د.فاطمة الزهراء تكتب: الذكرى الأول لثورة 22 فبراير…تحية فخر و اعتزاز لفخامة الشعب الجزائري السيد

ليس سهلا البحث عن الحقيقة و كشف التضليل في زمن البترودولار و الإغراءات المتعددة و شراء الذمم ،و أمام علاقات دولية معقدة بين أباطرة صناع القرار في العالم ، و في عصر الخطاب الساخن و تبادل الإتهامات الاذعة ،و أمام تفاقم الأزمات الإقتصادية ،و التهديدات المتزايدة،و الحروب المتأججة ،مرورا بالتطورات العربية الأخيرة من خيبات ،و انزلاقات،و خيانات،و ارتزاق ،و تآمر ،و ضغوطات ، وتواطؤ ، و حروب بالوكالة ،إنتفاضات ،مسيرات ،ثورات في زمن الردة و الإنبطاح ،يأتي حراك الجزائر في تجربته النضالية الإستثنائية ، قد نختلف على التسمية ، فالتقل هبة شعبية ،إنتفاضة ، حركة تصحيحية ،ثورة ،أو حراك إلا أننا نتفق أن هذا المكون ترك بصمته في تاريخ الجزائر الحديث .

يحتفي شعبنا العظيم اليوم بذكرى مرور سنة على حراكه السلمي و هبته التي أبهرت العالم ، ثورته السلمية التي كانت واحدة من أعظم ثورات القرن العشرين ، لما تميزت به من طابع ثوري شعبي سلمي واسع النطاق و بمحتوى الأهداف التي سطرها، و الشعارات التي إنطلق من أجل تحقيقها.

شعب أراد استعادة سيادته، حريته ،و كرامته بشكل سلمي متحضر، فمضى بثبات و إصرار لإنقاذ وطنه المختطف من زمرة فاسدة و عصابة أدخلت البلد في نفق مظلم على مدى 20 سنة !
شعب لم ينكسر و لم يتراجع أو يتنازل عن مطالبه ،و الذكرى تقتضي الوقوف عند أبرز و أهم إنجازات حراك الجزائر السلمي :

ــــ السلمية كانت أبرز سمات الحراك الجزائري الذي اعطى درسا رائعا بتحركه السلمي
في الرؤى و التخطيط و الإنجاز ، فلا إنزلاقات ،ولا تعدي على ممتلكات الدولة و الأفراد بل صانها و دافع عنها و حافظ عليها بكل ما أوتي من قوة ، لم ينزلق في منعرج تخريب الممتلكات العمومية و جر البلاد إلى مربع الفوضى رغم قوة وجود الدولة العميقة و التي لم يخسر معركته معها ،بل هي من شعرت بفقدان مصالحها و اختلال توازنها ،فكان القرار الحفاظ على مكتسبات و منجزات الوطن و مقدراته هو الغاية والوسيلة ، سلمية الحراك بدى من زاوية أخرى في عدم إراقة الدماء ، لم يسقط شهيد واحد و لله الحمد ،ثورة على مدى سنة بأكملها دون إزهاق لروح واحدة و لم تسجل إشتباكات بينية أو مع قوات الأمن التي بدورها رافقت الحراك ،و عبرت عن الإنتماء و عدم خروجها عن الدور المنوط بها تاريخيا فلم تتعرض للمتظاهرين ، و لم تشتبك معهم ، و اكتفت بحماية المؤسسات الرسمية من أية إعتداء فرسمت بذلك لوحة (جيش شعب خاوه خاوه ) فكان حراكا وطنيا وتاريخيا كتبه الجزائريون بأحرف من ذهب مؤكدين أن الشعوب الحرة لا تموت

ــــ وحدة الحراك و تلاحمه لا نعرات و لا فئوية و لا جهوية ،و لا طائفية تلكم أبرز صفات الحراك الجزائري بهويته الفسيفسائية الجميلة ، المظاهرات قادها شباب واعي يمتلك من الحس الوطني والقومي رصيدا كبيرا

ــــ إفتخارنا كبير بثورة أوقفت مهزلة العهدة الخامسة و أطاحت بالعصابة ! أطاحت بالكثير و العديد من رموز النظام و أباطرة الفساد و أوقفت أحلامهم و مشاريعهم التي استنزفت خيرات و ثروات الوطن و الشعب و الذين أدخلوا الجزائر في نفق مظلم طيلة 20 سنة ، و ها هم اليوم يقبعون في السجون بعد أن جردوا من ممتلكاتهم الغير شرعية لترجع إلى مكانها الطبيعي إلى خزينة الدولة .

ـــــ ثورة شعبية رفعت الستار عن قضايا داخلية عرّت كثير من الزوايا و فضحت الممارسات !

ـــــ إفتخارنا بمعركة الوعي، وعي الشعب و الجيش و قوات الأمن ، المسيرات كانت بشكل سلمي و حضاري راقي جدا و بالرجوع إلى هتافات المتظاهرين و شعاراتهم يتبين أهدافهم السياسية و الإجتماعية الواضحة ، ضف إلى ذلك فقد تحرر الحراك من الخوف حيث كسر الجزائريين حاجز الخوف والتخويف المستمر من عودة البلاد إلى سنوات “الجمر” التي اكتوى بها الألاف منهم في زمن مضى ! و أنهى زمن الخوف من الفزاعة و كشف عن ميلاد جيل جديد أثبت تميزه بالوعي السياسي و أدرك المخاطر التي قد تنجم عن إستغلال بعض الجهات الداخاية والخارجية لحراكه السلمي ، وصرفه عن مساره واهدافه ، وهو أشد حبا وحرصا على سلامة وإستقرار الجزائر ميراث الشهداء ، و هو أبرز ما ربحه الشعب الجزائري و حراكه المبارك ،حيث صمد أمام تحديات كبيرة و خطيرة ،كالتضييق ،و التخوين ،و الممارسات الغير قانونية و لا أخلاقية و حملات التشكيك المغرضة و المفرقة !.

فخورة بالإنتماء إلى هذا الشعب العظيم الذي يأبى أن يفرط في وطنه و يكون الشعب الجزائري السيد بذلك قد ساهم في إسقاط كل المخططات والمؤمرات من نوايا ومكر الأعداء المتربصين التي تحاك و من ضمنها مخطط كندوليزا رايس و حليفتهم إسرائيل بإعادة تقسيم الدول العربيه و في إعادة رسم خارطة سايكس بيكو الجديدة !.

“22 فبراير” عيدا جديدا أضافه الجزائريون إلى قائمة الأعياد الوطنية التي صنع فيها الشعب دون غيره أروع الأمثلة، وقدم صورا ناصعة عن التحدي والوحدة من أجل إعادة بعث الروح في نفوس أمة تفتخر بأن الشعب هو سيدها
هذه هي الجزائر التي نريدها
يحيا فخامة الشعب الجزائري السيد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار