في ذكرى نياحته.. قصة بابا الكنيسة الذي منع الاحتلال الروسي

تحيي الكنيسة القبطية الارثوذكسية، اليوم الاثنين، تذكار نياحة البابا بطرس الجاولي، بطريريرك الكنيسة رقم ١٠٩.

ولد منقريوس (اسمه قبل الرسامة) بقرية الجاولي التابعة لمنفلوط بالصعيد ونشأ في جو عائلي تقوي محبًا لحياة العبادة مع الدراسة، انطلق إلى دير الأنبا أنطونيوس وفاحت رائحة فضائله وسامه البابا مرقس الثامن الـ 108 من بطاركة الأسكندرية قسًا بالدير باسم الأب مرقريوس.

و في سنة 1808م تمت سيامته مطرانًا عامًا على الكرازة المرقسية باسم الأنبا ثاؤفيلس وأقام مع البابا في الدار البطريركية ليعاونه في أعمال الرعاية… وبعد نياحة البابا مرقس تمت سيامة الأنبا ثاؤفيلس بطريركًا باسم الأنبا بطرس السابع البطريرك الـ 109 وذلك في 24 ديسمبر عام 1809م.

عاش البابا بطرس حياة التقشف وكان لباسه من الصوف الخشن ويجلس على الأرض وينام على الحصير، كان قليل الكلام محبًا للصمت ومملوء مهابة، ويقضي أغلب وقته في الصلاة مع دراسة الكتاب المقدس وكتب الآباء وقوانين الكنيسة وتاريخها.

و كان يحب وطنه غيورًا عليه وقد أعلى قيمة الوطن فوق كل اعتبار، حيث أرسلت روسيا أحد أمرائها ليلتقي ببابا الإسكندرية رئيس أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط، ليطلب حماية قيصر روسيا. ومن خلال خبرة الأمير الذي عاش وسط الكنيسة الروسية بما عُرف عنها من فخامة مظاهر أساقفتها، حسب أنه سيدخل قصرًا عظيمًا، ويلتقي بحاشية البابا، لكنه فوجئ بأنه يقف أمام إنسان بسيط بجلباب من الصوف الخشن، يظهر عليه القِدم. ولم يصدق الأمير نفسه حتى أجابه البابا أنه بطريرك الأقباط. وصار يسأله عن سر هذه الحياة البسيطة فأجابه: إنه يليق بالأسقف أن يتمثل بالسيد المسيح الذي افتقر لأجل الخطاة، وعاد ليسأله عن حال الكنيسة القبطية، فأجابه: إنها بخير ما دام الله يرعاها. عندئذ أظهر الأمير أنه مستاء لما تعانيه الكنيسة القبطية من متاعب، وإن روسيا من الممكن التدخل لمساندة الكنيسة. سأله البابا في بساطة: “هـل ملككم يحيا إلى الأبد؟” أجابه الأمير: “لا يا سيدي الأب، بل يموت كما يموت سائر البشر”. عندئذ قال البابا: “إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، وأما نحن فنعيش تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله”. وتأثر الأمير جدًا من جواب البابا به حتى عندما سأله محمد علي باشا عن رأيه في مصر، قال: “لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات وكتابتها، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب، بل أثر في نفسي زيارتي للرجل التقي بطريرك الأقباط”. وروى الأمير لمحمد علي باشا الحوار الذي دار بينه وبين البابا، فانطلق محمد علي باشا إلى البابا بفرح يشكره على وطنيته العميقة، قائلاً له: “لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك”.

ساهم البابا بطرس في إعادة تعمير الكنيسة المرقسية، حيث نجح بعض الآراخنة في سعيهم إلى إعادة تعمير الكنيسة المرقسية بالأسكندرية فأصدر محمد علي فرمانًا لأحد أراخنة الإسكندرية يمنحه الإذن في أن يجمع الاكتتابات لإعادة تعمير الكنيسة وكان البابا في ديره آنذاك فلما عرف بما حدث قصد إلى الإسكندرية ومعه لفيف من الأساقفة والكهنة والآراخنة للاحتفال بهذا الحدث.

كما ساهم في إعادة تعمير الديرة، حيث أصدر محمد علي فرمان بالإذن في تعمير الأديرة بالقدس ونجح في تعمير دير السلطان ودير الرمان والأماكن المجاورة لقبة القيامة ومن العجيب إن كل هذا التعمير لم يستغرق أكثر من سنتين.

وساهم في بناء المدارس: شجع محمد علي الكنيسة بإعطائها الأماكن اللازمة لإقامة المدارس عليها، ورسامة أسقفًا للسودان: كانت النوبة تحت سيطرة أيدي ولاة اليمن ولكن محمد علي تمكن من استعادها لسلطان مصر فـأصبح الطريق إلى السودان مفتوحًا فعادت الرابطة التي تربط البلدين إلى ما كانت عليه واستطاع البابا بعد ذلك أن يرسم أسقفًا للسودان.

وتنيح البابا بطرس بسلام في 5 أبريل 1852م وأقام على الكرسي المرقسي 42 سنة و3 شهور و12 يوم ودفن في الكنيسة المرقسية بالأزبكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار