محمد يوسف يكتب..” ثورة الشحاتين واقتصاد الظل”

في عام 1967 تم انتاج فيلم إضراب الشحاتين حيث يلقي الفيلم الضوء على الكفاح الوطني الشعبي ضد الاحتلال الإنجليزي في أعقاب ثورة عام 1919. يتحدث فيه عن حياة الشحاتين ومشاكلهم من خلال (المتسولة ) التي مثلت دورها الفنانة لبنى عبد العزيز التى تقع في حب حسنين الذى قام بدوره الفنان كرم مطاوع الوطني الثائر.
ربما تناول الدراما مسألة التسول انها ترجع إلى الحاجه وعدم القدرة على العمل الذى يتطلب في كثير من الأحيان شهادة وخبرة وقدرة بدنية وذهنية تعود بالنفع على صاحب العمل في مقابل مادى يعطى للعامل او الموظف ولكن ظاهرة التسول والشحاته أصبحت مهنه حقيقية تزداد مع تزايد تكاليف الحياة على الرغم ما توفرة الدولة من خلال وزارة التضامن الإجتماعى وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى في تكافل الأسرة المحتاجة لذلك من خلال تقديم بيانات حالة إجتماعية يتم دراستها واستحقاقها للكفالة.
ربما الكثير منا وإن لم يكن الأغلب يقابل الكثير والكثير من المتسولين والشحاتين خلال رحلتنا اليومية في الذهاب إلى العمل او حتى خلال جلوسنا على المقاهى والمطاعم والتي يكثر فيها ويتباين الاعمار التي تتسول على الزبائن والمارة في الشوارع وتأخذنا العاطفة الأخلاقية والدينية ونحاول ان نبحث في جيوبنا المنهكة بطبيعة الحال ونعطي ما يجود به الباقى لنا ونعطيه لهؤلاء المتسوليين وننظر إلى السماء راجين ان يعوضنا الله من الخير وان يتقبل عطايانا على الرغم أن الله عز وجل قد وصف المحتاجين “تحسبهم أغنياء من التعفف” سورة البقرة (الآية 273) وان الأطعام والمساعدة والانفاق لمن يستحق ولكن ما نراه اليوم من ظاهرة الشحاته الى تحولت الى مهنه يديرها شبكة من أصحاب المصالح تحتاج إلى وقفه على مستواها الإجتماعى والإقتصادى.
حيث نجد أن ظاهرة التسول (الشحاتة) لها تأثير سلبي كبير على الاقتصاد القومي واقتصاد الظل، حيث تهدر الموارد العامة والخاصة على أفراد قد لا يكونون بحاجة حقيقية، وتمثل تشويه إلى صورة المجتمع وتحفيز غير معلن إلى الجريمة والاستغلال (خاصة للأطفال)، وتقلل من حجم القوى العاملة وقدرتها على الانتاج ، في المقابل يمثل نمو هذه الظاهرة تحفيزاً لإقتصاد الظل (السوق السوداء أو غير المنظم) مساحة لنمو هذه الظاهرة دون رقابة، مما يزيد من الفساد والتهرب الضريبي وغسيل الأموال بدلاً من تحويل الأموال نحو تنمية حقيقية ومستدامة.نحتاجها في وقتنا الراهن وبشدة.
كما أنها ظاهرة تتضخم على مرور الوقت وتتنوع صورها مما أطبعت على نفسها صورة أصبحت معتادة علينا مما قد يشكل في المستقبل القريب قوة مما أن تثور على المجتمع المعتدل الذى يعمل وينتج إلى قوة تقتات رزقها على الأغلبية العاملة مما تقلل من فرص العمل المربح إلى التسول الأكثر ربحاً ووفقا لما أعلنت عنه وزارة الداخلية المصرية عن ضبط أكثر من 21 ألف قضية تسول في شهر ديسمبر 2024، مما يعكس انتشار الظاهرة وتصدي السلطات لها، ويفترض من خلال المصادر الغير رسمية ان اعداد المتسولين في مصر قد يتعدى نحو المليون ونصف انسان وهو رقم ضخم اذ بقياس ان كل فرد منهم يعول 5 افراد قابلين على امتهان ذات المهنه في الوقت الحالي او المستقبلي.
ربما الحلول كثيرة للتصدى لمثل هذه الظاهرة من خلال تفعيل هذه الفئة وإدراجها ضمن برامج تأهيل نفسى وسلوكى مع توفير فرص عمل منتجة تكون إضافة حقيقية للاقتصاد القومى الرسمي وذلك سيأتى بفضل تفعيل القوانين لمكافحة الاتجار بالبشر التي تنتج عن تعرض العديد من الأطفال المشردة والمتسولة للاستغلال من عصابات منظمة تستقطب مثل هؤلاء الأبرياء القضية حقيقية تحتاج إلى وقفة اجتماعية وحكومية.




