مجدى عبد الحميد يكتب..الحرب الروسية – الأمريكية ( ٣ )

 

توجد فرضيتين كبيرتين لمسار ونتائج الحرب ” العالمية ” التي سعت اليها الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا للعديد من المؤشرات والمقدمات السابقة علي وقوعها، وفجرتها روسيا، وفقا لما رأيناه ونتابعه جميعا، والتي كان من نصيب أوكرانيا أن تكون هي مسرح أحداثها الرئيسية المحدودة حتي تاريخه.

الفرضية الأولي : هي فرضية أن يفلت زمام الأمور من أيدي صناع تلك الحرب ومهندسيها الكبار وتتحول من مجرد وسيلة لأعادة رسم خريطة العالم وفقا لتوازنات قوي جديدة، رأت أقطاب الصراع أنها باتت ضرورة حتمية لا مناص منها، إلي كارثة إنسانية كبري قد تؤدي الي تدمير الكوكب، وفي حدها الأدني إصابته بتشوهات قد تمتد أثارها لمئات السنين، وذلك في حال استخدام أي من أسلحة الدمار الشامل في هذه الحرب.

الفرضية الثانية : هي أن تصل أطراف الصراع الرئيسية الي تلك النقطة التي ستصاب عندها بالجبن وتقرر التوقف والجلوس علي طاولة المفاوضات قبل حدوث الكارثة الكبري.
وحيث أن الفرضية الأولي، حال حدوثها، لن نكون معنيين كثيرا بنتائجها، فليس من المجدي مناقشتها من الأساس.
لذلك سنكتفي هنا بمناقشة الفرضية الثانية.

* ليس هناك من منتصرين في هذه الحرب : وبمعني أدق لن تكون هناك هزيمة كبري لفكرة أو لمشروع أو توجه ايديولوجي بعينه لحساب فكرة أو مشاريع أو توجهات ستخرج منتصرة، الهزيمة الحقيقية ستلحق بالنظام الرأسمالي العالمي الحالي، وستصيب جميع أطرافه المتصارعة بإصابات بالغة، وعلي الأغلب ستخرج منها الاطراف التي كان لها السيادة سابقا، أضعف ومضعضعة البنية، سواء المنتصرين عسكريا أو المنهزمين علي حد سواء، وستعاني من آثارها جميع شعوب العالم.

* في اعتقادي ان الحرب لن تتوقف قبل ان تنتهي جميع اطرافها الرئيسية من استعراض واختبارات القوة والاسلحة الحديثة والمتطورة لديها، فقد اتاحت الحرب الفرصة لاختبار اجيال جديدة من الاسلحة المتطورة، الهجومي منها والدفاعي، والتي لم يسبق اختبارها عمليا في حرب فعلية حية، وهو ما يحتاجه أقطاب الصراع قبل الجلوس علي مائدة التفاوض لتحديد وتقسيم انصبتهم من العالم الجديد، عالم ما بعد الحرب، علي أساسه.

* عالم ما بعد الحرب : سيكون بالتأكيد عالم متعدد الأقطاب، ستصعد فيه قوي وتهبط أخري، ستنشأ فيه تحالفات من نوع جديد لن تؤسس علي أبعاد ايديولوجية، سواء دينية أو غيرها، ستحكمها بالدرجة الأولي أبعادها الجيوسياسية، الاقتصادية، و تعظيم القوي والوجود العسكري لأطرافها.

* أتاحت تلك الحرب فرصة ذهبية لا يجود بها الزمن كثيرا للمكونات الاضعف في العالم، تلك المكونات التي تمتلك الثروات الطبيعية والموارد المتنوعة، ولا تمتلك القدرة علي حمايتها وتعظيم الاستفادة منها، فسوف يسمح الوضع الدولي ما بعد الحرب بوجود المساحات البينية لتلك الدول والكيانات الأغني بمواردها والأضعف عسكريا وتكنولوجيا، الفرصة لسد تلك الفجوة من خلال التحالفات التي ستنشأ أثناء الحرب وبعدها، فهل تنجح في التقاط اللحظة والاستفادة منها ؟؟؟ !!!

* التقسيم : في اعتقادي ان تقسيم اوكرانيا الي قسمين كبيرين، قسم شرقي – جنوبي ينضم لروسيا الاتحادية، وآخر غربي يقع تحت حماية امريكا واوروبا الغربية، هو الاحتمال الأرجح وهو ما يدور الصراع علي أساسه منذ اللحظة الأولي لبدء الحرب، وربما هذا ما كان مخططا له حتي قبل أن تبدأ تلك الحرب، وهو ما يفسر الكثير من تحركات روسيا العسكرية من البداية.
وفي هذا السياق فان ما يجري الان علي الارض هو ترتيبات لافضل الشروط للتقسيم من قبل جميع الاطراف المتصارعة، قبل اعلان وقف اطلاق النار والبدء في مفاوضات جادة.

* أمًا عن أثر تلك الحرب علي الشعوب ففي أعتقادي أنه سيكون أعمق وأبلغ بكثير مما هو باد علي السطح حتي الآن، ولن أكون مبالغ اذا قلت ان اثارها ستكون ابعد بما لا يقاس من الاثار التي ترتبت علي الحربين العالميتين الاولي والثانية.
وان غدا لناظره قريب

مجدي عبد الحميد
٢٩ مارس ٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار