هلال عبد الحميد يكتب: رفع أسعار المواد البترولية وسياسة “جوع كلبك يتبعك”

قررت الحكومة المصرية رفع سعر البنزين للمرة الثانية خلال عام 2025، في خطوة يرى كثيرون أنها تجسيد لسياسة “جوع كلبك يتبعك”، رغم مخالفتها الصريحة لقرار مجلس الوزراء رقم 2764 لسنة 2018، الذي ينص في مادته الثانية على ألا يزيد أو ينقص السعر بأكثر من 10%.
📉 انخفاض الأسعار العالمية.. وارتفاع محلي
تأتي هذه الزيادة في وقت تشهد فيه أسعار النفط العالمية تراجعًا حادًا؛ إذ انخفض سعر البرميل من 87 دولارًا في 1 مارس 2024 إلى 67.02 دولارًا في 1 سبتمبر 2025، ثم إلى أقل من 60 دولارًا اليوم.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) أن يصل سعر خام برنت إلى نحو 50 دولارًا مع مطلع عام 2026.
ورغم هذا الانخفاض الذي تجاوز 27 دولارًا للبرميل منذ مارس 2024، تُصر الحكومة على المضي في قراراتها التي تؤدي إلى تجويع المواطنين وإفقارهم.
💸 الآثار الاقتصادية والاجتماعية
وكالعادة، يؤدي رفع أسعار الوقود إلى موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتفاقم نسب الفقر، وتآكل الطبقة الوسطى، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي في البلاد.
📊 الديون والتجويع.. وجهان لعملة واحدة
ارتفعت نسبة خدمة الدين من إجمالي استخدامات الموازنة من 34.1% عام 2013/2014 إلى 64.8% في موازنة 2025/2026، بحسب بيانات وزارة المالية المصرية.
وأمام هذا التضخم في أعباء الدين العام، لم تجد الحكومة سوى الاستدانة المتكررة وبيع الأصول العامة وتخفيض مخصصات التعليم والصحة والبحث العلمي، إلى جانب تقليص الدعم وزيادة الضرائب التي بلغت 2.654 تريليون جنيه، تمثل 85.1% من جملة الإيرادات العامة، منها 222.04 مليار جنيه ضرائب مباشرة.
كما توسعت الحكومة في فرض ضريبة القيمة المضافة التي يتحملها المواطن في نهاية المطاف، إضافة إلى الضرائب على التبغ والسجائر التي قُدّرت بـ 111.715 مليار جنيه في الموازنة الحالية.
🛢️ ادعاء الدعم.. وأرقام تكشف الحقيقة
تقول الحكومة إنها تدعم المواد البترولية بنحو 75.033 مليار جنيه في موازنة 2025/2026، إلا أن رفع الأسعار خلال النصف الأول من العام المالي سيؤدي فعليًا إلى تقليص هذا الدعم للنصف — إن وُجد أصلًا.
فالتقدير الحكومي استند إلى سعر 72.81 دولارًا للبرميل في أكتوبر 2024، بينما انخفض السعر عند رفع أسعار الوقود في 17 أكتوبر 2025 إلى أقل من 60 دولارًا، ومن المتوقع أن يتراجع إلى 50 دولارًا أو أقل في النصف الثاني من العام المالي.
وبذلك فإن ما يسمى “بالدعم” يتبخر فعليًا مع كل خفض عالمي في الأسعار، بينما تُبقي الحكومة يدها في جيوب المواطنين.
⚠️ دروس التاريخ لا تُنسى
قد يظن النظام أنه يمتلك العصا الغليظة التي تُمكّنه من إخضاع الناس وإسكاتهم، لكنه يتناسى دروس التاريخ.
فانتفاضة العيش في 17 و18 يناير 1977 التي وصفها الرئيس السادات آنذاك بـ“انتفاضة الحرامية”، أثبت القاضي منير صليب نزاهتها وسماها “الانتفاضة الشعبية النزيهة”.
كما تجاهل النظام الحالي دروس ثورة 25 يناير 2011، وغض الطرف عن انتفاضة جيل Z في المغرب.
فالنار — كما يقول المثل — دائمًا تحت الرماد.
احذروا تجويع الشعب يا سادة.
📚 المراجع:
1. Investing.com
2. NAGA – تحليل النفط وتوقعات الأسعار
3. الموازنة العامة للدولة – وزارة المالية المصرية
4. الموازنة العامة للدولة – وزارة المالية (ص 23، جدول 1 / ص 35، جدول 2)
5. الموازنة العامة للدولة (ص 36، جدول 2)
6. البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة 2025/2026 (ص 11)




