د/ أحمد حسين يكتب …الإنتخابات حديث الراهن و الحديث الأهم

الراهن الكل يتحدث عن الانتخابات وهندستها وتقسيم الدوائر بين ما يسمى بأحزاب الموالاة ومعارضة الحيز المتاح ، وحديث الراهن وهو في رأيي حديث لاقيمة له ولا مردود في ظل إجراء الانتخابات بالصورة الراهنة، سواء على نجاح هذا أو ذاك، من هنا ومن هناك ،فهذا أو ذاك لن يكون إلا كما تريد السلطة، وإن كان هذا الحديث مهم وهو حديث اللحظة والراهن فإن هناك حديث أهم وهو حديث الوطن الحاضر والمستقبل والوجود، والحديث الأهم هو ما يُستقرأ من حالة الراهن، حالة تهدد الوطن وبقائه، وكارثه تلحق الضرر بكل عموم الوطن وجنباته، وهو الحديث الأهم والذي يجب أن نتحدث فيه جميعا ونقف على حلول له فبالرغم من وجود تشريع وهيئة انتخابات ولجان انتخابية ومرشحون ودعاية وحديث هنا ونفاق هناك إلا أن جوهر الاستحقاق الدستوري النيابي غائب على مستوى عمل السلطة وبنية المجتمع وهذا الغائب الأهم هو تغييب السياسة من بنية مؤسسات الدولة ومن منطلقات تحقيق الاستحقاق الدستوري للسلطة التشريعية ، لا يوجد بنية عمل سياسي حقيقي،لا يوجد بنية مؤسسية حقيقية تمارس السياسة لديها مؤسسية وأيديولوجيا وكوادر برامج و سياسات حزبية تنطلق من الحاضر وتلحق بالمستقبل، ما يوجد سوا أفراد جاءت بهم السلطة وتحديدا أجهزتها الأمنية وشكلت منهم جماعات منتفعة بنفاق السلطة وأسمتها بمسميات حزبية وطنية وكأنها أحزاب تمارس العمل السياسي وهو أمر غير صحيح فلا هي أحزاب ولا هم كوادر ولا لديهم مؤسسية ولا رؤية ولا كوادر ولا سياسات ولا برامج متنافسة لتقديم حلول للمشاكل الوطن الاقتصادية والسياسية ، ما هم سوا أفراد جمعتهم الأجهزة وأسمتهم بمسميات وفرضتهم على المجتمع ولم ولن يقدموا جديد للوطن.
وفيما يتعلق بأحزاب القوى المدنية المعارضة فيتم التضييق عليها، ومتابعة أعضائها أمنيا وحياكة المؤمرات وتخويف المواطنين من الالتحاق بصفوفها وممارسة العمل الحزبي معها، بالإضافة إلى مشاكلها الداخلية ضعف بيتها المؤسسية وقلة مواردها المادية …والذي يجعلها هي الأخري غير قادرة على تشكيل بنية سياسية مؤسسية قادرة تقدم نفسها للمجتمع بما يواجه سياسات السلطة المجحفة ويعمل على تغييرها بما يحقق مصالح المجتمع ، أضف إلى ذلك الأهم تغييب ممارسة السياسة بالمحتمع وبالجامعات والمؤسسات الشبابية لخوف الشباب والمواطنين من ممارسة العمل السياسي لما يلحق بهم من ضرر ، وبالتالي فالأهم هنا الذي يجب أن نعيه هو أن الجوهر غائب، بنية العمل السياسي غائبة عن مؤسسات السلطة وعن بنية المجتمع وذلك مردوده سلبي على تطور المجتمع وتقدمه يقينا ولا قيمة ولا فائدة من انتخابات غاب عنها جوهرها البنية المؤسسية السياسية الحزبية الحقيقية.
والحديث الأهم أيضا الفراغ المجتمعي الحادث والذي أصاب المجتمع نتيجة لتغييب السياسي وقمع المجتمع وسعي السلطة لتشكيله مما تريد وكما تريد فترهلت المؤسسات المدنية وتلاشت، وغابت الكوادر السياسية التي ينتجها المجتمع وتعبر عنه وتحميه ، وتكلس المجتمع وتفزم مما أفقده القدرة على المبادرة والتغييرالسلمي بما يحقق أمال وتطلعات مواطنيه مما يجعله عرضة لنوبات الخطر والتي تهدد الأمن والسلم الأهلي للمجتمع .
هذا الأهم الذي يفرزه استقراء الحالة وتحليل الراهن والذي يجب أن نقف أمامه جميعا ونعيه ؛ تغييب السياسة والفراغ المجتمعي ، فتغييب السياسة ومؤسسات عملها الأحزاب السياسية الحقيقية معناه غياب المشروع الوطني والنهضوى والحضاري الجامع الذي يجمع المواطنين حوله بما يساهم في تطور المجتمع وتماسكه عبر الالتفاف حول هذا المشروع وخلق كوادر سياسية مجتمعية تقود المجتمع وتصنع له نهضته ، وتغييب السياسي الذي يؤدي لتغييب المشروع الوطني يؤدي بالضرورة لخلق حالة من الفراغ المجتمعي المهلك والمدمر للوطن، لأن الفراغ يطلب من يملأه وخاصة وقت الوهن وفي ظل حالتنا سيملأ هذا الفراغ قوى التطرف وقوى العنف المصنوعة والمدفوعة والتي وجودها مهدد لأمن واستقرار الوطن.
ومن هنا يجب أن نعي جميعا ذلك تغييب السياسة ومؤسساتها الحقيقية ليس في مصلحة الجميع سلطة ومجتمع وسيؤدي حتما إلى الفراغ المجتمعي الئي هو مردوده كارثي على الوطن والتجارب ماثلة ومحيطة بنا تخبرنا ما يجب علينا فعلة وترشدنا لطريق النجاة دون أن نمر بمرار تجربتهم، وعليه فإنه علينا أن نبحث عن طريق النجاة وطريق النجاة معلوم طريق بناء بنية سياسية راشدة، وأحزاب مدنية ديمقراطية حقيقية ، وتمثيل نيابي في ظل تداول سلمي للسطة بنزاهة وشفافية ومصداقية تعبر عن الإرادة الشعبية في ظل تنافس سياسي وفق برامج ورؤى وسياسات وكوادر حزبية وبنية دستورية حاكمة يعمل الجميع في مظلتها ، هذا هو المخرج ودون ذلك فمصر في خطر قادم لا محالة.




