كريمة الحفناوي تكتب .. الهيئة الإنجيلية ورؤية تشريعية لدعم العيش المشترك
“معا من أجل نبذ الكراهية، ومعا من أجل نشر ثقافة التسامح والمواطنة والعيش المشترك وقبول الآخر”. هذه كلمات ترددت على لسان الأستاذة سميرة لوقا رئيس قطاع أول للحوار فى الجلسة الافتتاحية فى سيمنار حول خطاب الكراهية وأهمية العيش المشترك والذى أقامه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية فى 16 مارس 2021 وذلك بحضور لفيف من قيادات الفكر والمجتمع المدنى والبرلمانيين والأكاديميين والإعلاميين ورجال الدين الإسلامى والمسيحى.
بدأ الدكتور القس أندرية ذكى رئيس الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية، ورئيس الطائفة الإنجيلية كلمته فى الجلسة الافتتاحية بالتأكيد على حرص المنتدى منذ بدايته على العمل لبناء مجتمع التسامح ونشر قيم العيش المشترك ومواجهة خطاب الكراهية وأنه منذ ثلاث سنوات وحتى الآن تمت العديد من الحوارات والمبادرات داخل مصر من أجل رصد القضية ومعالجة أسباب تصاعد التعصب وتم أكثر من عشرة فاعليات تناولت الأبعاد المختلفة للقضية ودور (المؤسسات التعليمية والمجتمع المدنى ورجال الدين الإسلامى والمسيحى والهيئات الثقافية والفنون والآداب والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى) فى نشر ثقافة التسامح بجانب أهمية بناء بنية تشريعية ضد خطاب الكراهية وسن قوانين تدعم العيش المشترك.
كما أشار القس أندرية إلى وجودعدد من المبادرات مع الخارج بخصوص نفس الموضوع منها مبادرة الحوار العربى التى تشمل دول مصر والمغرب وتونس وليبيا والسعودية والكويت وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق، بالإضافة إلى الحوار المصرى الأمريكى منذ 2014 مع مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات الدينية لهدف بناء التواصل والحوار والجسور لدعم قضايا العيش المشترك.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى الورقة التى قدمها الأستاذ عصام شيحة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان “رؤية تشريعية وتطبييقية لدعم العيش المشترك والذى أشار إلى أن الدساتر المصرية منذ دستور 1923 وحتى دستور 2014 تحتوى على مبادىء المواطنة والعيش المشترك وأكد على أنه لابد من سن تشريعات تدعم العيش المشترك وقيام نظم قانونية تكفل وحدة الوطن وتماسكه واتفق الحضور معه حول ماأشار إليه من تحديات تواجه مجتمعنا منها التعصب الأعمى، والتطرف والتى تتطلب لمواجهتها تجديد الخطاب الدينى، وإعادة الاعتبار للقيم والأخلاق ونشر منظومة وثقافة التسامح والمساوة وتطبيق دولة القانون.كما تتطلب دورا كبيرا للإعلام فى تعزيز الانتماء وحب الوطن ووحدة الوطن وتماسكه.
وأشار الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الأسكندرية فى كلمته بجلسة “المعايير الأخلاقية الواجب توافرها لدعم العيش المشترك” إلى أن التشريع هو الذى يبنى المجتمع وأن التشريع فى نفس الوقت إنعكاس لوضع المجتمع وإننا فى حاجة إلى ثورة تشريعية لتلائم المتغيرات والظروف التى مر بها المجتمع، فالتشريع يبنى المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية وأكد على الاهتمام بالتعليم لتربية النشىء تربية سليمة تبث قيم الانتماء والتسامح والعدل والحرية والمساوة والمواطنة. كما أشار إلى أنه لابد من فهم مشترك للخروج من شرنقة التعصب حيث أن وجود قدر كبير من الأوهام والشائعات والضبابية يحرمنا من العيش المشترك فى آمان وسلام.
ودار حوار ونقاش هام حول أهمية تفعيل مواد الدستور المصرى والتى تشير فى دستورنا فى المادة (53) من الباب الثالث ” الحقوق والحريات والواجبات العامة” إلى أن المواطنون لدى القانون سواء لاتمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، او لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لذلك الغرض(مفوضية عدم التمييز).
لذا إننى أؤكد وأتفق مع كافة ماطالب به الحضور فى جلسة “مفوضية مكافحة أشكال التمييز” وهو الإسراع بإنشاء مفوضية عدم التمييز، كما اتفق مع ماجاء فى ورقة الأستاذ عصام شيحة حول أن العيش المشترك يأتى بتعزيز عاملين أساسيين هما الأول: الجانب المعنوى أو السيكولوجى الذى يرتبط بالمواطنين ووحدتهم وتماسكهم أى ما يتعلق بتعظيم الروابط التى تشكل نسيج الانتماء وقوام اللحمة بين عناصره ومكوناته، وأساس هذه الروابط دائما الانتماء وحب الوطن والرغبة فى العيش المشترك.
أما الثانى: الجانب المادى القانونى الذى يرتبط بالأساس بوحدة الدولة وتكاملها وقيام نظم قانونية ودستورية ومؤسساتية تكفل الحفاظ على وحدة الوطن وتماسك الشعب وترابط مقوماته.
إن تحقيق العدل وتنفيذ القانون واحترام حقوق الآخرين وتحقيق العدالة الاجتماعية يعود على المجتمع بالسكينة والاستقرار ويحمى الأمن القومى للبلاد.
دكتورة كريمة الحفناوى.
17 مارس 2021.