د/ أحمد حسين يكتب رسائل للوطن حقوق المعلمين ما بين الدستور والقانون والواقع

التعليم أمل الحاضر وصانع المستقبل، والمعلمين هم جوهر التعليم وبيته، وبالتالى فإن حديثنا عن المعلمين حديث عن جوهر التعليم وبنيته وميزان نجاحه و تحقق تطوره، لأن المعلم ببساطة هو العنصر البشرى الأساسى المسئول عن التعليم ، فهو العقل المنظم والمُديرله، والبان والمؤسس والمطور لكل جزء من أجزاءه ، والقدوة التى يتمثلها الطلاب، والشارح والموضح المفسر لكل بناء فكرى لعقل أبناءنا، والمرسخ لكل قيمة بوجدانهم، والمؤسس لبنائهم العقلى والعلمى والشخصى والوجدانى على مدار بنائهم التعليمى وحتى تخرجهم .
ببساطة التعليم هو، وهو التعليم، وبدونه لا تعليم، ولا إصلاح ولا تطوير ، لأنه إذا كان التعليم أمل الحاضر وصانع المستقبل، فالمعلم ببساطة هو صانع هذا الأمل، وبان هذا المستقبل.
ولذلك تجد حديث المجتمع حديث صدق عندما يتحدث عن المعلم وأهميته ودورة فى تربية النشء وحماية المستقبل، وجاءت استجابة السلطة لحديث الصدق هذا كحالة سياسية وانتخابية أكثر منها ايمانا حقيقيا بالتعليم كأساس للتقدم وللتطور وللمعلم كمركزية رئيسة للتعليم ولذلك جاءت التشريعات لتحقق الحدود الدنيا لحقوق المعلمين وتجلى ذلك عام 2007 بتشريع باب يُلحق بقانون التعليم الصادر بقانون رقم 139 لسنة 1981 وهو الباب السابع والذى جاء بعنوان أعضاء هيئة التعليم المسمى( بكادر المعلمين) 155 لسنة 2007 وتعديلاته93 لسنة 2012 ، وجوهر هذه الإضافة وهذا التشريع هو أعضاء هيئة التعليم كما عنون هذا الباب إيمانا بأن المعلم هو قلب العملية التعليمية وجوهر تطويرها والارتقاء بها وبدون الارتقاء بها لا هناك تطوير ولا تعليم ولا مستقبل، ولما لا؛ فالمعلم هو الميسر،الموضح، الشارح، بان الوجدان، مربى العقل، ومنشأ طرق إدارته ومؤسس منهجيته فى التفكير والتحليل، ناهيك عن كونه القدوة والرمز والمثل ومُعدالأجيال.
وبالنظر لجوهر هذا الباب ودون الدخول فى تفاصيل نجد أن جوهره المعلم على مستوياته المختلفة المهنية والقيمية والمادية والإنسانية، حيث أسس لثلاث مستويات تؤسس للتعامل فيها مع أعضاء هيئة التعليم وهى:-
١- النظر إليهم كهيئة تعليمية وليسوا كموظفين ولذلك أسس لمنظومة ترقية وتولي القيادة وفقا للكفاءة وللمستوي التعليمى المتميز والدرجة العلمية.
٢- أسس للبدء لبناء منظومة رواتب وأجور تبدأ بالارتقاء بالمعلم لتكفل له مستوى معيشى لائق يضمن له الحياة الكريمة التى تمكنه من البحث والتطور والارتقاء وتكمل التطور مع التطور الاقتصادي بالمجتمع.
3-لكنه للأسف كما أسلفنا كان هذا التشريع كحالة سياسية ومناورة انتخابية أكثر منها حقوق المعلمين الحقيقية فلم يفصلهم فى التعامل فصلا تاما عن قانون العمل مما سمح بتبنى التفسيرات القانونية التى لا تننحاز للمعلمين ولحقوقهم والسماح بالتفسيرات التى تنتهجها السلطة وتحققها كما تريد وتتوجه مما نزع كل هذه المميزات من جوهر تحققها واقعيا فى حياة المعلم.
وجاءت ثورة يناير العظيمة وامتداداتها والتى عبرت عن تطلعات المجتمع حقيقة وإيمانه الراسخ بالتعليم كمستقبل وبالمعلم كجوهر للبنيان الذى سيصنع هذا المستقبل ويأتى به فجاء دستور2012 ودستور ٢٠١٤ ليؤسسا دستوريا لبناء منظومة تعليمية حقيقية وليعززا من قيمة المعلم وليرسخا حقوقه التى تكفل له الحياة الكريمة بما يجعله قادر على تحقيق أهداف المنظومة التعليمية فقد أكد دستور 2014 فى موادة على تحقيق ذلك حيث جاء فى ماده: (٢٢) المعلمون وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم هم الركيزه الأساسية للتعليم, تكفل الدولة تنمية كفائتهم العلمية, ومهارتهم المهنية, ورعاية حقوقهم المادية والأدبية, بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه. ومادة (١٩) ….تلنزم الدوله بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4%من الناتج القومى الاجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وهذان النصان الدستوريان يعززان من قيمة التعليم ومن توفير كلفته الحقيقية وفى القلب منها المعلم وحقوقه كجوهر للبناء التعليمى وكمصدر رئيسى وأساسى لتحقق نجاحه وتطوره .
انطلاقا من هذه الفلسفة فمن غير المقبول أن يكون المعلم على حافة الحد الأدنى للراتب وهذا ما يقوله الدستور والتشريع وفلسفته من سياق وضعه ومن فلسفة قراءته ومن نصوصة، حيث نص القانون 155 فى مادته : (89) على أنه يُمنح شاغلوا وظائف التعليم المشار إليها في المادة : (70 ) من هذا القانون بدل معلم وقدره 50 % من الأجر الأساسي مع استحقاقهم العلاوة السنوية وكل زيادة في الأجور تُمنح للعاملين بالجهاز الإداري للدولة.
وهذا مفاده أن يحصل المعلمون على أى زيادات يحصل عليها العاملون المدنيون بالدولة بالإضافة إلى المخصصات التي يحصلون عليها في قانون 155، وأن هذه المخصصات هى مرتبطة بطبيعة عملهم وخارج الزيادات التى يتقاضها الموظفون.
وبالتالى فإن تثبيت رواتب المعلمين على أساسي ٢٠١٤ مخالفة للدستور والقانون وانتهاك لهما، لكون المعلمين غير مخاطبين بقانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بالأجور والرواتب وإنما بالقانون ١٥٥ وتعديلاته، وهذا ما حكم به القضاء الإدارى، ما أسسه القانون، حيث حكمت محكمة القضاء الإداري بذلك ، وأن احتساب بدل المعلم ، وبدل الاعتماد، ومكافأة الامتحان ضمن الحد الأدنى للراتب هو مخالف للدستور والقانون وانتهاكاً لحقوق المعلمين حيث أن احتساب مكافأة الامتحانات ضمن الحد الأدنى للراتب مخالف للقانون حيث أنه صدر بها قرار وزارى رقم (150) لسنة 2005 بشأن مكافأة امتحانات النقل وامتحانات شهادة اتمام الدراسة بمرحلة التعليم الأساسى، وهو بدون الدخول فى تفاصيل ينظم الحصول عليها مقابل تأدية عمل وهو الامتحانات، ويحدد شروط واجبة للحصول عليها وفى حال انطباقها يتقاضاها المعلم، وفى حالة عدم توفر هذه الشروط قد لا يتقاضها أو تنتقص قيمتها، وبدل المعلم الذى هو 50% من الأساسى، وبدل الاعتماد الموجود بالكادر والذى تختلف نسبته حسب المسمى على الوظيفى التعليمى هما أيضا من حقوق المعلم الخاصة به والتى أسس لها المشرع وأراداها ولا تحتسب من الحد الأدنى للراتب بالإضافة إلى حافز التميز العلمى.
وبالتالى ومن خلال ما سبق فإن حديث المعلمون هو حديث حقوق لا مطالب فئوية ، حقوق منوط بمؤسسات الدولة احترامها وتحقيقها أنها نابعة من دستور الدولة وقوانينها، والتي ارتأى المجتمع اقرارها، لكون التعليم وعناصره الأساسية وفي القلب منها المعلم هو الطريق للمستقبل، للحضارة، للغد الأفضل، ولهذا سطرها في دستور، ليسطر بها المستقبل الآمن والغد المشرق، فهم هنا لا يطالبوا بزيادة بل يطالبوا بحقوق كفلها الدستور وعززها القانون في مواده ونصوصه، ومن هنا فنحن نطالب السلطة التنفيذية بما يلى :-
1- أن تحترم تلك النصوص وتطبقها ، وأن تصل بميزانية التعليم إلي ٤% من اجمالي الناتح القومي وأن تزيد سنويا حتى تصل إلى المعدلات العالمية.
2- أن ترتقي الدولة بالمستوي الاقتصادي والاجتماعي….. للمعلم كما نص الدستور، مطلوب أن يحترم القانون، أحكام القصاء ،وأن يعطى المعلم حقوقه، بدلاته ، حوافزه…. علي أساسي نفس كل عام جديد، وأن توقف تثبيت رواتب المعلمين على أساسي ٢٠١٤ ،وأن لا يتم احتساب بدل المعلم وبدل الاعتماد ومكافأة الامتحانات من اجمالى الحد الأدنى للراتب لكونهم غير مخاطبين بقانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بالأجور وإنما بالقانون ١٥٥ وتعديلاته.
مطلوب احقاق الحقوق وتطويرها مع الحالة المجتمعية والزمنية بما يحقق نجاح منظومة التعليم وتحقيق التطور والتقدم للوطن والذى هو رهن التعليم وجودته والذى فى القلب منها المعلم ورضاه الوظيفى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار