د. فاطمة الزهراء تكتب | إستضافة الجزائر للقمة العربية القادمة

في غياب المشروع القومي العربي المتمسك بالإستقلال الوطني للدول العربية ومناهضة المشروع الصهيو أمريكي ، وتغييب الدور الإقليمي الرائد عن تقديم وتفعيل أي مبادرة للحل السلمي والسياسي بالأراضي العربية المحتلة ، والإكتفاء ببيانات إبراء الذمة دون دور ملموس للحفاظ علي وحدة أراضيها ، لهو السبب الرئيسي لما آلت إليه الأوضاع في مختلف الأقطار العربية بفلسطين والعراق وسوريا وليبيا و اليمن ، إضافة إلي تحمله جزء من مسئولية ظهور رؤي مذهبية طائفية أججت الفتن ونشرت الصراعات ودفعت بالأوضاع للجحيم ، ناهيك عن تشجيع قوي إقليمية منافسة وقوي دولية متناحرة لبسط نفوذها وهيمنتها علي بلداننا العربية ، في ظل الصمت المخزي والذي يصل إلي حد التواطؤ لجامعة عربية عقيمة لا تعبر عن أدني طموحات الشعب العربي ، بل تحولت بفعل فاعل لذراع سياسي لقوي معادية بحثاً عن مصلحة أنظمة متواطئة بالقول والفعل .

فنحن لسنا أقل من دول الإتحاد الأوروبي الذين لا تجمعهم وحدة جغرافية ولا لغوية ولا ثقافية ولا عقائدية ! نحن جميعاً كعرب ” كشعوب ” تجمعنا مشاعر وأحاسيس وطنية وإنسانية واحدة ومنتهى مبتغانا وحدتنا العربية وعزة وتقدم شعوبنا .

عالم اليوم هو عالم التكتلات الكبرى بامتياز و الدعوة لوجود جامعة عربية قوية تترجم رغبة شعوبنا وحلمها في الوحدة والتضامن،لما تزخر به هذه الدول مجتمعة من ثروات و خيرات تؤهلها أن تصبح قطبا إقتصاديا إجتماعيا ، عسكريا سياحيا و أمنيا لا يستهان به ناهيك عن ( ثروة بشرية) ! إلا أن هذه الرغبة تبقى بعيدة عن الواقع في ظل الخلافات والصراع القائم بين مكونات هذه الجامعة ! بعد سنوات من الصراعات و الجمود والعجز على تفعيل
أية شراكة بينها!.

حل بالجزائر منذ يومين الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيظ ليعلن عن إستضافة الجزائر للقمة العربية القادمة قبل 30 جوان 2020 في حال تحسنت الظروف العالمية من وباء كورونا .

هذا هو رأيي الخاص في جامعة العار أو الهيكل الهجين و لن يتغير… سواء عقدت القمة القادمة في الجزائر أو في غيرها من الدول !.

اتسمت ماضيا بالميزة القومية ،لأنها تجمع بين دول مترابطة جغرافيا و تضم أمة واحدة ،كما كانت البيت الكبير الذي يحتضن الجميع في السراء و الضراء !.

منذ تأسيسها لم تستطع الجامعة العربية من تحقيق أهداف ميثاقها و التي تمحورت حول توثيق الترابط و الصلات بين الدول العربية و صيانة إستقلالها و المحافظة على أمنها و سلامتها في مختلف المجالات ! فأصبحت عاجزة عن التعامل مع المشكلات العربية التي واجهت و لا تزال تواجه الوطن العربي! لم تنجح في أن تكون شريكا فاعلا ،و لم تستطع منذ إنشائها تحقيق مصالحة عربية بسبب قلة فعالية دورها في المنازعات بين الدول العربية و عدم قدرتها أيضا على ممارسة نشاط مؤثر على الساحتين الإقليمية و الدولية مما جعلها لا تملك مصداقية لدى المواطن العربي و فقدان ثقته و أنا واحدة منه ، كما أنها فشلت في متابعة و تنفيذ الالتزامات الناتجة عن توقيع إتفاقيات التعاون بين الدول العربية ،كمعاهدة الدفاع المشترك و التعاون الإقتصادي و السوق العربية المشتركة التي لم تزل حبرا على ورق ! مرورا بالقرارات التي اتخذت بالإجماع لم ينفذ معظمها بسبب أنها تكاد تكون المنظمة الإقليمية الوحيدة التي ليست لها خصائص المنظمات الدولية بمعنى عدم توافر الإرادة الذاتية و الشخصية المستقلة تجاه أعضائها و غموض العلاقة القانونية بينهما ! ولا تملك سلطة فوق سلطة الأعضاء ! ما طغى على أداء الجامعة هي النزاعات ،الإنقسامات ،التمزقات ،و التناقضات.

و هذه النتائج الخطيرة دليل على عجز و فشل الجامعة العربية التي لا يخول أمينها العام صلاحيات خاصة تؤهله للقيام بدور سياسي فاعل على كل الساحات! ولا بد من الإشارة إلى أن الأزمة الحقيقية التي تمر بها الجامعة هي أزمة بنيتها ،هياكلها ،قوانينها الداخلية ،خلل بنيوي في جذورها ، زيادة عن أزمة السلطات الحاكمة في الوطن العربي !.

لا فائدة من جامعة عبارة عن اسطوانة مسجلة بالأحقاد ،و الخيانة وتسابق الدول للتطبيع مع عدونا الأزلي الكيان الصهيوني علنا و جهرا ! تحت قبعتها !.

و قد كشفت إجتماعاتها عن البؤس الشديد الذي أصابها ! حيث أصبحت مُجرَّد منبر يُمارَس فيه الشذوذ السياسي ! ويُروِّج لأنظمة تنكّرت لما وُعِدت به الشعوب، منذ ما يزيد عن خمسة و السبعين سنة ! و أن الأمن القومي و كل ما ينبثق منه و الذي يُعَدّ أحد ركائز وجود ذلك الهيكل المُتهرِّي، لم يعُد خطا أحمرا ! كما كان يحلو للحكام أن يضحكوا به على شعوبهم، وقد آن الأوان لهذه الشعوب، أن تنتفض من أجل إلغائها، خاصة بعد ما تبيّن أن معظم بياناتها ، ليست إلا أكذوبة كبرى وتضليل ! تعرَّى بها العرب الرسميون أمام شعوبهم ! و شراء الذمم لدويلات البترو دولار التي تدور في فلك أمريكا و حليفتها إسرائيل ! فنابت الخصومات و تبادل الإتهامات و التهديدات و الحروب البينية المتأججة و الخيبات و الإنزلاقات و الخيانات و الإرتزاق و التآمر و الضغوطات ، والتواطؤ ، و الحروب بالوكالة و الإنبطاح في زمن الردة ناب عن أي دور كان يمكن أن يكون منوط بها ! و يسجل لها لا عليها ! بدل احتواء المواقف و تجاوز الخلافات !.و ما يؤخذ عليها :

ــــ الإفتقار إلى أي مشروع قومي حضاري تدافع عنه و إنعدام الرغبة و الإرادة الجدية في مواجهة المشاكل و التصدي لها .
مررت قرار إحتلال العراق و نفس الشيئ بالنسبة للعدوان على سوريا و تقسيمها و تشريد شعبها بالتواطؤ و المشاركة الفعلية لبعض أعضائها ! و كذا ضرب الناتو لليبيا ، ومباركة التحالف العسكري الخليجي و التدخل في اليمن ! إرضاء لدول نافذة فيها !! ليتضح المخطط التوسعي الرهيب لبعض دويلات الخليج من أطماع في إستنزاف مقدرات شعب و إنتهاكات رهيبة لسيادته الوطنية و تجاوزات خطيرة تحت مظلة التحالف وعاصفة الحزم !؟

ــــ الفشل في الدفاع عن قضيتنا المركزية قضية العرب اللأولى فلسطين بأساليب متوالية تاريخيا ليس أشدها ظلما صفقة التهريج على حساب حقوق الفلسطينيين التاريخية و القانونية و ما تحمله من خيبات جديدة ! ليسجل التاريخ نكبة جديدة مع وجود جامعتنا !! كمؤسسة رسمية تدافع و ترعى شؤون العرب و حقوقهم و مصالحهم !ـــ أصبحت منبر لعزل الرؤساء !

ــــ بيعت القضايا العربية بأبخس الثمن ! مع المتواطيء بالصمت ، والإكتفاء ببيانات التعبير عن القلق

ـــ 8 سنوات مضت و مقعد سوريا مازال شاغرا،لصرح أبو الغيظ منذ يومين و من الجزائر أن الآراء في الجامعة بشأن عودة سوريا إليها منقسمة !! ومن باب حفظ ماء الوجه للجامعة العربية ألا تستحق هذه العربدة ضد دولة عربية إدانة واضحة وتأكيد على ضرورة احترام سيادتها وعلى أن الإجرام الحقيقي هو الإغارة على دولة عربية وهي منخرطة في معركة كبرى ضد عربدة إجرامية لقطعان الإرهابيين على إختلاف مسمياتهم ! لذلك أردنا ردا عمليا يا جامعة العرب، ومن سخريات القدر أننا أصبحنا نأمل فقط في بيانات الإدانة التي سخرنا منها سابقا !

ــــ التسابق علانية و جهرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب لأراضينا تحت سقفها و قبعتها ولا تحرك ساكنا و تبقى متفرجة لتشارك ضمنيا في مهازل النكبات الجديدة !

ــ تعتبر حزب الله المقاوم بامتياز تنظيما إرهابيا!!! ولايزال السذج يراهنون على النظام العربي الرسمي و جامعتهم العربية !
الشعوب أثبتت أنها جبارة و إرادتها لن تقهر رغم حماقتهم … و لن أستثني منهم أحدا !؟
عن أي جامعة عربية تتحدثون ؟
و هل نحن بحاجة فعلا إلى منظمة لم يتعد دورها الشجب و التنديد و الإستنكار ؟

الدكتورة شبيلي فاطمة الزهراء أكاديمية و باحثة من الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار