أحمد فوزي سالم يكتب : المسؤولية الفردية عن الفقر !
من الأسئلة التي يخاف منها مجتمعنا، مع أن ثقافة الإجابة عنه، قد تساعدنا في ابتكار حلول أكثر ذكاءً، فالمجتمع المصري خاصة، والمجتمعات العربية والإسلامية عامة، لا تعرف كيفية معالجة الفقر، وإن كانت تتعامل معه بقبلية بغضية، وتحمل الفقراء ــ ولو نفسيًا ومعنويا ــ مسئولية فقرهم، حتى وإن لم تعترف بذلك، والغريب أنها لا تشجعهم في الوقت نفسه، أو تكافئهم على أي خيارات جيدة لتجاوزه !
أي مجتمعي صحي، يريد تقليل رقعة الفقر والفقراء، يجب أن يساعدهم في الاعتماد على الذات، وليس التبعية، والقضية ليست معقدة الحلول كما يدعي البعض، ولكن جزء كبير منها، يعود إلى تجاهل بناء ثقافة جديدة، تعتبر حسن الاختيار من أهم مقومات التعافي.
من فترة طرح معهد بروكينجز، وهو صاحب ميول يسارية واضحة، دراسة متميزة حول أسباب الفقر، وكان لافتا تركيزه على الأسباب السلوكية، وأهمية لفت الإنتباه لتعديل الخيارات التي يتخذها الفقراء، ويمكن أن تحل بشكل كبير مشكلة الفقر.
نعم يجب أن نعترف أمام أنفسنا دون مزايدة، أننا مسؤولون عن المكان الذي ينتهي بنا المطاف إليه، فالخيارات السيئة أهم بكثير من الحظ السيئ في تحديد النتائج السيئة، أقول ذلك رغم قناعتي التامة بضرورة تدخل الدولة نسبيا لحماية الناس، وخاصة البسطاء منهم، من خياراتهم السيئة، من خلال شبكة تأمين صحي ومعاشات وغيرها من البرامج المتعارف عليها، ولكن ذلك لايمنع ضرورة بناء ثقافة تركز دائما على المسؤولية الشخصية عن ما نحن فيه، ولاتتعامل مع الفقر والفقراء وكأنهم كائنات ناقصة تحتاج دائما إلى رعاية وتوجيه، وهي في رأيي أعظم إهانة للفقراء، وتقوض ثقتهم بنفسهم، وقدرتهم على اتخاذ خيارات أفضل.
لايمكن الإنكار أننا جميعا نرتكب أخطاء حمقاء طوال الوقت، ونتبع خيارات سيئة، كما أن فرصنا في حياة أفضل، تتشكل من خلال آلاف القرارات، والحوادث التي واجهناها منذ الولادة، وتجارب آبائنا وأجدادنا التي تؤثر على سلوكياتنا بشكل واضح وتنعكس على أوضاعنا وقيمنا في الحياة، ولكن علينا بناء ثقافة تعزز البدائل، وتعيد الاعتبار لقصص النجاح، وتعيد إنتاج العصامية بمقومات العصر، هذا إن كنا جادين حقا في مكافحة الفقر وإنقاذ الفقراء !