محمد السمادونى يكتب.. كيف تكتب بحثا

ثقافة كتابة الأبحاث العلمية دخلت أخيرا كل بيت بعد أن تقرر استبدال الإمتحانات التقليدية فى المدارس والجامعات بعمل بحث يقدمه الطالب، وقبل ذلك كان الطالب لايمارس التدريب على عمل الأبحاث الا بمناسبة التحاقة بمرحلة الدراسات العليا.
السؤال المثار الآن فى كل بيت هو كيف أعمل البحث.
رأيت أن أجيب على هذا السؤال من خلال هذا المقال الذى يحوى نصائح عن كيفية عمل البحث بصفة عامة، يستفيد منه باحث الدكتوراة ويستفيد منه طلبة المدارس مرورا بطالب الماجستير.
فى الحقيقة إننا نتعلم كيف نعد بحثا عندما نبدأ فى إعداده بالفعل، سنحاول تزويد الباحث بالعديد من الأدوات التى تمكنه من إتمام هذه المهمة، على الباحث أن يختار موضوع البحث أولاً ويحدد أهدافه ثم يخطط ويضع منهج البحث المناسب، على الباحث أن يستفيد من أدوات البحث المتوفرة لديه، ثم يجمع المعلومات ويحللها، تمهيداً لاستخلاص النتائج والتوصيات.
البحث يعتبر وسيلةً منهجيةً لطرح الأسئلة ومنهجاً منظماً للأستفسار، هذا الأسلوب المنظم هو أهم محور فى إعداد البحث.
قد لا يتوفر للباحث الوقت الكافى للقراءة بتوسع فى كل الموضوعات المرتبطة بموضوع بحثه, لذلك عليه ان يطلع على قائمة الكتب بالمكتبة لمعرفة المقالات المكتوبة والمقاربات من موضوعه الذى يبحث فيه.
التحدث مع الزملاء عن المشاكل البحثية قد يكون مفيدا ويعتبر خطوة هامة للتخطيط لأى مشروع بحثى. الاستشارات المبكرة تعتبر عمل هام لتجنب المصاعب فيما بعد.
المهم هو تفكير الباحث فيما يستحق الدراسة وفى كيفية إدارة البحث، وقد يضطر الباحث الى إدخال بعض التعديلات على أهداف البحث مع التقدم فى العمل، لكن هذا لايلغى أهمية تحديد الخطة التى سيتبعها الباحث منذ البداية.
المخطط التمهيدى لمشروع البحث. قبل أن يقدم الباحث للمشرف المخطط التمهيدى لمشروع البحث، يجب أن يطرح على نفسه أسئلة تتعلق بالأفكار المبدئية مرة أخرى، ويحدد ماإذا كان الأمر يستوجب حذف أو تعديل ما.
عنوان البحث. إن الاسم النهائى الذى ستستقر عليه يجب أن يخبر القارئ عن الهدف من الدراسة. لذلك يتعين أن تحدد العنوان بعد أن تكون الأمور قد اتضحت فى ذهنك عن الغرض من البحث.
تحديد الوقت. إن الوقت عادة لايكفى لإتمام كل العمل المطلوب، لكن فى حالة تحديد ميعاد لتسليم البحث، فعلى الباحث أن يلتزم بهذا الميعاد، ومن ثم يجب وضع جدول لتقييم التقدم فى العمل أولا بأول.
من أهم الأسباب وراء فشل انجاز البحث زيادة الوقت الذى تستغرقه مرحلة القراءة عما تصور الباحث. فيجب على الباحث أن يحدد الكتب التى سيقرأها، ولاينجرف وراء انفتاح شهيته لقراءة المزيد من الكتب بأى حال. ففى وقت ما، يجب أن يتخذ قراراً بتوقف القراءة بغض النظر عن مدى تغطيته للموضوع. تعلم كيف تتخذ قرارات مؤلمة.
الإشراف. فى يوم ما، قام باحث بتحضير رسالة الدكتوراة الخاصة به دون الاستعانة بمشرف أو حضور محاضرات البحث. وقد قال له الزملاء ان مافعله غير صحيح، وأن فرص النجاح دون مساندة المشرف ضعيفة، لكنه أصر على رفضه لفكرة المشرف. وفى النهاية، قام بتقديم رسالة أثبتت جدارتها كعمل بحثى عالى الجودة وعميق المعنى. ولكن القليل من الباحثين من يمتلك مثل هذا العزم والإصرار والذكاء.
العلاقة بين الباحث والمشرف. فى كثير من الأحيان يشتكى بعض الباحثين من علاقتهم غير الجيدة بالمشرفين على أبحاثهم، وقد يكون هذا صحيحاً ولكنه ليس كذلك فى كل الأحوال.
إن المشرف على البحث إنسان قبل كل شئ. وقد يكون مشغولا بالتدريس فى الجامعة أو الإشراف على أبحاث لطلاب آخرين أو حتى إعداد أبحاث خاصة به. فليس مطلوبا أن يكون المشرف موجوداً على مدار الساعة للإستماع الى استفسارت الباحثين والطلاب.
قوانين الإشراف. يجب على الباحث أن يطلع على قوانين الإشراف الخاصة باالجامعة أو المؤسسة التى يتبعها حتى يتعرف على الحقوق والواجبات الخاصة به وبالمشرف عليه.
على المشرف تدوين ملاحظاته عن التجربة البحثية وتدوين القرارات التى اتفق عليها مع الباحث، من المهم أيضاُ أن يحتفظ الباحث بنسخة من هذه القرارت فى ملفه الخاص.
إن المشرف الجيد مثل الذهب وهو أهم وأقيم المصادر التى بين أيدينا حتى الآن.
الملكية الفكرية. ختاما يجب الإحاطة بقوانين الملكية الفكرية، والسياسة التى تتبعها الجامعة أو المؤسسة التى يتبعها الباحث فى مجال النشر.
نخلص من ذلك الى انه يتعين كتابة قائمة قصيرة بالموضوعات، واختيار موضوع البحث، وتحديد المحور الأساسى له، ثم تحديد الأهدف الرئيسية أو وضع فرضية البحث، ووضع المخطط التمهيدى، ثم قراءة مواد كافية لتحديد ما إذا كان الباحث يسير على النهج السليم، يتعين أيضاً وضع جدول زمنى محدد يمكن الباحث من التأكد من تغطية جميع مراحل البحث وتوفير وقت للكتابة، واستشارة المشرف على البحث، والاطلاع على قوانين الإشراف، والاحتفاظ بمختصر لما تمت مناقشته فى جلسات المشرف مع الباحث. واخيرا يتعين الإطلاع على حقوق الملكية الفكرية.
هذه إطلالة سريعة عن كيفية عمل البحث، قد نتبعها فى مقال قادم عن الحديث عن الإلتزام بأخلاقيات البحث.