كريمة الحفناوى تكتب..بين أيقونات ديرالسيدة العذراء المحرق

 

اسمحوا لى فى البداية أن أشير إلى ماقاله الدكتور أندرية ذكى رئيس الطائفة الإنجيلية ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية فى منتدى حوار الثقافات بالهيئة والذى عُقِد فى يونيو الماضى تحت عنوان “المجتمع المدنى وبناء الوعى” قال “إن المجتمع المدنى القوى قادر على الإسهام فى التغيير والتطوير، وأننا فى حاجة إلى مجتمع مدنى يؤمن بفكرة الوسطية والاعتدال والتسامح، وأنه لابد من فهم الآخر للتعايش معه”.

وأضاف الدكتور حلمى النمنم الكاتب ووزير الثقافة الأسبق فى نفس اللقاء كلاما هاما حول دور الفن فى بناء الوعى المجتمعى أكد فيه على الاهتمام بالفنون عبر مراحل التعليم المختلفة مع اكتشاف المواهب والعمل على صقلها وتنميتها. كما تحدث النمنم عن نشأة وارتباط الفن بالمعابد منذ قديم الأزمان، وعن أن الفن بطبيعته يجعل الإنسان قادرا على اكتشاف التباينات بين البشر، وأن الفن المصرى لعب دورا هاما فى تجديد الحياة وبناء الوعى.
ومن هنا أؤكد على ماأشرت إليه فى مقالاتى السابقة إلى أهمية استمرار مبادرة وزارة الثقافة ضمن مبادرة حياة كريمة بكل محافظات مصر، وأضيف أنه لابد من الاهتمام أيضا بالسياحة الداخلية الثقافية والدينية.

وسط ندوات التوعية بقضايا المجتمع وقضايا الشباب والمرأة، ووسط ورش الحرف التراثية والعروض الفنية المتنوعة المصاحبة لمبادرة الثقافة فى مركز ساحل سليم بأسيوط على مدى شهر،وسط هذا البرنامج المزدحم كانت هناك بعض اللحظات الجميلة فى رحلة نيلية مسائية بمركب وسط أهالى أسيوط للاستمتاع بنيلنا العذب الجميل وبنسمة طرية فى ليالى الصيف، وجلسة نيلية أخرى ثقافية على شط نيل مصر الهادىء بالليل المضاء بنور القمر أصطحبنا إليها الأصدقاء الكرام الأستاذ عادل عبد الحافظ مدير العلاقات العامة والإعلام بإقليم وسط الصعيد الثقافى، والفنان المبدع المخرج المسرحى أسامة عبد الرؤوف، والأستاذ خالد عبد العزيز نصير مدير المكتب الفنى بفرع ثقافة أسيوط.
وكانت هناك أيضا رحلة ثقافية روحية دينية لكل من دير السيدة العذراء المحرق بالقوصية على بعد 40 كيلو مترا من مدينة أسيوط، وأيضا دير السيدة العذراء بدرنكة والذى صادف تواجدنا فيه مع بداية صوم العذراء الذى ينتهى بالمولد فى 21 أغسطس من كل عام ولقد رتبت لنا الزيارتين الأستاذة نبيلة أديب بالعلاقات العامة فى إقليم وسط الصعيد الثقافى.

وبصحبة السائق بهيئة قصور الثقافة عم محمود بوجهه البشوش وملامحة المصرية التى لاتخطئها العين ذهبنا وتواجدنا بين أيقونات كنائس دير المحرق (والذى كان المحطة الأخيرة لرحلة العائلة المقدسة) وبين المغارة الجبلية بدير درنكة والذى قضت فيه بعض الوقت حتى ركبت المركب من مرسى على نهر النيل فى رحلة العودة إلى فلسطين عبر نيل مصر.
تقدس ديرالسيدة العذراء المحرق بإقامة العائلة المقدسة أثناء هروبها إلى مصر، وتم تأسيسه فى القرن الرابع الميلادى إلا أن الكنيسة الأثرية (كنيسة السيدة العذراء) ترجع إلى نهاية القرن الأول الميلادى أى منذ 2000 سنة، وهى البيت المهجور التى سكنته العائلة المقدسة مدة (185 يوما).
وبجانب الكنيسة الأثرية يوجد بالدير حصن قديم بداخله كنيسة الحصن (الملاك ميخائيل) والتى يرجع تاريخها إلى القرن السادس الميلادى وسميت كذلك لأنه كان يتحصن بداخلها الرهبان فى حال اعتداء خارجى على الدير، والكنيسة الثالثة كنيسة مارى جرجس والتى بنيت فى نهاية عام 1880.
ولقد اشتهر الدير باسم السيدة العذراء بالمحرق لقربه من المنطقة التى كانت تحرق فيها النباتات والحشائش الضارة بجبل قسقام.

استقبلنا بالدير بكل ترحاب وكرم الراهب عما نوئيل المحرقى، والراهب القس اولوجيوس المحرقى، والأب ميرون المحرقى الذى طاف بنا بين جنبات الدير المقدسة وحدائقه الغناء وأيقوناته المقدسة، وكنائسه وشرح لنا بكل تفصيل تاريخ هذا الدير الذى يعتبره كل مسيحى العالم القدس الثانية ويأتون إليه من جميع أنحاء الكون.
ولأن الثقافة والفنون تنهض بالأمم وبالوعى المجتمعى طالبنا الأب ميرون بأن نوصِّل صوته وصوت زملائه للمسئولين والقائمين على وزارات الثقافة والشباب والرياضة للاهتمام بوجود دور سينما فى المحافظة حيث تم إغلاق السينمات بمدينة أسيوط، بل تم هدم السينما الصيفى وأقيم مكانها أبراج!!، وطالبوا بإعادة العروض السينمائية فى قاعات قصور الثقافة، كما طالبوا بوجود مكتبات متنقلة تجوب القرى لنشر الثقافة والمعرفة والتنوير.

إننا فى حاجة إلى بث الوعى وإعمال العقل ونشر ثقافة التنوير فى مواجهة خطاب الكراهية ولمواجهة الأفكار المتطرفة والتى تؤدى إلى الإرهاب والتدمير وعدم الاستقرار الأسرى والمجتمعى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار