د امانى فؤاد تكتب : تُراه الموت قد أغراها بشيء !؟
حين فتح جواله باغته سواد كثيف يكسو صفحات كثيرين ممن يعرفهم على الفيسبوك؛ الجميع ينعونها. ماتت !؟ من ماتت، وكيف؟ هي، أهذا هو اسمها!؟ عليه أن يتحقق أولا، هناك تطابق بالاسم بلا شك، أهي المرأة التي عشقها ذات يوم حتى التوحد!؟
لم يصدق ما يقرأه، شيء ثقيل يتساقط على قلبه، سريعا ذهب لصفحتها فلم يجد شيئا، لكنها غائبة منذ أول أمس، ما الأمر، كثيرا ما كانت تغيب ثم تظهر ثانية فيطمئن وقتها أن حياتها تسير، وهما معا كان غيابها يصيبه بالجنون، كذلك حضورها وما يسببه من جلبة حولها. ذهب لصفحة أختها لم يجد شيئا، فحاول طمأنة نفسه للحظة، سريعا تحركت أصابعه قلقة تستحضر صفحة صديقتها، تأكد من الخبر الغريب. لماذا، وكيف؟ هل ماتت حقا!؟ ألم تعد على قيد الحياة؟
كفَّ، كفَّ طويلا غير مصدق لأي شيء، صمتَ، صمت لكنه شعر بسواد يغلف روحه، كيف لها أن تفعل هذا، لماذا تموت!؟
وما الأمر؟ ذهبتْ، أنتَ محوتها بداخلك منذ زمن، ألم تقرر أنك قد انتهيت منها؟ ما الفارق؟ هجرتها، وأعلنتها أنك لا تريد تواصلا معها مجددا، ثم طويت هذه الصفحة، الجديد فقط أنها رحلت نهائيا، لكنها لم تُحطك علما بأنها ستموت، لماذا تُصر دائما على إتيان ما يفاجئكَ منها!!
منذ أسبوع راسلته تقول: أنها تفتقده، تبغى الفضفضة معه كما كان يفعلا أول عشقهما، قالت: إن آلامها مبرحة وأنها تتمنى النهاية. شعر أنها تبالغ لتستدر عطفه. طلبت أن تسمع صوته وأشارت إلى بعض المشكلات، لم يكلف نفسه بالرد عليها كعادته مؤخرا، فصمتت. كانت أوهامي تنهال كالسيول الكاسحة عندما كانت تصمت في السابق، ليتني ما صممت آذاني عنها!!
لم يكن يرفضها في أعماقه، لكنه أيضا لا يريدها، ربما سكن إلى الراحة بعيدا عما تحدثه من ضوضاء، لكنه كان يشعر دائما أنها باقية. لا يصدق.
قرر أن يتصل بأختها، بمجرد سماع صوتها حط عليه الألم، أخبرته أن قلبها قد تهاوى سريعا، رفض الدعامتين في الجراحة الأخيرة، وأنها قد رحلت. يواجه ما يسمعه حانقا عليها، مستنكرا ضعفها وانسحابها، كيف لها أن ترحل!؟
لاحظ بعد جلسته وحيدا لساعات أنه دائما ما عاقبها على مالم تفعله، على مالا يد لها فيه. يحدَّث نفسه ويصمت، ثم يطوح بيديه في الفضاء من حوله: ماتت، ذهبت كما تذهب كل الأشياء. لا، هي بالأحرى ربما تطلعت لما خلف الموت، ربما لوح لها أحد بشيء؟
كان قد شطبها من حياته منذ شهور كثيرة، لماذا يشعر بقلبه الآن يُعتصر وكيانه؟ “لم تعد تحبها”، لقد قلت لها هذا مرارا. هل لكلماتك علاقة بكتفها المخنوق منذ شهور كما ذكرت أختها، كيف حط هلاكها بهذه السرعة.
بحث عن كلماتها التي كانت ترسلها إليه، في كل مرة كانت تكتب إليه كان يخبرها أنه لا يقرأها ويمحو ما تُرسله، كان يتعمد أن يختفي لتعتاد غيابه وليشعرها أنه لا يكترث. كأنها استسلمت.
لا يصدق موتها، عاود فتح صفحتها فلم يلحظ جديدا، لكنه لم يشم رائحتها التي كانت تجتاحه رغم المسافات التي تفصل بينهما، نظر إلى ملامحها فوجدها تتصاعد فوق الصور وتتبخر.
كتبت صديقتها تنعيها: “لم يحتمل قلبها الكراهية والشك فتصدعت أركانه سريعا”.