هلال عبدالحميد يكتب..هل تعصف الانتخابات الرئاسية بالحركة المدنية الديمقراطية ؟!

كلما لاحت في الأفق استحقاقات انتخابية، انشطرت القوى المدنية ، يحدث هذا دومًا، فرأيناه في رئاسية ٢٠٠٥،و برلمانية ورئاسية ٢٠١١،٢٠١٢ بشكل كبير للغاية
كما شاهدناه في انتخابات ٢٠٢٠ البرلمانية
وكانت القوى المدنية بدأت في التوحد، وشكلت في ٢٠١٤ الحركة المدنية الديمقراطية وهي تقريبًا وريثة جبهة الإنقاذ التي تم تأسيسها في ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢ لمواجهة حكم الاخوان بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي، وضمت عددًا من الأحزاب الليبرالية واليسارية والناصرية والقوى الثورية

• أما الحركة المدنية الديمقراطية والتي تم تدشينها في ١٣/١٢/٢٠١٧ فقد بدأت بـ ٨ أحزاب ( الإصلاح والتنمية، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور،، والعدل، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وتيار الكرامة،والعيش والحرية ومصر الحرية،) وزادت عضوياتها ٤ آخرى وهي :المحافظين ، الشيوعي المصري و الحزب العربي الناصري ، وحزب الوفاق

•القت الحركة منذ تشكيلها حجرًا في مياه السياسة الراكدة في مصر ، وبدأت تمثل رقمًا مهمًا في الحياة السياسية المصرية،
وتصدت الحركة لموجة الاعتقالات التي جاءت بعد مظاهرات تيران وصنافير، ورفضت استقبال العاهل السعودي بمصر
ورفضت الحركة بشكل كامل المشاركة في الانتخابات الرئاسية ٢٠١٨ وأصدرت بيانًا شديد اللهجة في ٣٠ يناير ٢٠١٨ تحت عنوان ( فليهنأ النظام بفضيحته وحده )
كما تصدت الحركة المدنية الديمقراطية للتعديلات الدستورية

الانتخابات والحركة المدنية
في ٢٠١٩ ومع دور الانعقاد الأخير للمجلس النيابي بغرفتيه وعندما كانت الانتخابات النيابية على الأبواب، بدأ ممثلون للحركة المدنية وتحالف ٢٥/٣٠ وشباب وسياسيون مستقلون -بدأوا الاستعداد للدخول في تحالف انتخابي يضم اليساريين والليبراليين لخوض الانتخابات البرلمانية بجبهة عريضة في مواجهة أحزاب السلطة والأجهزة، ولكن هذا الاستعداد واجهته الأجهزة الأمنية بقبضتها الحديدية، والقت القبض على قيادات هذا التحالف فيما سمي ب( خلية الأمل ) بدلًا من اسم تحالف الأمل الانتخابي الذي كان ينوي المدنيون تدشينه

• قادت الحركة المدنية نضالًا سياسيًا وحقوقيًا للدفاع عن المتهمين بالأمل .

• وحاولت الحركة تقديم مشروع قانون للانتخابات النيابية بالقايمة النسبية والذي اثبت عدم دستوريته

1- بذرة الخلاف الأولى
أ‌- دعوة حزب مستقبل وطن بعض أحزاب الحركة للحوار حول قوانين الانتخابات : لم تمر خمسة أشهر على اعتقال بعض ممثلي الحركة المدنية وبعض المستقلين من اليساريين والناصريين والليبراليين ، حتى وجه حزب مستقبل وطن الدعوة لبعض أحزاب الحركة المدنية وغيرها للتحاور حول مشروعات قوانين الانتخابات ( النواب والشيوخ وممارسة الحقوق السياسية ، والهيئة الوطنية للانتخابات) فاستجابت بعض أحزاب الحركة المدنية ، وكان ذلك بداية خلافات كبيرة بين أطرافها .
وكانت أحزاب الحركة التي استجابت لدعوة حزب مستقبل وطن : المصري الديمقراطي الاجتماعي -وكنت ممثله بالحوار وقتها – و الإصلاح والتنمية والعدل والمحافظين ) واحتجت بقية احزاب الحركة والمنتسبين اليها من المستقلين على الدخول في هذا الحوار ، وشهدت اجتماعات الحركة جدلًا وخلافات ومشادات كبيرة
ب‌- أصدرت الحركة بيانًا رفضت فيه مشروع قانون انتخابات النواب والذي اقره مجلس النواب في ١٧ يونيو ٢٠٢٠ ، وعلى اثر خلافات بين أعضائها حول اشتراك ٣ من احزابها في حوار مسقبل وطن فقد توقفت الحركة عن الاجتماعات بعدها لفترات طويلة، وشهد موقعها على الفيس بوك خمولا فمثلًا توقف نشر أي شيء على موقع الحركة لمدة ١٠ أشهر و١٨ يومًا من ٢٢ يونيو ٢٠٢٠ وحتى ٣٠ أبريل ٢٠٢١

• وتوقفت أيضًا سنة وشهرًا و٦ أيام في الفترة من ٣٠أبريل ٢٠٢١ والذي نشرت فيه الحركة بيانها حول السد الاثيوبي وحتى ٦ يونيو ٢٠٢٢ والذي نشرت فيه الحركة موقفها من الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس في إفطار الأسرة المصرية في رمضان بنفس العام ، والملاحظ هنا ان هذا التوقف عن النشاط والحركة وحتى البيانات طوال هذه الفترة هي ما واكبت مشاركة ٤ أحزاب في حوار مستقبل وطن ، ثم مشاركة ٣ منها في قوائم القائمة الوطنية من أجل مصر والتي شارك فيها من أحزاب الحركة ( المصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية وحزب العدل )
وكانت مشاركة الأحزاب الثلاثة في قائمة الموالاة والمعارضة ( القائمة الوطنية من أجل مصر ) بعد دعوة الأجهزة التي تدير الانتخابات لها للمشاركة في قائمة موحدة تضمهم مع أحزاب الموالاة ، وكانت موافقة بعض الأحزاب على هذه الدعوة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، فنشبت معارك كلامية قام بعدها محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية بإرسال خطاب للحركة يبلغها بمشاركة الحزب في تحالف القائمة الوطنية وطلب تجميد عضويته بالحركة لرفع الحرج )، وفي الواقع فقد جمدت الحركة نشاطها حوالي عامين ، وجاءت دعوة الرئيس السياسي للحوار الوطني لتعيد للحركة المدنية زخمها ولحمتها مرة أخرى، واخذت أنشطة الحركة في التنامي

انتخابات الرئاسة ومأزق الحركة المدنية

• بعد أزمة انتخابات النواب في ٢٠٢٠والتي شقت الحركة وجمدت نشاطها، وعودة النشاط مع الدعوة للحوار الوطني ، جاء اقتراب الانتخابات الرئاسية والمتوقع أن يعلن جدولها قريبًا وأن تبدأ فعالياتها قبيل انتهاء هذا العام
وكلما اقتربت المواعيد ، كلما ازداد الضغط على أحزاب الحركة، وبينما أعلن احمد الطنطاوي نيته في الترشح، وبدا أنه جادًا ولن يثنيه عن الرجوع إلا منعه بشكل مباشر ، فإن أحزاب الحركة ظلت تراوح مكانها ولم تعلن موقفًا محددًا ياستثناء وضعها لعدة ضوابط لإجراء الانتخابات حتى تكون تنافسية وتشارك فيها .

• وبينما أصدر المجلس التنفيذي لحزب المحافظين بيانه الذي طالب فيه رئيس الحزب أكمل قرطام للترشح ، إلا ان هيئات الحزب لم تناقش الموضوع ، ولم يرد رئيس الحزب إيجابًا على الدعوة
•وفي نفس الوقت اصدر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بيانًا تشتم منه رائحة الترشح ، ثم تناولت وسائل إعلام عديدة نية فريد زهران رئيس الحزب الترشح ، دون أن يصرح هو بذلك، بل دائما ما يترك الباب مواربًا

اجتماع الساحل الشمالي
•ومع سيولة المواقف وعدم وضوح الرؤية لدى أحزاب الحركة حول من سترشح او ستدعم في الانتخابات الرئاسية ، حتى انها كانت تبحث عن مرشح خارج الحركة ، وطرح محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية مرشحًا مفاجئة ذا خلفية عسكرية لم يسمه وقتها، ولكن الجميع عرف بعدها أنه كان يستطلع رأي اللواء مراد مواف الذي كان يشغل مدير المخابرات العامة الأسبق ، ولكنه رفض لأسباب منها ان المجلس العسكري لن يوافق على ترشحه
• وعلى حين فجأة نشرت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور صورًا لعدد من رؤساء أحزاب الحركة المدنية وعددًا من منتسبيها ، وآخرين تركوها، وانتشرت بعدها في كل وسائل الاعلام المحلية والأجنبية قصة الفريق الرئاسي ، الذي دعا لتشكيله أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، وكان حضور المرشح المُعلِن عن ترشحه أحمد الطنطاوي يعطي ايحاءات بأن المجتمعين يدعمونه مرشحًا رئاسيًا، أو على الأقل ضمن الفريق الرئاسي ، الذي اشيع وقتها أن الفريق الرئاسي سيضم عددًا من المتواجدين بالصورة التي نشرتها جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور
وبعيدًا عما اثارته الصور بملابس البحر لدى بعض الكارهين للمعارضة من اعلامي النظام ( لا أعرف ماذا ننتظر من أناس على البحر هل يظهرون بالملابس الرسمية ؟! الا يتناقش السياسيون على البحر بملابس البحر في كل الأمور سياسية واقتصادية واجتماعية ؟!!!
•بعيدًا عما اثارته الصور فإن عدم دعوة بعض رموز الحركة اثارت حفيظتهم، وبعضهم شعر باتفاقات جانبية، حتى ان خالد داوود المتحدث الرسمي باسم الحركة المدنية الديمقراطية قال في تصريحات صحفية : أن الحركة المدنية ليست لها علاقة بهذا الاجتماع .
بينما ابدى علاء عبدالنبي نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية عدم علم حزبه بالاجتماع قائلًا في تصريحات صحفية ( عرفنا من الفيس بوك ) وبعيدًا عن التصريحات شعر كثيرون من قيادات الحركة بامتعاض ما من المبادرة ، ربما لعدم دعوتهم أو لأن بعضهم ينوي الترشح أو لأسباب أخرى

تكتلات داخل الحركة
فيما يبدو وكأنه تمايز داخل الحركة المدنية الديمقراطية ، فقد تشكل تحالف داخل الحركة يضم ( الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب العدل ) بعد اجتماع ضم قيادات الحزبين بمقر المصري الاجتماعي في ٢٠ابريل ٢٠٢٣ ( يبدو ان حزب الاتحاد ورئيسه حسام بدراوي سيكون الضلع الثالث لهذا التحالف ) ثم تبعه اجتماعان أحدهما لأمانتي المرأة وأمانتي الشباب بالحزبين ، وجاء التقارب بين الحزبين بعد بعض الخلافات البسيطه بين كل منهما على انفراد وحزب المحافظين
• وعلى الرغم من أن بعض الأحزاب كانت تفكر في انشاء التيار الحر قبل تدشين تحالف المصري الاجتماعي والعدل إلا ان تدشينه بشكل فعلي جاء بعد تدشين تحالف المصري والعدل بشهرين تقريبًا وتحديدًا في ٢٥يونيو ٢٠٢٣ والذي دشنه في مقر حزب المحافظين أحزاب ( المحافظين ، الإصلاح والتنمية ، الدستوروحزب مصر الحرية وعدد من الشخصيات الليبرالية المعارضة وعلى رأسهم الكاتب والناشر هشام قاسم )ووجد هذا التحالف بعض الامتعاض من بقية القوى المشاركة في الحركة المدنية ، وشعر البعض أن ما يحدث هو التفاف على الحركة المدنية ، وتفريغ لها .

موقعة ( أبوعيطة وقاسم )
وكما يقول المثل ( المصائب لا تأتي فرادى )، فان اختيار التيار الحر لهشام قاسم كمتحدث رسمي باسم التيار ثم رئيسًا لمجلس أمنائه أثار حفيظة البعض
وفي اجتماع للحركة انتقد الوزيرالاسبق كمال أبو عيطة مشاركة الناشر هشام قاسم في التيار الحروكونه رئيسًا لمجلس امنائه ووصفه بالمطبع
وانه يمثل خطورة على الأمن القومي المصري والعربي، لأنه يدعم التطبيع

وجاء رد قاسم بإعادة نشر خبرين عن استيلاء ( أبو عيطة) على مبالغ اثناء ترأسه للوزارة وانه اضطر لردهم حتى تغلق القضية
وعلى الرغم من أن ادعاء الرجلين على بعضهما البعض يعوزه الدليل ، خاصة وان الاتهامات قاسية فالاتهام بالتطبيع وبالخطر على الامن القومي المصري وانه يستقوى بالخارج الذي وجهه الوزير للناشر في تهمة لو صحت للفت حبل المشنقة حول رقبة الرجل بتهمة الخيانة العظمى، كما أن اتهامات الناشر للوزير بالفساد لو صحت لحطت من شأنه بين قومه ولمسحت تاريخه النضالى
كان من الممكن ان تنتهي هذه المبارزة المقيتة عند هذا الحد ونقول: الصلح خير خاصة ان الرجلين ينتميان للمعارضة .
ولكن الوزير كمال أبو عيطه تقدم بشكوى وحرر محضر سب وقذف ضد الناشر هسام قاسم فقدم الرجل-في الاغلب دون قصد – على طبق من ذهب لمن يتلمظون لأكله من النظام ، فقضت النيابه بالافراج عن هشام قاسم بخمسة الاف جنيهًا كفالة ، ولكن الرجل رفض دفعها ورفض ان يدفعها مؤيدوه ممن حضروا معه أمام النيابة وقسم السيدة ، فكان لا بد من عرضه على النيابة ، ولكن احد ضباط المباحث وأميني شرطة ادعوا انه اعتدى عليهم فتم تحرير محضر اخر له، وتم تحديد جلسه ٢ سبتمبرامام المحكمة الاقتصادية – تنظر دعاوى السب والقذف عبر الانترنت – مع استمرار حبسه لحين انعقاد المحكمة
تحولت قضية الناشر هشام قاسم لكرة لهب بدأت تتدحرج وتتداخل وتهدد كيان الحركة المدنية بالإضافة لانتخابات الرئاسة التي بدا واضحًا عدم اتفاق الحركة على مرشح واحد لها سواء من خارجها أو من داخلها ، بل ربما يتنافس أكثر من مرشح منها ٠

•واعتقد إنه وإلى ان تأتي الانتخابات المحلية و البرلمانية فلن تكون هناك حركة مدنية ( وكفى الله النظام شر المعارضة ) إلا اذا تادرك القوم ما ينتظرهم وينتطر البلاد والعباد ورجعوا إلى جادة الصواب ، وتركوا الأثرة ومالوا قليلًا نحو الإيثار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار