د/أحمد حسين يكتب .. الأحزاب السياسية المدنية الديمقراطية الحقيقية

باب الخروج للوطن وسِكَّة سلامته
الأحزاب السياسية المدنية الديمقراطية الحقيقية هي بوتقة الأفكار المدنية الديمقراطية والأبنية المؤسسية المجتمعية للحوار وللنقاش ولترسيخ منظومة قيمية وطنية وإنسانية تؤسس لتماسك الأوطان وتقدمها وهي الأعمدة الرئيسية لبناء الدولة المتماسكة القادرة على الفعل وتحقيق الإرادة على مصاف التقدم والحضارة عبر صياغة البرامج والرؤى والسياسات والخطط وإفراز الكوادر والكفاءات… التى تدير الدولة وتبنى تقدمها وتعزز أليات الحكم الرشيد والتى هى فى حالة تطور وتقدم باستمرار لأنها قائمة على قيم مدنية إنسانية ديمقراطية ترسخ للتحاور الفكرى والبناء والبناء عليه والتنافس فى ظل التداول السلمى للسلطة بما يحقق المزيد من الكفاءة والتميز والجدارة فى منظومة الإدارة السياسية والعمل المؤسسى للدولة وبما يضيف كل يوم قوة لأبنية الدولة وللمستقبل، أدوار وبنى مؤسسية حقيقية تقود المجتمع لتنهض به على مستوى الحاضر والمستقبل والوجود القادر الفاعل بين الدول، بِنْيَة وبناء فكري وثقافي ومؤسسي راسخ وإدارة سياسية للدولة راشدة تتطور وتواكب أصعب التحديات وتحقق النجاح وغيابها تهديد للحاضر وتغييب للمستقبل، وبالتالي فإن الخطر الذى يتهدد وجود هذا الوطن ومستقبله ليس كونه يواجه تحديات خطيرة فكل الدول عبر وجودها تواجه تحديات وهذا حال الوجود وحال الدول، ولكن أشد ما يتهددنا من خطر هو عدم وجود قوى مدنية سياسية حقيقية نتاج افراز منظومة حزبية يؤسس لها ويبنيها المجتمع تدير الدولة وتواجه التحديات كدولة عبر افراز سياسي حقيقي يعبر عن المجتمع ومنظومة أبيته الحقيقة، وهذا فى رأيي أشد ما يتهدد هذا الوطن وأخطره، وإن لم تفتنع بكلامى فحديث الواقع المحيط يقنعك ويؤكد لك ذلك غياب تلك القوة ومحاربتها وافراغ المجتمع منها عند اللحظة الفارقة فى تاريخ محيطك الحاضر مزق الدول وأسقطها.
لأنه وبباسطة فى ظل غيابها ينمو افرازان كلاهما أشد خطرا على المجتمع، الإفراز الأول: تجمعات المنتفعين من السلطة والمنافقيين لها وأصحاب المصالح وعلى ضفاف كراسيها مهللة ومصفقة ومنافقة للسلطة لحساب المصلحة الشخصية والانتفاع لا الدولة ولا الوطن، والإفراز الثانى: الجماعات المؤدلجة للدين والمُترسمة به سياسيا للحكم وللسلطة بكل تفريعاتها وتلك الأشد والأخطرا على الوطن وأهلك، والافرازان الأول والثانى لا خير فيهم ولا مستقبل معهم وهم متوجدان ومترافقان ووجهان لعملة رديئة واحدة، الأول يغذى وجود الثانى بقيامه بتوظيف أدوات الهيمنة الخشنة على المجتمع وإفراغه من القوى المدنية المجتمعية الحقيقية وأفكارها الحضارية، والثاني يستغل فراغ الأفكار والرؤي وتوظيف تلك الأدوات الخشنة ليبرر تواجده وليرسخ أفكاره المؤدلجة والمتطرفة والمتعصبة والعنصرية وليتواجد بها وليهمن أيديولوجيا على المجتمع في ظل الفراغ الحادث على مستوى التنظيمات المدنية والفراغ الفكري الحادث، والعكس بالعكس وفى النهاية على المدى البعيد كل يوم تفقد الدولة مقوم من مقومات وجودها الحقيقي وعند اللحظة الحاسمة تفقد الدولة وجودها، لأنه لا يوجد ما يحميها من أبنية سياسية حقيقية تديرها كمنظومة سياسة ، ما يوجد افرازان منتفعان على أرضية الانتفاع لا الدولة ولا الوطن فالأول يمتلك مقومات الدولة ويوظف أدواتها الخشنة ليحقق الهيمنة والسيطرة على المجتمع وهي سيطرة خوف ورهبة تسقط بسقوط هذا الخوف وتلك الرهبة، والثاني يهيمن على المجتمع هيمنة أيديوليوجية تسيطر على فكر المجتمع وتوجهاته الحياتية والفكرية وذاك الأخطر لأنها تهيمن على عقل المجتمع وفؤاده بأفكار متطرفة وعنصرية وخارج نطاق الحاضر والبنى السياسية الحديثة وهي لا تنموا ولا تحدث إلا في ظل غياب قوى مدنية حقيقية مؤسسية تتواجد بمنظومة عمل وأفكار ينتمى إليها أفراد المجتمع ويدعموها قيم الدولة المدنية الحديثة التنوع والتعدد في ظل الاختلاف والتعايش المشترك الإنساني على أرضية المواطنة في الوطن، وحل الخلافات سلميا عبر آليات العمل الديمقراطي وعبر منظومة قيمه الإنسانية الراسخة التسامح وتعزيز الحوار والبناء على المشتركات والإيمان بالتعايش في ظل الاختلاف وحل الخلافات وفقا لتلك القيم وذاك البناء المدني والقيمي والمؤسسي الذي يحفظ الأوطان ويصون وجودها حاضر ومستقبلا.
وبالتالى فإن بناء نظام سياسى حقيقيى متوافق علية فى ظل أبنية حزبية نتاج افراز حقيقي للمجتمع يفتح أمامها المجال العام ليرسخ قيمه المدنية ومؤسساته الحزبية وأبنيتها الحقيقية تعمل فى بيئة دستورية تحترمها وتدعمها وتحميها تعبر عن التوجهات الفكرية المجتمعية وتنوعيتها الإنسانية والحضارية ، وتفعل المشاركة المجتمعية، وتبنى كوادر سياسية وطنية تبنى الوطن وتحمى أبنية الدولة وتأتى بالمستقبل عبر خطط وبرامج وسياسات تغير الواقع وتشبع الاحتياجات وتأخذ الحاضر إلي المستقبل والمستقبل إلي العظمة والمجد ، فى ظل تداول سلمى للسلطة، وفق احترام للدستور، وتعزيز لسيادة القانون، وإعلاء لقيمة المواطنة ودولة المؤسسات وآليات الحكم الرشيد، هذا ما يحمى الوطن مما يتهدده من أخطار, ولا شئ سواه، هذا ما يحمي الوطن وما يتهدده من أخطار ولا شيء سواه.
بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار