هلال عبد الحميد يكتب.. دعوة للتنحي

 

 

لا أعرف حال مصر
والمصريين قبل ثورة أو حركة أو انقلاب ٥٢- علشان محدش يزعل – فكل ما عرفناه عن طريق القراءة، والتاريخ يكتبه المنتصرون ٠
ولكني أعرف حالنا جيدًا منذ ٥٠ عامًا فقد عاصرته وأعيًا.
حالنا ببساطة لا يسر عدوًا ولا حبيباً، أصبحنا عالة على الأمم حتى في لقمة عيشنا ، ناهيك عن العلم والصحة والبحث العلمي والصناعة
وفي الوقت الدي يتحجج فيه حكامنا دومًا بالزيادة السكانية التي تلتهم التنمية كما يدعون ، فإن الهند التي بدأت معنا في الستينات فأصبحت قوة نووية، وفي الوقت الذي تجاوزنا نحن عتبة الـ ١٠٠ مليون نسمة بقليل فإن الهند تقترب من المليار ونصف المليار مواطن وفي الوقت الذي تمثل مصر أكبر مستورد للقمح في العالم بمعدل ١١ مليون طن في عام ٢٠٢٢:٢٠٢٣ ، فان الهند تصدر حوالي ٧ مليون طن سنويًا قبل ان توقف التصدير مؤخًرا، وهي تمثل ثاني أكبر منتج للقمح بعد للصين !!
. وفي الوقت الذي تستورد مصر الأرز للمائة مليون-ويقول وزير تموينها : من النهارده مفيش ارز على البطاقة – فأن الهند تكفي مليارها والنصف وتصدر الأرز فهي تنتج ١٢٩،٥ مليون طن أرز تصدر منهم ٢٢،٢٦ مليون طن عام ٢٠٢٢ قبل ان توقف تصدير الأرز غير البسمتي خلال الشهرين الماضيين.
. يعني موضىوع زيادة السكان وتأثيره العكسي على التنمية تشبهز تماماً المثل ( حجة البليد مسح السبورة ) .
لقد أخفقت طبقتنا الحاكمة طوال العقود السبعة الماضية في سد رمق شعبنا من الطعام ، واصبحنا نشتهي العيش الحاف، وربنا يستر على ( شوية الميه )
. لقد اصبحنا في ذيل الأمم وفي نهاية قوائم ومؤشرات النجاح والسعادة وعلى رأس قوائم ومؤشرات الفشل والتعاسة والاكتئاب .
ألا يستوجب كل هذا الفشل على الطبقة الحاكمة -وهي لم تتغير – ان تتنحى جانبًا لتترك البلد لمن يحاول إصلاحها ،ثقافة التنحي والاستقالة يجب ان تحكمنا، لان مستقبل بلدنا وأولادنا وأحفادنا يستحق المحاولة
فلماذا لا يفكر حكامنا في التنحي، ويتركوا بلدنا لجيل من الشباب المختلفين ، فلربما ننقذ ما يمكن إنقاذه بدلًا من الهاوية التي ننحدر إليها ، ولا نرى لنهايتها مطافاً.
هذا عن الحكومة،
فماذا عن المعارضة ؟!
أظن -وليس كل الظن إثم -أن الفشل متبادل ، فمن الواضح ان النظام بحكمه بمعارضته أصبح فاشلًا بلا منازع
وقد يقول قائل الحكومات تحكم وهي المسؤولة عن النجاح أو الفشل، فما بال المعارضة ؟! يتساءلون .
والإجابة ببساطة: إن المعارضة التي لم تستطع إيقاف هذا النزيف وهذا التدهور طوال تلك العقود فهي لا تقل فشلًا عن القطاع الحاكم في النظام ، وفشلها لا يقل عن فشله فقد فشلت عن وقفه عن السير بالبلاد نحو الهاوية فضلًا عن تغييره وان تحل محله، لتصلح ما افسده، لقد فشلت هي أيضًا.
. ولكنها لم تجرب، ولم تتح لها الفرصة ؟!
.. لا لقد جُربت، واتيحت لها الفرص؟!
.متى يا سيدى جُربت ؟! ومتى اتيحت لها الفرص ؟!
.. مرات عديدة،وربما كانت أعظمها بعد ثورة ٢٥ يناير ، اعطانا الشعب -كقوى مدنية -فرصة العمر وأجريت انتخابات نزيهة وتشظت القوى المدنية وكان ( كل حزب بما لديهم فرحون ) وكان عدد قوائم القوى المدنية ٣٣ قائمة في دوائر عديدة مقابل ٣ قوائم للقوى الدينية، بينما بلغ عدد المترشحين الفرددين من القوى المدنية ( فمن بين ٩٨ مرشحا في الدائرة الأولى بالإسكندرية مثلًا ترشح عدد ٩٤ مرشحًا مدنيًا مقابل ٤ من السلفيين والاخوان على مقعدين !!!!
وفي أسيوط جنوبًا ترشح في الدائرة الأولى ٧٠ مرشحًا منهم ٣ دينيون والبقية للقوى المدنية
أما ف القاهرة فقد ترشح (١٠٥٥ )مرشحًا على مقاعدها الـ ١٨ بالدوائر التسعة وبينما لم يرشح الإخوان والسلفيون الا العدد المطلوب فقد ترشح المدنيون على العد الباقيى فزاد عددهم عن الألف على الـ ١٨ مقعدًا وكانوا ينافسون بعضهم البعض
كانت الانتخابات النيابية بعد ثورة يناير فرصة عظيمة للمعارضة المدنية لتجمع قواها وتفوز وتشكل حكومة علها تعبر بشعبنا إلى الضفة الأخرى من التنمية ، ولكنها فشلت فشلًا ذريعًا وتركت المجلسين للتيارات الظلامية لتعيش القوى المدنية في ظلماتها الخاصة وتدفعنا معها في بحر من الظلمات .
. وتكرر ذلك في الانتخابات الرئاسية، فتنافس المدنيون بينما توحد الدينيون وبعض المدنيين حول مرسى
فبينما حصد المدنيون الـ ٩ الذين ترشحوا (٥٦،٧٪؜ )من أصوات الناخبين فلم تحصل القوى الدينية-بمن فيهم عبدالمنعم أبو الفتوح الا على ( ٤٣،٣٪؜من أصوات الناخبين( نسبة معقولة من هذه النسبة كانت لتصويت بعض القوى المدنية لعبدالمنعم أبو الفترح ) ، هذا في الجولة الأولى ، أما في الأخيرة فقد امتنعت أعداد كبيرة من القوى المدنية عن التصويت ومال عاصروا الليمون للتصويت لمرسي ، بينما حشدت القوى الدينية اتباعها والمحايدين لصالحها ففازوا.
الم تفشل القوى المدنية في المعارضة فأهدرت كل الفرص، كما فشل النظام في الحكم ؟!
فلماذا لا نتنحى جميعًا حكومة ومعارضة ونترك البلد لجيل جديد من السياسين لعله يخرج بها من ظلمات إلى نور ، ومن تخلف لتقدم ومن ديكتاتورية ( صفة للنظام حكومة ومعارضة )لديمقراطية ، ومن تخلف لحداثة
هل آن الأوان ان تترك المعارضة نضال الميكروفونات ، والصالونات وبريق العاصمة ورونقها ، وصورها ، وان تترك اللرصة لشباب قادر على التواصل مع الناس ، شباب من لحم ودم بعيدًا عن التكلس
اعتقد ان مشكلات النظام : حكومة ومعارضة واحدة منها : الاعتماد على أهل الثقة ، الاقربون ، العاصمة ، الديكتاتورية .
إنها دعوة للتنحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار