طارق صدقى يكتب ..ربيع يناير.. دعوة للحياة والحرية والعدالة غير المتحققة

لقد مرت ثلاثة عشر عاما منذ أن رددت شوارع مصر دعوات التغيير في 25 يناير 2011 ليصبح ذلك اليوم عبر سجلات التاريخ تذكير بتطلعات الشعب المصري إلى مستقبل أفضل، تجسدت تلك التطلعات في أربع كلمات “عيش – حرية –عدالة اجتماعية” ترددت تلك الكمآت متداخلة مع نداء صارخ لرحيل الرئيس لمدة 18 فرضا خلالهم المتظاهرون في ميدان التحرير على الحاكمين لثلاثة عقود التخلي عن مناصبهم. وما بدأ كمطلب جماعي أثار بصيص أمل في التحول نحو ديمقراطية حقيقية. ومع ذلك، عندما نتأمل الرحلة حتى الآن، يصبح من الواضح أن وعود تلك اللحظة الثورية المجيدة لم تتحقق إلى حد كبير.
ما تحقق في اللحظات الأولى وأصبح رمز للقوة

المتجسدة في وحدة الناس وأشعل الأمل في التحول نحو الديمقراطية حاملا وعودا بالإصلاح فلم تكن الهتافات التي ترددت في ميدان التحرير مجرد شعارات؛ لقد لخصت التطلعات الإصلاحية لشعب يتوق إلى مستقبل أكثر إشراقا. إن المطالبة بالعيش تعني وجود فرص لسبل العيش الآمنة حيث تتاح لكل شخص فرصة السعي للحصول على مصدر رزق لائق، حيث يمكن للفرد أن يزدهر دون خوف. والحرية أصبحت صرخة حاشدة لمجتمع لا يسمع فيه صوت الناس فحسب، بل يحترم أيضا. واعتبرت العدالة الاجتماعية، حجر الزاوية في الثورة، الطريق إلى مجتمع شامل وعادل للجميع.
على الرغم من القوة الضاغطة التي أطلقتها ثورة 25 يناير المجيدة في بدايتها والفرصة بالغة الأهمية للتغيير، فإن الرحلة نحو التغيير الدائم كانت شاقة. المطالب بالإصلاح والوعود

الأولية كانت غير كافية للتنقل في المشهد المعقد للانتقال السياسي. وكان يجب على الروح التي أشعلت الثورة أن تصمد أمام اختبارات الزمن وتتحمل عواصف الإحباط التي اجتاحت الوطن فتحولت الأيام إلى سنوات ميزتها التحديات والنكسات وفترات خيبة الأمل ما بعد الثورة، كاشفة عن هشاشة الحريات الجديدة وكان الطريق إلى الديمقراطية مليئا بالانتكاسات وفترات الإحباط، كاشفا عن الصعوبات الكامنة في تفكيك هياكل متجذرة. فأصبحت الديمقراطية عملا قيد التنفيذ بدلا من حقيقة واصطدمت التطلعات الأولية إلى عقد اجتماعي عادل ومتكافئ مع الواقع الصعب للتعقيدات السياسية والانقسامات الاجتماعية ووجدت الثورة نفسها تصارع مع تحديات عرقلت تحقيق مطالبها العميقة، ومع ذلك، وأسفل ركام الماضي فإن روح 25 يناير لا تزال حية قوية

بين الذين ذاقوا حلاوة التحرير. وأصبح مؤيدو التغيير الدائمون ملتزمين بمهمة بناء أمة ديمقراطية، مثابرين في الدفاع عن حق الشعب في مؤسسات ديمقراطية مدنية شفافة تعمل من أجل المواطن أولا وتمثل مصالحه.
وبينما نبحر في تعقيدات الحكم الرشيد والأزمات الاقتصادية، يجب أن نتذكر أن خيارتنا لا بد أن يتردد صداها مع الإيقاع الخالد لتطلعات الخامس والعشرين من يناير الذي ما زال يعزف في قلوب الذين يرفضون أن تنطفئ شعلة الأمل داخلهم مدركين أن العظمة الحقيقية لا تكمن في الإنجاز الشخصي فحسب بل في تحقيق الرخاء والحرية والعدالة للجميع.
وبينما نحتفي بالذكرى الثالثة عشرة لثورة 25 يناير ونتأمل في رحلتها، فمن الأهمية أن نجدد التزامنا بالمبادئ التي غذت تلك الأيام التاريخية لتكون الضوء الذي يرشدنا للتنقل بين ظلال التحديات المضطربة الراهنة. إن

الرحلة نحو الديمقراطية الحقيقية مستمرة، ولا يزال الصوت الجماعي الذي هز أسس الوضع الراهن في عام 2011 يستمر في الرنين ويتردد في قلوبنا نحن الذين مؤمنون بإمكانية تحقيق مستقبل أكثر إشراقا ساعين للانتقال نحو الديمقراطية.
لقد كانت ثورة 25 يناير لحظة محورية في التاريخ رمزا قويا تردد صداها من الغرب الى الشرق، شاهدا على الإمكانات الكامنة في توحيد المواطنين، انها ليست إرثا في التاريخ فقط ولكنها قوة حية، تحثنا على الاستمرار في السعي الدائم من أجل حياة نسيجها سبل عيش كريمة وحرية مسؤلة وعدالة محققة. وفي حين أن الطريق إلى الانتقال نحو الديمقراطية قد يكون طويلا ومتعرجا، فإن روح الثورة باقية، لتذكرنا بأن السعي إلى مجتمع أفضل هو رحلة تستحق القيام بها وإرثا أفضل لأبنائنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار