الشارع في حالة ارتباك: يرفض المال السياسي.. لكنه يصوّت له!

في الشارع دلوقتي في حالة غريبة جدًا. الناس بتتكلم بغضب، وبتقول شعارات حلوة زي: “عايزين ناس تشتغل بجد”، “عايزين وجوه جديدة”، “مش عايزين فلوس تشترينا”، “كفاية فساد”.
لكن لما تيجي لحظة الجد — لحظة الانتخابات — نفس الناس دي بتصوّت للمرشح اللي معا فلوس أو اللي ليه نفوذ أو اللي متعودين عليه!
هو بيقول عايز التغيير.. لكن لما التغيير بيجي قدامه، بيرفضه أو بيخاف منه.
الموضوع ده مش بسيط، ولا ينفع يتقال عليه إن الناس “متناقضة” وخلاص، لأن اللي حاصل أعمق من كده.
الناس عايزة الصدق.. بس مش بتستحمله
الناس بتقول: “إحنا عايزين حد يتكلم بصراحة”. لكن أول ما يطلع مرشح يقول الحقيقة زي ما هي، أو يتكلم عن صعوبات الدولة وإمكانياتها، الناس تهاجمه وتقول “ده محبط.. ده مش عارف يحل!”.
كأننا عايزين الصراحة اللي على مزاجنا، مش الصراحة اللي بتوجع أو بتكشف الواقع.
فيه جزء من المجتمع لسه مش قادر يفرّق بين الكلام الحلو اللي بيطبطب، والكلام الصادق اللي بيبني.
هو عايز التغيير.. بس من غير ما يتعب
كتير من الناس شايفة إن الدولة لازم تحل كل حاجة لوحدها، والنواب هما اللي لازم يشتغلوا ويقدّموا كل الحلول.
لكن الحقيقة إن جزء كبير من التغيير محتاج مشاركة مجتمعية: إن الناس تساعد، تقترح، تشارك، تتطوّع، وتراقب.
لو ده حصل، النتايج هتكون أسرع وأوضح.
لكن طول ما الناس متفرجة، وبتكتفي بالكلام على الفيسبوك أو في القهوة، مش هنشوف فرق حقيقي.
ليه الشارع بيرفض اللي هو بيطلبه؟
اللي حاصل إن في حالة غضب عام، بس الغضب ده مش مترجم لتصرفات واضحة.
فيه فقدان ثقة في أي حد جديد، وفيه خوف من المجهول.
الناس تعبت من الوعود اللي ما اتنفذتش، فبقت بتخاف تجرب.
لكن في نفس الوقت، استمرار نفس الوجوه ونفس الأساليب بيخلي الغضب يزيد أكتر.
فندخل في دايرة مفرغة: لا إحنا راضيين باللي موجود، ولا قادرين ندي فرصة لبديل جديد.
الحقيقة إن المشكلة مش في الناس بس
أكيد فيه مسؤولية على الدولة وعلى النواب، لأن الناس محتاجة تشوف تجارب ناجحة صغيرة تديها أمل، وتخليها تصدق إن التغيير ممكن.
زي ما محتاجين قوانين تحمي المنافسة العادلة، وتفتح الباب قدام الشباب والوجوه الجديدة.
لكن كمان الناس لازم تبدأ تشارك بجد: تحضر اجتماعات، تسأل نوابها، تتابع المشروعات، وتتعلم إزاي تقيّم المرشح قبل ما تنتخبه.
الحل مش في الكلام.. الحل في المشاركة
إحنا مش محتاجين شعارات جديدة، إحنا محتاجين تصرفات جديدة.
لو كل دائرة بدأت تجربة صغيرة فيها مشاركة بين الناس ونوابهم، هنشوف فرق حقيقي.
لو كل واحد شارك بفكر أو وقت أو مجهود، البلد هتتغير فعلاً.
التغيير مش هينزل من السما، التغيير بيبدأ لما الشارع يقرر يشتغل مع الدولة مش ضدها، ويساعد بدل ما يكتفي باللوم.
في النهاية:
الناس عندها حق إنها تغضب، لكن الغضب من غير فعل بيضيع.
اللي بيحصل دلوقتي إننا عايزين كل حاجة من غير ما ندفع تمنها:
عايزين الصدق.. بس ما نتحملوش،
عايزين التغيير.. بس نخاف منه،
عايزين وجوه جديدة.. بس ننتخب القديمة.
ولحد ما المعادلة دي تتغير، هنفضل نلف في نفس الدائرة




