احمد مدين يكتب ..الشعبوية السياسية بين الواقع والأوهام

الشعبوية تحولت  لمفهوم سياسي معقد ومتعدد الأوجه يستخدم لوصف حركات أو خطابات سياسية تدعي تمثيل “الشعب” في مواجهة “النخبة” أو “الحكام”.

تعتمد الشعبوية على خطاب بسيط ومباشر غالبًا ما يكون عاطفيًا لشحن الجماهير ضد المؤسسات التقليدية والنخب السياسية والاقتصادية رغم أن الشعبوية يمكن أن تظهر في سياقات سياسية مختلفة (يمينية أو يسارية)، إلا أنها تشترك في بعض الخصائص الأساسية.

 

تعريف الشعبوية

الشعبوية هي أيديولوجيا أو أسلوب سياسي يعتمد على تقسيم المجتمع إلى فئتين متعارضتين “الشعب النقي” و”النخبة الفاسدة”. يدعي الشعبويون أنهم يمثلون صوت الشعب الحقيقي ويعبرون عن استيائهم من النظام القائم متهمين النخب بالفساد أو الخيانة أو الإهمال.

وهناك شكل أخر للشعبوية في مجتمعاتنا العربية تستخدم نفس الأدوات لشحن الشعب عاطفيا مع الحكام ودعمهم ومساعدتهم لتثبيت اركان حكمهم.

خصائص الشعبوية

  1. الاستقطاب: تقسيم المجتمع إلى “نحن” و”هم”
  2. الخطاب العاطفي: استخدام لغة بسيطة وعاطفية لتعبئة الجماهير.
  3. معاداة النخب: انتقاد المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية التقليدية.
  4. الزعيمية: الاعتماد على شخصية كاريزمية تقدم نفسها كممثل للشعب.
  5. التبسيط: تقديم حلول بسيطة لمشاكل معقدة غالبًا دون تفاصيل سياسية أو اقتصادية.
  6. الاستياء من الوضع الراهن: استغلال مشاعر الغضب أو الخوف أو الإحباط لدى الجماهير.

 

أنواع الشعبوية

  1. الشعبوية اليمينية: تركزعلى قضايا مثل الهجرة الهوية الوطنية ومعاداة النخب الدولية (مثل الاتحاد الأوروبي)

أمثلة: دونالد ترامب في الولايات المتحدة وحزب “البديل من أجل ألمانيا”.

  1. الشعبوية اليسارية: تركز على العدالة الاجتماعية، توزيع الثروة ومعاداة النخب الاقتصادية (مثل البنوك والشركات الكبرى)

أمثلة بيرني ساندرز في الولايات المتحدة، وحزب “بوديموس” في إسبانيا.

 

أسباب صعود الشعبوية

  1. عدم المساواة الاقتصادية: تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء أدى إلى استياء واسع النطاق.
  2. العولمة: أدت العولمة إلى فقدان الوظائف في بعض القطاعات، مما أثار غضب العمال.
  3. الهجرة: تدفق المهاجرين أثار مخاوف ثقافية واقتصادية في بعض المجتمعات.
  4. فقدان الثقة في المؤسسات: تراجع ثقة الجماهير في الأحزاب السياسية التقليدية والإعلام.
  5. التغيرات التكنولوجية: وسائل التواصل الاجتماعي سهلت انتشار الخطاب الشعبوي.

 

تأثير الشعبوية على السياسة

  1. تغيير المشهد السياسي: ظهور أحزاب وحركات جديدة تتحدى الأحزاب التقليدية.
  2. تأجيج الانقسامات: زيادة الاستقطاب السياسي والاجتماعي.
  3. تحدي الديمقراطية: في بعض الحالات، قد تؤدي الشعبوية إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية.
  4. إعادة تعريف السياسة: تحول التركيز من السياسات التفصيلية إلى الخطابات العاطفية والرمزية.

 

عيوب الشعبوية

  1. التبسيط المفرط: تقديم حلول غير واقعية لمشاكل معقدة دون تفاصيل ودراسات فعليك.
  2. الاستبداد المحتمل: قد تؤدي الزعيمية إلى تقويض الديمقراطية والتحول من إستبداد الديكتاتورية إلي إستبداد الشعبوية لإن الناس دائما ما تبحث عن فكرة “المستبد العادل”.
  3. *تأجيج الكراهية: استخدام خطاب معاد للأقليات أو السياسات الحاكمة.
  4. عدم الاستقرار: قد تؤدي الشعبوية إلى سياسات متقلبة وغير متوقعة لأنها تعتمد في الأصل علي الجانب العاطفي وليس العقلي والأكاديمي.

الشعبوية ظاهرة سياسية معقدة تظهر كرد فعل على التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

رغم أنها قد تعبر عن استياء حقيقي لدى قطاعات واسعة من المجتمع إلا أنها تحمل مخاطر كبيرة خاصة عندما تؤدي إلى استقطاب اجتماعي أو تقويض المؤسسات الديمقراطية فهم الشعبوية يتطلب تحليلًا دقيقًا للسياقات التي تظهر فيها والأسباب وراء صعودها وتأثيراتها على المدى الطويل

ختاما الشعبوية سلاح ذو حدين تستخدمة بعض الأنظمة لإيهام الشعب بشكل عاطفي انها تحتاج الدعم للإستمرار من أجل المصالح العليا ولكنها تستخدم الشعب للعمل لمصالح بعيدة عن صالح الناس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار