صلاح عزازي يكتب.. خطورة التفاعل مع الميليشيات شبه العسكرية… «الدعم السريع» نموذجا

مع احتدام مساحة الصراع المسلح في السودان، والذي بدأ عندما تمرد ميلشيا الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب ب (حميدتي)، على القوات المسلحة السودانية بقيادة فريق أول عبد الفتاح البرهان، تحديدا في ١٢ أبريل الجاري، أخذ الكثير من الصحافيين والسياسيين في تحليل الوضع الراهن آخذين في الاعتبار ما يجري من تقديرات الموقف على الأرض؛ فأي سياسي يضع خططه وتحليلاته بناء على شواهد.

أولا يجب الانتباه إلى أن «الدعم السريع»، هي ميلشيا شبه عسكرية مشكلة ومكونة من مليشيات الجنجويد التي كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية خلال الحرب في دارفور.

يميل البعض إلى وصف ما يجري بأنه انقلاب على النظام السياسي القائم، منذ أن ساد الفراغ السياسي للدولة السودانية منذ أكتوبر ٢٠٢١، وتعطل انتقال الحكم إلى سلطة مدنية، إذ سيطر المكون العسكري بقيادة فريق أول عبد الفتاح البرهان.

وفي هذا الإطار، سادت رؤية سياسية تعبر عن رفض التفاعل دوليا مع ميليشيا الدعم السريع، وهو ما نتفق معه لعدة أسباب.

أهم تلك الأسباب هو أن هذا الصراع بدأ أولا من ميلشيا الدعم السريع، والتي تفتقر لعناصر الولاء والشرف، إذ ظلت لسنوات أداة لحماية حكم عمر البشير، وليس جيش نظامي يحكمه الولاء والشرف والانتماء الخالص للوطن، وهو المشترك بين كل الميليشيات شبه العسكرية في العالم.

بينما تحكم القوات المسلحة السودانية، عقيدة قتالية قائمة على أساس الدفاع عن الوطن والحفاظ على سيادته.

ثانيا، أن هذا الاقتتال الذي أخذ مساحة واسعة بطول الحدود السودانية، يسهل من حركة العمليات الإرهابية، ويخلق بيئة رحبة للجماعات المسلحة القبلية، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا لوحدة السودان، ويثير قلقا بالغا لجيرانها.

وهو ما يجعلنا ننظر بعين الاعتبار إلى تحركات ميلشيا الدعم السريع، والتي كان موقف قائدها الملقب ب «حميدتي» متغير للغاية تجاه الثورة التي اندلعت في أبريل ٢٠١٩… أولا كان “حمدان دقلو” ضد الثورة ثم معها، ومن ثم انقلب عليها، قولا وفعلا، وهذا أمر يقلق أي دولة لأنه لا يحافظ على كلمته إزاء أي موقف مبدئي أو جهة.

الأمر الآخر، هو إن القوات المسلحة النظامية للسودان، على الرغم من تأخرها في إجراء انتخابات رئاسية إلا أنها تحتل الدور الأول في رسم وصناعة القرار السياسي، وهو بناء تقوم على أساسه العلاقات بين الدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار