مدحت الزاهد يكتب.. رموز مصرية”٢” (المستشار يحيى الرفاعى)
عرفته عن قرب وجمعتنى به مواقف لا تنسى وهو رمز كبير لتيار استقلال القضاء شملته كل حركة تطهير او تحجيم تستهدف تدجين القضاء فى عهد عبد الناصر والسادات ومبارك وفاضت روحه الى ربه قبل عهد السيسى . ونسبت اليه الطريقة الرفاعية ، وصفا لصدارته لتيار الاستقلال، وهو ايضا رئيس نادى القضاة لعدة دورات ورئيس مؤتمر العدالة الأول عام 86 الذى ضم كل المعنين بقضايا العدالة وقدم المؤتمر توصيات ووثائق بالغة الأهمية في شئون العدالة والقضاء ، ولم يخفض ابدا رأسه ولم ينافق حاكما ، وعندما طلبوا منه الاطلاع على كلمته في افتتاح المؤتمر الذى حضره مبارك ، رفض ، وعندما طالبوه بعدم ذكر مطالب القضاة في انهاء حالة الطوارئ رفض، فاضطر مبارك الى تمديد الطوارئ قبل افتتاح المؤتمر بيوم ، تفاديا لحرج مدها رغم التوصيات المتوقعة للمؤتمر . ومع هذا خاطب المستشار في كلمة الافتتاح رئيس الجمهورية عاتبا عليه مد الطوارئ بقوله : وكنا نتمنى الا تفعل ، اما وقد حدث فيلزم ان تكون في اضيق نطاق والا تستخدم في غير الحالات الواردة والا تكون غطاء لتعسف السلطات .
أما موقفه المشهود معى فكان بمناسبة تحقيقات أجرتها معى نيابة أمن الدولة برئاسة المستشار عبد المجيد محمود حول خبر مانشيت الاهالى وكان خاصا بالجمعية العمومية لمحكمة النقض متضمنا انها بحثت مذكرة تقدم بها قضاة النقض تستنكر تدخل زكى بدر وزير الداخلية وقتها في اعمال القضاء بتصريحاته التي يدلى بها علنا ويوجه بها الجنود والضباط (أضرب في المليان) ( عاوزهم جثث) و أضاف الوزير للداخلية مع وظيفة التحريات ، وظيفة المحقق والقاضى وعشماوى منفذ احكام الاعدام، ضاربا بسلطة القضاء عرض الحائط ، ثم يتباهى بصلب جثث ضحاياه على صفحات الجرائد. وقد أحدث هذا الخبر دويا وقتها ولم يستفز زكى بدر وزير الداخلية فقطـ بل ضغطوا على المستشار احمد شوقى المليجى الذى كان رئيسا لمحكمة النقض ورئيسا بحكم وظيفته لعمومية النقض فأصدر تكذيبا للخبر وبدأ موسى صبرى في جريدة الاخبار حملة واسعة بعناوين (أكاذيب الاهالى) واستدعتنى نيابة امن الدولة للتحقيق في اتهام رئيس القضاة ، رغم ان الخبر كان صحيحا، ورغم أن مقدم البلاغ كان رئيس القضاة ومع تأكيد النفى استوضحت الأمر من المستشار يحيى لما عرف عنه من صدق ونزاهة وشجاعة فنصحنى المستشار الرفاعى أن أطلب شهادته وهو نائب رئيس النقض ورئيس نادى القضاة، وشهادة من حضروا الجمعية العمومية ، وقال انهم سيشهدون بالحق ولن يكتموه.
وفى غرفة التحقيق ، طلبت من المتشار عبد المجيد محمود شهادة قضاة النقض، دون تحديد اسم بالذات وبعد جلسة طويلة تمسكت فيها بصحة الخبر وطلب الشهود تم حفظ التحقيق والافراج عنى من سرايا النيابة ولهذا قصة ساعود لها .. ولكن المستشار يحيى من أكثر من عرفت تميزا بقامته وهيبته وهو من أكثر من تنبهت معه بأن هناك فرقا بين المكان والمكانة، فحتى عندما كانت تنجح الحكومة في اسقاطه في انتخابات رئاسة النادى، كان حضوره كافيا لان يصمت الجميع وينهضون وقوفا.