حسام خضرا يكتب..هل حقاً حماس تحتضر؟

لأول مرة ومنذ 18 عاماً خرجت في قطاع غزة تظاهرات تطالب بتنحي حركة حماس عن الحكم في قطاع غزة، وبقدر الإمكان حاولت الحركة قمع الحراك بطريقتها الخاصة دون التضحية بعناصرها فخطفت وقتلت بعض النشطاء على حين غرة، فيما استمرت التظاهرات ولم تستطع الحركة قمعها خوفاً من الاستهداف، لكن بالطبع لن يسلم أولئك الذين خرجوا بأصواتهم ينادون بالحرية من حماس فعناصر الحركة التقطوا الصور وسجلوا بيانات جميع النشطاء الذين شاركوا في التجمهر حتى يحين الوقت المناسب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل حقاً حركة حماس في غزة تحتضر، وأصبح حكمها في مهب الريح، وفقدت سلطتها القمعية على الشارع والمواطنين ..؟
الإجابة وبكل بساطة هي أن حركة حماس ما زالت تسيطر على الشارع في قطاع غزة حتى وإن فقدت السيطرة على بعض المناطق بسبب ظروف الحرب الحالية، لكن في حال عقدت حماس أية هدنة مع إسرائيل سوف نرى عناصر الحركة ينتشرون ويسيطرون على الشارع بكل قوة حتى وإن لزم الأمر أن يتم التضحية ببعض المواطنين في سبيل ذلك ولديهم من الفتاوى التي عملوا على تطويعها لمصلحتهم الخاصة ما يكفي لتبرير جرائمهم بحق المواطنين في قطاع غزة.
إن حماس فكرة وليست مجرد حزب سياسي ديني، والفكرة قائمة على أن هذه الأرض منحها الله لحماس على اعتبار أنهم الطائفة المنصورة التي جاء ذكرها في عدة مواضع دينية، وعلى هذا الأساس فإن عناصر الحركة يؤمنون وبقوة بولايتهم وأحقيتهم بالوجود داخل القطاع وعلى رأس الهرم حتى وإن كانت التصريحات الإعلامية تشير إلى موافقة حماس على أن تعمل لجنة الإسناد المجتمعي على حكم القطاع خلال الفترة المقبلة.
لكن ما لا تصرح به الحركة وقيادتها هو شكل الحكم الذي ستمثله لجنة الإسناد المجتمعي، فحماس تعرف أن الحكم في القطاع هو للطرف الأقوى والمسيطر على الأرض بسلاحه وجنوده حتى وإن كانت الحكومة لا تتبع مبادئ من يحمل السلاح، فمن يدير القطاع سيكون مسؤولاً فقط عن بعض الملفات الخاصة بإعادة الإعمار فيما ستكون حماس هي المنفذ الفعلي لأية نشاطات بمسلحيها القادرين على الإقناع بسلطة بنادقهم التي يتم توجيهها بحسب الحاجة تارة إلى إسرائيل وتارة في وجه المواطنين الفلسطينيين.
إن ما تفعله حماس اليوم هو مراهقة سياسية أفضت إلى دمار غزة بالكامل وتشريد المواطنين، فيما لم ترمش جفون قيادة الحركة ألماً على ما يحدث لمواطنيهم بل اعتبروا أن كل ما حدث هو قدر الله ويجب أن نتحمله حتى لا نخرج من إطار الملة والدين، رغم علمهم المسبق أن سكان القطاع وصلوا إلى مرحلة متقدمة من اليأس وأصبح جل تفكيرهم منصب على البحث عن أي منفذ للخروج من هذا الجحيم.
فالقطاع حقيقة لم يعد مكاناً صالحاً للسكن حتى وإن أعيد إعماره مرة أخرى، فكيف تبني من جديد وما زال لديك أسباب الدمار المتمثلة في تلك الأنفاق التي بنيت وتم التأسيس لبنيتها التحتية تحت المنازل والمدارس والمستشفيات، فيما ترفض حماس بشكل قطعي أن يتم المساس بها وتعتبرها من المقدسات، ما يعني أن هناك ما هو أبعد من هذه الحرب في المستقبل القريب في حال تمت إعادة الإعمار وتم التوافق على بقاء حماس داخل السلطة بعدما أثبتت أنها حركة غير جديرة بثقة المواطنين ولا القضية الفلسطينية بأكملها.
فالحزب الذي يحارب من أجل أفكاره وبقاءه لا من أجل شعبه، وفي نفس الوقت يمنع كل مقومات الصمود والبقاء ويتعامل على أنه ميليشيا مسلحة تخطف وتقتل وتعذب حتى أثناء الحرب الإسرائيلية، لا يمكن أن يكتب له البقاء مجدداً، ومن المهم والضروري أن تكون هناك مراجعة فكرية لكل السموم التي زرعتها حماس في رؤوس مريديها من المغيبين إلى جانب اعتذارهم عما حدث بحق الشعب في خطوة كان سقفها أقل من سقف غرفة من خططوا لها وأمروا بتنفيذها بمراهقة سياسية أدخلت الغزيين في مهلكة الجحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار