ناريمان مطر تكتب:الكنيسة القبطية ما بين التسييس والكثلكة ،، و بابا العرب !

* في ظل الصراع بين الشرق والغرب نشأ صراع خفي أيضاً ضد الكن
يسة القبطية فهي جزء لايتجزأ عن المجتمع وعن ساحة الأحداث من توتر يسود المنطقة بل والعالم وفِي ظل خلط الأوراق ، والسياسة بالدِّين لجر الكنيسة كورقة يلعب بها الساسة الكبار بالداخل والخارج، فالأقباط ليسوا سوى رقم يتم تداوله بينهم والمساومة عليه!

* زيارة البابا للبرلمان الأوروبي لم تكن في محلها وكان يجب رفضها، خصوصاً أنها أتت بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية، ورغم أننا ننادي دائماً بألا يجب أن ينزل الدين لمستوى المساومات السياسية، ولكن وزارة الخارجية كانت من الذكاء أن تتنصل من دورها لترسل البابا وجها لوجه مع الخواجات وترقب الموقف من بعيد لترى كيف ستتورط الكنيسة مع أعداءها بالداخل والخارج! فيتخذنا الخارج ذريعة للتدخل في شؤون البلد وتصفية حساباتهم السياسية ليجعلوا الأقباط مجرد” مسمار جحا” للمتاجرة بهم مقابل مصالحهم الكبرى السياسية!

* إلى الآن لا أفهم ما علاقة البابا بالسياسة والبرلمانات ليذهب لمكان سياسي ويدخل وكر الخبث السياسي؟! هل نحن لسنا مواطنين لتتكلم الدولة عنا وتنقل الوضع الحقيقي ( عن مواطنيها الأقباط) كمصريين وليسوا ( رعايا) لينوب عنهم لدى الغرب رئيس كنيستهم وكأنهم ضاقت بهم بلدهم بل وطنهم و وطن أجدادهم! إن كان الوضع هكذا في ظل خلط السياسة بالدِّين، فكان بالأولى أن يذهب البابا لبرلماننا الموقر بالداخل ليرفع عن الأقباط ملف مشاكلهم لحلها، قبل أن نذهب للخارج لنقول للخواجات: كله تمام يافندم،، والحياة بقى لونها بمبي !

* وماذا عن حرق الكنائس وتهجير الأقباط والإضطهاد اليومي من المتسلفين والمتأخونين حد المساومة على الدين في قطع لقمة العيش أو أسلمة البنات القُصّر بعد سلبهم من عائلاتهم بأساليب الخداع والغش. وكأن القبطي في وطنه كائن من كوكب أخر، يعيش حياتين ممزقتين ومفصولتين ، فهو من الرعايا الذين تمثلهم الكنيسة والبابا، وهو في نطاق ضيق يعتبرونه مواطن يمثله رئيس الدولة عند الحاجة إليه. فخطوة مثل هذه من رأس الكنيسة هي بمثابة رجوعنا للخلف كما كان الوضع قبل ان ينزل القبطي بجانب المسلم في الثورات ليرفع مشاكله للدولة وليس للكنيسة ! أما دور رجال الدين فهو داخل الكنيسة دينياً و روحياً . أما الدولة فعليها أن تعترف بالأقباط كمواطنين وليسوا رعايا! وإلا فالطرفان يعملان على تمزيق الشعب المصري طائفياً إلى شعبين وهذا ماكان يسعى إليه المحتل العربي قبل مئات السنين من منطق” فرِّق تسدْ ” ، دون أن يدرك رجال ديننا مايجنونه على الأقباط من تمزيق النسيج الواحد الذي صدعونا به ! وأن البابا على المستوى الرسمي فهو الرئيس للأقباط أما رئيس الدولة فهو رئيس لبني جلدته، وهنا يقع التمزيق والتفتيت والتقسيم الذي ليس بجديد والذي يريده أعداء الوطن أو المغيبين الذي لايدركون خطورة الوضع والأحداث المتسارعة لتقسيم المنطقة ، بل أصبح هذا الأسلوب منهج تعج به كتب التراث وحفظه عنا فكر الغرب سواء السياسيين أو رجال الكنيسة الغربية ويتعاملون معنا على أساسه.

* حتى الكنيسة الغربية تتدخل من هذه النظرة وبهذا المنطق في شؤون كنيستنا وأصبح لدينا ثلاثة أطراف يهمها إضعاف الكنيسة وبالتالي زعزعة الأقباط ومحو هويتهم المصرية والدينية، فمن بالداخل هم أحد الأطراف الذين صدّروا البابا للذهاب عند الكفرة الخواجات بالخارج وهم الطرف الثاني الذي يساوم مصر في أقباطها ليتمم أجندة مصالحه، والكنيسة الغربية الكاثوليكية وهي الطرف الثالث والتي تحاول منذ مئات السنين طيِّ الكنيسة المصرية في ردائها وتتحين الفرصة لإضعاف الكنيسة المصرية، فهي جعلت لها بطريرك كاثوليكي لايجلس على كرسيهم البطرسي كإسم كرسيهم بروما ، إنما ما يحدث هو تجليسهم لبطريركهم الكاثوليكي( إبراهيم إسحاق) والذي تمت رسامته على ( الكرسي المرقسي) الخاص بأقباط مصر الأرثوذكسيين ! فبأي منطق وبأي حق يسلبون الكنيسة المصرية ويجردونها من كرسيها البطريركي، وكأن الكرسي المرقسي في مصر فارغ من بطريركه ! وهو منهج كاثوليكي أيضاً تنتهجه كنيسة روما منذ أن دخلوا مصر بإرساليتهم لسرقة تاريخ الكنيسة المصرية و دورها المجتمعي وإضعاف الكرسي الباباوي للأرثوذكس شيئاً فشيئاً لكثلكة الكنيسة المصرية وهي محاولات لا تخطئها العين منذ القرن الخامس عشر في ظل المناداة بالوحدة الكنيسية، ولكن إي وحدة وعلى أي إساس وبشروط مَنْ في صحة تطبيق الطقوس الكنسية الصحيحة؟! أم على أساس أن تذوب الكنيسة القبطية بعراقتها وإمتداد تاريخها وتقاليد آبائها الرسل ليذوب كل هذا في بلاط البطريرك الروماني !

* عقد مجمع بفلورنسا بإيطاليا عام” ١٤٣٨- ١٤٣٩” وكانت الكنيسة القبطية والحبشية ممثلين هناك ولَم يتحقق شيئاً وأعيدت المحاولة في سنة ١٥٨٣حين أوفد بابا روما بعثة إلى مصر لحمل الكنيسة القبطية على الإتحاد بكنيسته وكان بابا الكنيسة القبطية هو يؤنس الرابع عشر ولَم يوفق المجمع في هذا الآتحاد المزعوم. وأعاد البابا في روما مجددا دعوته للبابا غيريال الثامن عام ( ١٥٩٠- ١٦٠١) ولَم يلبي البابا الدعوة هذه المرة أيضاً لأن بابا روما يشترط إخضاع القبط لسلطانه و لعقيدة كنيسته بدعوى أنه الرئيس العام للكنيسة في العالم” وأنا أرى أن هذا أسلوب غطرسة الطغاة سياسياً”، هل كنيسة روما هيئة دينية أم تنظيم سياسي وبالتالي تخلوا مت أي سمة روحانية ورعوية إلا في حدود الهيمنة والسيطرة! لهذا فضلت الكنيسة المصرية إستقلالها الديني ودفع بل بذل مزيد من دماء شهدائها، وعلى حد تعبير المؤرخ المصري كامل صالح نخلة في كتابه( تاريخ الأمة القبطية – طبعة١٩٤٨ ) حيث قال صفحة ١٣١ : ( إشتروا إستقلالهم الديني بدمائهم )

* وفِي القرن السابع عشر والثامن عشر ” ١٦٧٦- ١٧١٨” لم يملوا من محاولاتهم فأرسلوا إرسالياتهم الكاثوليكية بصعيد مصر لإستقطاب الأقباط لكثلكتهم كما أرّخ لهذا المؤرخ كامل نخلة صفحة ١٣٣ ، ( بأن أراد قساوستهم الإعتداء على حقوق البطريرك و رُفع الأمر للحكومة فوضعت الأمور في نصابها و أقرت البطريرك المصري على حقه في الإنفراد بإدارة شؤون كنيسته )

* إنتهي كلام المؤرخ كامل نخلة، وسؤالي أين ذهب كرسيهم البطرسي المزعوم؟! لماذا لا يحترمون كرسي البطاركة في الكنائس المشرقية متخطيين عتبة الحق بترسيم بطاركة زائفين على الكرسي المرقسي وكراسي الكنائس المشرقية ؟ والمصيبة أن يذهب بابا الكنيسة القبطية ليبارك حفل ترسيمهم الزائف لبطركهم في مصر وهو يرى كرسي مار مرقس يجلس عليه هذا الرجل المدعو” إبراهيم إسحاق” بلا إختشى ، هذا الكرسي المقدس الذي سفك عنه القديس مارمرقس دمائه لأجل تأسيسه وأكمل بعده أبناء الوطن بذل دمائهم في سبيل الحفاظ على إيمانهم والكرسي الذي سلمهم إياه قديس عظيم من رسل السيد المسيح !

* الْيَوْمَ يريدون إذابة كل هذا التاريخ القبطي في خيمة عروبتهم وفِي بلاط كثلكتهم! من هنا نرفض بشدة أن يكون إسم الفيلم الذي ستنتجه الكنيسة عن البابا شنودة أن يكون إسمه” بابا العرب” فلم يكن المصري يوماً عربياً ولا ننتمي سوى لهذه الأرض السمراء وطميها ونيلها وحنطتهاالذهبية ولَم نكن يوماً نحمل ثقافة التصحر والرمال التي لا تقدم شيئاً سوى ثقافة الهدم والدم. لماذا نجرح هويتنا وهوية رجل وطني وهو ( معلم الأجيال) البابا شنودة ونرمي تاريخه لهم في مزبلة فكرهم ليعبثوا به كيفما تريد مصالحهم! وندرك أننا بالإرتماء في خيمة عروبتهم نتخلى عن الأمل الوحيد في الإحتفاظ بهويتنا المصرية التي دفعنا فيها دم أولادنا على مدار أجيال لنحافظ على هوية هذا الوطن وهوية كنيستنا القبطية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار