د/ أحمد حسين يكتب… دفتر أحوال الوطن غُيبت السياسة فكيف يتقدم الوطن !

السياسة هي المسؤولة عن تقدم المجتمعات وتطورها وتطور قدرتها على أن تكون بين الأمم لأنها ببساطة هي المسؤولة عن إدارة مقدرات الدولة وفق رؤى وخطط وبرامج تدير وتعمل بما يحقق النجاح والتراكم في متوالية متصاعدة تتماشى مع تغيرات الواقع وتطورات البيئة المجتمعية ، ومصدر تنشئة وتعليم ممارسة العمل السياسي هو بنية مؤسسات المجتمع المدنية والمجتمعية مدارس جامعات مراكز شباب أحزاب… ، وبنية تٓحقق نجاحها توفر الحريات واحترام التداول السلمي للسلطة والبناء الدستوري الذي يرسخ ذلك ويحققه دون القدرة على تجاوزه، وجوهر الممارسة السياسية الأحزاب المدنية الديمقراطية التي تحمل الرؤى والبرامج والسياسات التي تطرحها للناس من خلال كوادرها لتنفيذها حال توليهم السلطة وفق بنية حزبية متنافسة في انتخابات تتسم بالنزاهة والعدالة والشفافية ورؤى وبرامج وكوادر ونجاح يتراكم ووصول للسلطة في ظل مرجعية دستورية تحقق مصالح الجميع .
هذه هي بنية العمل السياسي وهذه هي السياسة التي تحقق تطور المجتمعات وتبنيها لتكون بين الأمم ولتحقق الحياة السعادة والرفاة لمواطنيها. للأسف كل هذا ليس موجود في مصر، لا يوجد عمل سياسي، ولا بنية مؤسسية تحققه ، ولا أحزاب تمارسه، ولا منطلقات إدارة وطنية وسلطوية قائمة على السياسة ، ما يوجد على مستوي بنية ما يسمى بأحزاب السلطة سوا جماعات منتفعين أسستتها الأجهزة الأمنية كأنها أحزاب وما هي سوا تشكيلات تتبع أشخاص تديرها من خلف الستار، لا يوجد بنية مؤسسية حقيقية مستقلة حزبية تمارس السياسة لديها مؤسسية وأيديولوجيا وكوادر برامج و سياسات حزبية تنطلق من الحاضر وتلحق بالمستقبل، ما يوجد سوا أفراد جاءت بهم السلطة وتحديدا أجهزتها الأمنية وشكلت منهم جماعات منتفعة بنفاق السلطة وأسمتها بمسميات حزبية وطنية وكأنها أحزاب تمارس العمل السياسي وهو أمر غير صحيح فلا هي أحزاب ولا هم كوادر ولا لديهم مؤسسية ولا رؤية ولا كوادر ولا سياسات ولا استقلال ولا برامج متنافسة ولا وجود وقبول مجتمعي لتقديم حلول للمشاكل الاقتصادية والسياسية والثقافية والمجتمعية ، ما هم سوا أفراد جمعتهم الأجهزة وأسمتهم بمسميات وفرضتهم على المجتمع ولم ولن يقدموا جديد للوطن.
أما أحزاب القوى المدنية المعارضة فهي تمارس العمل السياسي على حد السيف فيتم التضييق عليها، ومتابعة أعضائها أمنيا وحياكة المؤمرات وتخويف المواطنين من الالتحاق بصفوفها وممارسة العمل الحزبي معها، بالإضافة إلى مشاكلها الداخلية ضعف بيتها المؤسسية وقلة مواردها المادية …والذي يجعلها هي الأخري غير قادرة على تشكيل بنية سياسية مؤسسية قادرة تقدم نفسها للمجتمع بما يواجه سياسات السلطة المجحفة ويعمل على تغييرها بما يحقق مصالح المجتمع ،
أضف إلى ذلك أيضا بنية اعداد وتأهيل النشيء واكتشاف الكوادر السياسية غائبة عن المجتمع فمنظومة الإدارة المحلية المجتمعية غائبة من سنين ، والممارسة السياسة مغيبة بالجامعات وبالمؤسسات الشبابية، وهناك تخويف للشباب والمواطنين من ممارسة العمل السياسي الحقيقي لما يلحق بهم من ضرر وتغييب لهم عن تحقيق احلامهم المشروعة الئي يلحق بهم جراء العمل السياسي الحقيقي والقائم على السعي للوصول للسلطة عبر التداول السلمي للسلطة والذي هو جوهر العمل السياسي.
ومن هنا فإن بِنى المؤسسات المسؤلة عن إدارة المجتمع وتحقيق النجاح بإدارته غائبة الأحزاب غائبة البرامج السياسات الكوادر الرؤى السياسية غير موجودة السياسة غائبة، ما هو موجود سوا كبار موظفين السلطة يدفعهم قدرتهم على امتلاك مقدارت الدولة وقوتها وتسخيرها لتقديمهم ليكونوا وليديروا الوطن وفق رؤي فردية سلطوية من هنا وأخري هناك والتي هي في النهاية هي رؤى أفراد وليست رؤى متكاملة لبنية مؤسسية وظيفتها ادارة الوطن عبر سياسات وبرامج وكوادر تتنافس وتتطور تبني ويبنى عليها في متوالية مستمرة ومتراكمة وفق بنية وطنية جمعية حاكمة وموجهة بما يحقق مصالح المواطنين وبما يبني وطن قادر وفاعل متطور ومتقدم على مصاف الحضارة والقدرة بين الأمم.
الخلاصة غابت السياسة وغابت بناها المسؤلة عن بناء وتطوير المجتمع فغابت مصر وأرهقت في الأزمات والمشكلات والفقر والديون والتخلف وأضحت من العالم الثالث الذي يعاني الأزمات الاقتصادية والسياسية والثقافية والمجتمعية ولم ولن تخرج منها إلا ببناء وتحقيق إصلاح سياسي حقيقي يفتح المجال العام، يعزز الحريات، يرسخ الدستور، ويحقق الممارسة السياسية لادارة المجتمع وفق بنية حزبية حقيقية مؤسسية، تمتلك البرامج والسياسات والرؤى والكوادر وتعمل في ظل دستور مظلة وحكم لترسيخ بنية تداول سلمي للسلطة وفصل بين السلطات ويرسخ بنية عمل سياسي يحقق الادارة الراشدة للمجتمع.
دون ذلك سنبقى في دائرة الفقر والتخلف والانتقال من سيء لأسوأ ومن سلطة لسلطة تتغير ولا يتغير معها سوا درجة السوء وحدته.




