محمد فاروق يكتب..تيه الحركة الوطنية المصرية

نحن نعيش ذكري ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وفي ظل الواقع الضاغط الذي نعيشه و إحساس عميق لدى الجميع بمدى تأزم الواقع وبؤسه وضرورة محاولة الخروج منه وتغييره وفي ظل هذا الضغط تتراجع الرغبة في التدقيق والبحث
ويظل السؤال المهيمن علي الجميع ماذا يمكنا ان نفعل ؟
فكثير من الاصدقاء ودوائر الحوار الان يسيطر عليها السؤال الملح ماذا يمكنا ان نفعل؟
وهنا تظهر اهمية كبرى لثورة يناير باعتبار انها كانت محاولة فعل واشتباك وتغيير كبرى تعثرت
فنحن نعيش مسار ممتد منذ ثورة يناير حتي اليوم تتعمق فيه الازمة و علي مستوى النتائج المباشرة نحن في لحظة هزيمة كبرى نحن نعيش واقع يناقض بالكلية كل اهداف وشعارات من شاركوا في ثورة يناير ولكننا امام فرصة كبرى لنقله حقيقية علي المستوى الوعي ليس المقصود بالوعي هو الوعي النظري المعزول عن التأثير ولكن المقصود هو الوعي الفعال القادر علي انتاج فعل وحركة في الاتجاه الصحيح
فالدرس الاهم من مسار ثورة يناير حتي اليوم هو
ليس كل حركة مكتوب لها النجاح وليس كل تغيير هو تغيير نحو الافضل
ولا يوجد قاع اسفل المنحدر فكل قاع نتصوره ندرك لاحقا وجود قاع يليه
وهذا من اهم دروس المسار الذي عاشته مصر عقب ثورة يناير
واعتقد ان السبب الرئيسي لعدم ظهور و بلورة افكار واطر مؤثرة للفعل والحركة وسؤال الجميع ماذا يمكنا ان نفعل؟ حيال هذا الواقع الضاغط
ليس مجرد محاولات القمع و الضغوط الامنية
ولكن هو ادراك عميق لدي العقل الجمعي للمصريين ان مجرد الفعل والحركة دون رؤية او اتجاه وتقديم تضحيات واثمان كبرى في مسارات واتجاهات غير واضحة لا يمكن ان يكون خيارا جاذبا ولا يمكن ان يولد حركة وفعل وتاثير نهيك عن نهضة حقيقية كبرى يكون بتأكيد لها تأثير ممتد عبر الوطن العربي والاقليم والعالم
فواقع الحياة السياسية في مصر الان هو تعبير عن نخبة ضيقة محاصره لديها رغبه في الاشتباك مع الواقع البائس ولكنها تشتبك مع القضايا الانيه دون رؤية حاكمة وضابطة والاسوء من ذلك هو توظيف هذه النخبة احيانا لخدمة رؤى وتصورات اطراف اخري قد تكون لها مصالح مضاده
و لن نستطيع ان نجيب علي سؤال ماذا يمكنا ان نفعل؟ وتكون هذه الاجابة قادرة علي الفعل والتاثير والحشد بدون ان نمتلك رؤية متكاملة
المشكله الحقيقية ليست في مجرد الاجابة فهناك العشرات من الاجابات والمحاولات
الاشتباك في الانتخابات الرئاسية اجابة جزئية
السعي لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية اجابة جزئية
التحالفات السياسية الواسعة للمعارضة اجابة جزئية
وكل ذالك محاولات ليست مدانة من حيث المبدأ ولكنها مدانه لانها لا تمتلك رؤية اعم واشمل تضبطها
و يظل السؤال حول الاجابة القادرة علي الفعل والتاثير واحداث ليس مجرد تغيير ولكن نهضة حقيقية هذه الاجابة فقط هي القادرة علي النجاح ولها قدرة علي الحشد وتستحق التضحيات والاثمان
ونعيد ونؤكد ليس المقصود بالرؤية هي مجرد الوعي النظري المعزول عن الفعل والحركة فهذا الوعي موجود وحاضر ولن يكون لنا دور كبير وحاسم فيه وسيقتصر دورنا علي اعادة صياغته وتقديمه فنحن نمتلك العشرات بل المئات من المفكرين الذين قدموا وعيا نظريا في كافة المجالات يمكن ان يكون اساس لرؤية ولكن المقصود رؤية فعاله تكون في موقع التاثير كاساس للفعل والحركة والتحالفات السياسية والاشتباك مع النظام وتكون اساس للخطاب السياسي الموجه للجمهور من خلال الاعلام او وسائل التواصل المختلفة
وكجزء من واجب المشاركة في انضاج هذه الرؤية و كإجابة مشتركة لسؤالين مرتبطين معا
ماذا يمكنا ان نفعل؟ ولماذا تعثرت ثورة يناير؟
يجب طرح سؤال اولي هل يوجد قضية مركزية ضابطة ؟
ام كل القضايا وكل الاحداث لها نفس الاولوية و نفس التأثير ؟
وغياب هذا السؤال من اهم اسباب التيه الذي نعيشة و تعيشة الحركة الوطنية المصرية
مع غياب القضية المركزية والاولوية نكون اكثر قابلية للتوظيف لخدمة رؤى واهداف قد تكون مناقضة او مضللة فعندما نغيب نحن عن صياغة الاولويات يتولى غيرنا صياغتها
فقد يصوغ النظام الاولوية في لحظة ما لصالحه
او يصوغ الاعلام الاولوية في لحظه اخري خدمة لمصالح النظام او مصالح كبار رجال الاعمال
مثل الترويج لخطاب ان الافه الكبرى وسبب تردي الاوضاع الاقتصادية الذي نعيشة هو دور الدولة في الاقتصاد والحل هو خروج الدولة لصالح كبار رجال الاعمال و تتبنى الحركة الوطنية او جزء منها نفس الخطاب مع تغييب دور مؤسسات التمويل الدولية في الانهيار من الخطاب السياسي
او تصوغ منظمات حقوق الانسان الأولويات في لحظه اخرى ووسائل الاعلام الدولية لاعطاء الاولية والتركيز في انتقاد انظمة بعينها او ممارسات مختارة خدمة للمصالح الغربية
لذا وجب تحديد القضية المركزية والاولوية كاساس لرؤية فعالة تضبط الفعل والحركة والذي يجب ان يبنى علي اساسها خطابنا السياسي وتحالفاتنا السياسية والمصطلحات والمسميات المستخدمة ونعيد ترتيب مواقفنا بناء علي هذه الرؤية والتي يمكن من خلالها استخدام بعض الاليات والادوات في مرحلة التيه ولكن في اطار رؤية اعم واشمل
وكمثال علي مدى تاثير وجود قضية مركزية ضابطة ليس فقط لضبط الفعل والحركة ولكن ايضا تنعكس علي المصطلحات والمسميات المستخدمة كتعبير عن الوعي المهيمن هو رصد التحول في المسميات المستخدمة للتعبير عن المعارضه من مسمي المعارضه الوطنية او الحركة الوطنية والتي تعكس أولوية القضية الوطنية الي المعارضه الديمقراطية ثم الي القوى المدنية والتي تعكس وعي مهيمن مختلف وقضايا مركزية اخرى ادركنا ذلك ام لم ندرك
والقضية المركزية الضابطة لا يمكن ان يتم اختيارها عشوائيا او لمجرد انحياز فكري وايديولوجي
ولكن بناء علي استقراء موضوعي وفهم عميق للواقع يتجاوز اللحظة الراهنة ليدرك السياق الاعم والاشمل
لا يستغرق في تفاصيل الصراع وشخوصه ولكن يهتم بأسس الصراع وقواه الاصيلة المحركة
و يجب ان ندرك اننا نعيش في قلب العالم ولسنا جزيرة معزولة عنه
كما يجب ان ندرك ان الصراع الذي يدور في مصر لا يمكن الا ان يكون جزءا من صراع عالمي اعم واشمل وان القوى والافراد والاشخاص التي تخوض صراعها في مصر لا يمكن الا ان تكون امتداد لقوى عالمية ادركت ذلك ام لم تدرك
ولا يمكن تصور الواقع في مصر كنتاج لتفاعلات حره بين قواه الداخلية فقط فذلك انكار لجغرافيا وتاريخ مصر
وعليه فالقضية المركزية الضابطة للفعل والحركة يجب ان تكون الخروج من الهيمنة الغربية وهذه ليست معركة مصر فقط ولكن هي المعركة العالمية الكبرى الذي يخوضها العالم منذ الثورة الصناعية في اوروبا و ظهور النظام الرأسمالي ثم المرحلة الامبريالية والاستعمار المباشر والاستغلال الاقتصادي
فاذا اردنا صياغة عنوان لتاريخ العالم لما يزيد عن قرنين من الزمن هو محاولة العالم التخلص من الهيمنة الغربية
واذا اردنا تلخيص تاريخ مصر الحديث هو صراع مصر مع الغرب من اجل تحقيق النهضة والتنمية
ونحن نعيش تحولات كبرى علي مستوى العالم ونعيش محاولة كبرى للخلاص من الهيمنة الغربية لا يمكن ان نتصور ان تكون مصر بعيدة عن هذه المحاولة ولكن يبقى السؤال من ينهض للقيام بهذا الدور ؟ و هل تدرك الحركة الوطنية المصرية دورها وطبيعة الصراع الذي تخوضه؟

ونحن نعيش تحولات كبرى علي مستوى العالم ونعيش محاولة كبرى للخلاص من الهيمنة الغربية لا يمكن ان نتصور ان تكون مصر بعيدة عن هذه المحاولة ولكن يبقى السؤال من ينهض للقيام بهذا الدور ؟ و هل تدرك الحركة الوطنية المصرية دورها وطبيعة الصراع الذي تخوضه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار