د / أحمد حسين يكتب… دولة سيادة القانون لا سلطة الجلسات العرفية.

.قولا واحد أنا ضد ما يُسما بالجلسات العرفية ويجب على الدولة عدم السماح بها وخصوصا وخاصة التي تتم بين المصريين مختلفي العقيدة ( مسلم ومسيحي) وحدوثها لا يليق بدولة مصر وتاريخها في البناء الدستوري والقانوني والتعليمي والحضاري
وفي البناء المجتمعي والتعايش المشترك، هذه الجلسات ما تحكم به بعيدا عن إجراءات العدالة القانونية الراسخة علميا ومؤسسيا، وهي من أدوات تخريب النسيج المجتمعي على المستوى البعيد.
قولا واحدا أنا مع دولة سيادة القانون على الجميع. الجميع مصريين. والعدالة تحاسب مصريين. لا مكان هنا للقول بمشكلة بين مسلم ومسيحي. القول مشكلة حدثت بين (س و ص) و (س و ص) هنا هم مصريين، والقضاء هو من يحاسب الجميع، لأن ببساطة تعزيز دولة سيادة القانون واحترامها بيخلق التوقع والرضا من قبل أفراد المجتمع.
والتوقع والرضا مفهومان متلازمان لبنية دولة سيادة القانون ولحفظ تماسك المجتمع وحماية بنية التعايش المشترك بين مواطنيه، وتحقيق السلام المجتمعي، والتوقع هنا مفاده أنني حينما أتعرض لاتهام لدي يقين راسخ أنه سيتم مقاضاتي ومحاسبتي في ضوء إجراءات عدالة مؤسسية علنية حيادية نزيهة صادقة تحاسب وتحاكم مواطن مصري. مصري فقط.
وهذا يخلق نوع من الرضا والقبول الفردي والمجتمعي لنتيجة المحاسبة والعقوبات الواقعة لأنها تمت في ضوء علنية و وحيادية ونزاهة وضمان حق تحقيق العدالة في ضوء إجراءات التقاضي من المتهم بما يصوت حقوقه ويحقق العدالة ، وهذا التوقع والقبول بيساهم في دعم تماسك النسيج المجتمعي ، لأنه يخلق القبول لهذه العدالة والرضا من أحكامها.
وهذا غير حادث في الجلسات العرفية وذلك لغياب المؤسسية والإلمام بقواعد القانون وفلسفته التشريعية والإنسانية، ولغياب معيار الحيادية لأن كل مُحٓكم قد أتى من بيئته وثقافته المجتمعية المحملة بعاداته وسلوكياته التي لا يحكمها إلا انحيازاته التي شكلتها تلك البيئة،أضف إلى ذلك أن أغلبية تلك اللجان تنحاز للفئات الأقوى في المجتمع ، وأخيرا
معيار الأحكام التي تصدرها قائمة على دفع المال والمال فقط، وهذا يسمح للفئات الغنية أن ترتكب الجرائم مرات عديدة لأنها تملك المال الذي يدفعه لكي ينجوا من العقاب القانوني وهذا هو عين الفساد المجتمعي وجوهره، لأنه يخلق نوع من أنواع التمييز المجتمعي تجاه من لا يملك المال، بعكس دولة القانون التي تقر العقاب على الجميع غني وفقير بوسائل عقابية متعددة ومتنوعة مما يشكل نوع من أنواع الردع حتى لا تتكرر الجرائم ويخشى المجرم العقاب الغني هنا قبل الفقير ، وبالتالي فدولة سيادة القانون هي الضمانة الوحيدة لمحاسبة المتهمين وهي الآلية الوحيدة التي تحوز الرضا والقبول المجتمعي لتمتعها بالمؤسسية ولكونها نتاج وبناء مؤسسي للشعوب عبر تجارب تاريخية أثبتت صدق فاعليتها في حماية الأوطان عبر تحقيق العدالة بين المواطنين.
إن تغيب دولة سيادة القانون يؤدي إلى تحلل بُنا المؤسسات وفساد بُنا المجتمع ، والتحلل المؤسسي والفساد المجتمعي يؤدي إلى سقوط الدولة وتفتيت المجتمع.




