيف بكيفه و يكيف من حوله بالقهر و الغصب ! فتراه مبرطعا بسيجارته يمينا و يسارا و أماما و خلفا و فى كل تجاه  تتخيله ..هو كائن غير متوقع يفاجئك و يبهرك بإبداعه فى طريقة تدخينه و حركة يده مع سيجارته ، ربما يسير أمامك  فتأمنه فينادى أحدهم من الخلف عليه فيستدير بكامل جسده  ، و بالطبع يده المعلقة فى الهواء يمينا تستدير معه فتصيبك لسوعة فجائية فى عينك أو خدك أو جبتهك

  فى عبقرية متناهية فى فن اللسوعة !.. تتألم  أنت حرقا و يعتذر هو لك بعادية مفرطة تؤلمك أكثر ، هو يستاء لما حدث ، يتأثر ربما ، و لكنه شوهك بالفعل .

.  هو ينزل يده داخل المحال و بها سيجارته  ظانا منه بفلسفته الخاصة  أن يده بالأسفل تبتعد عن الجميع فهو حريص على من حوله !

فيتفاجأ بشعلة سيجارته ترشق فى عين طفل صغير يجرى باحثا عن لعبة أو حلوى!

تحدث مشاجرة فيعتذر أيضا ..هو يتألم و لكنه حرق وجه ملائكى لا ذنب له من أجل أن يتكيف هو بسيجارته ! ..

 

 الكائن المدخن كائن لديه فرط فى الحركة .. تراه فى الشارع و كأن الشارع ملكا له .. أنت تتفادى سيجارة المدخن مثلما تتفادى  توكتوكا  هائجا …المدخن يبرطع فى أماكن العمل كما يحلو له .. لا يهمه مرضى صدر أو قلب .أو إنسان أيا كان !

هو يدخن و هدفه الوحيد هو ” النفخ” !

ينفخ ماذا و لماذا؟ إذا حاورت أحدهم سيقول لك أنفخ أحسن ما أطق!

أنفخ من الزهق!

أى حاجة أنفخ فيها يا بيه وخلاص!

و لكن أنت لا تنفخ فقط..أنت تنفخ فى عينى و هى ليست مطروفة!

 

المدخن فخور بسيجارته يحملها أينما ذهب و أينما جلس و ربما أينما نام أو دخل إلى الحمام!

يشعر أنه حرا طليقا فى كل مكان .. ويغضب منك نافخا فى وجهك إذا عبرت عن ضيقك أو إستيائك من دخانه الراشق فى رئتيك المسكينتين !

المدخنون يبرطعون فى الكافيهات المتخمة بالشيشات فممننوع عليك اصطحاب أطفالك داخل إحداها حتى لو كنت ستموت تعبا من مشوار ما و تحتاج لقسط من الراحة وبعض الشاى أو القهوة!

فى بعض وسائل المواصلات إذا كنت مسافرا يبرطع المدخن و خاصة إذا كان بجوار السائق الذى بالطبع هو مدخن فيغير مدخن من الخلف و يبدأ بالتدخين فيعترض آخر ، فيأمر السائق بإطفاء السيجارة فيعترض الراكب لأنه يريد التدخين مثله و السائق له موقف ثابت أنه بجوار الهواء و لا أحد يتساوى معه! ..و الضحية فى هذه المعركة بقية الركاب الغير مدخنين !

..المدرس المدخن   داخل الفصل يدخن أيضا مبرطعا عابثا بصدور التلاميذ و الطلاب “بسمه الهارى ” عفوا كيفما أراد و كيفما أشاء ! ..

عزيزى المدخن أنا أعشق فنك فى إختلاف طريقة تدخينك حينما تقلق و حينما تغضب و حينما تسحب نفسا عميقا وقت التفكير  فى أمر ما يشغلك  ! أنت حقا فنان و لكن دخانك يخيفنى لذلك أرجو منك :

إن كنت تسير فى الشارع أو إنتويت دخول مكان ما به مجموعة من البشر أو الأطفال و معك سيجارتك  عليك تركيب جهاز انذار للمارة ،   مثل السيارات فحينما ترفع يدك يعمل الإنذار قائلا: احترس يدى تصعد للأعلى ،

أو إحترس يدى تهبط للأسفل ..أو إحترس يدى تتجه يمينا الآن ..إحترس يدى تتجه لليسار و بهذا ربما  نأمن حركة يدك اللولبية اللوذعية المفاجئة المدهشة !

 وأعاننا الله على تفادى مخاطرك فى  مواقع أخرى و لك منا كل التقدير و المحبة و الصحة و الكيف  و التكيف بدون هذا السيجار اللعين،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار