عزة صبحى تكتب :ليس بالكورونا فقط يموتُ الإنسان

 

 إعتدتُ أن أذهبَ لها بين حين و آخر ، حينما تهفنى نفسى لأكلة الفطير الساخن” الموحوح” الشهى..و كانت السيدة الموهوبة فى عملها دائما تختار لى الفطيرة الساخنة الخارجة لتوها من الفرن ، و فى بعض الأحيان تطلب منى إنتظار الفطيرة التى لازالت بالفرن ، فكنتُ أنتظرُ و كلى شوقٍ لخروجها ، فآخذها طيرانا لألتهمها مع قليلٍ من العسل الأبيض المناسب لنظامى الغذائى القاسى!

و مع أوائل العهد بالكورونا راودتنى نفسى، و وسوست لى بالذهابِ إليها قبل إشتداد الأمر و قسوته كما فى البلاد الكبرى الأخرى!

فذهبتُ متلهفة لتلك الفطيرة الساخنة ، و قد رسمتُ خطةً فى ذهنى لأعقمها تعقيمها شديدا بعد إستلامها.. بإدخالها فى الفرن مرة أخرى حتى يموت ما بها من فيروسات عالقة ، كمعلوماتنا عن هذا الفيروس الذى ينتحر عند درجات الحرارة العالية!

و بالفعل طلبتُ من السيدة أكبر الفطائر و أسخنها فطلبت منى إنتظار ما بالفرن.. فانتظرتُ شاكرة أفضالها،

و أثناء إنتظارى سمعتُ شيئا يرتطم بالأرض و إبنتها تصرخ”  يا لهوى” فجرت الأم عليها، ثم زعقت فى وجهها قائلة” السمن دلقتيه يا” مشلولة “على الأرض،إلهى “تنشكى” يا بعيدة ، إنتى إيه خايبة ؟!

فقلتُ لها: خلاص يا ستى فداها لسة بتتعلم.

فقالت لى: فداها إيه اللى  “تنطعن فى قلبها ” ! ده كل شوية توقع حاجة على الأرض!

 و أكملت  لإبنتها : لمى يا بت بسرعة السمن لميه يا خايبة جوة البرطمان ؛

فأخذت إبنتها البرطمان و راحت تلم السمن براحتيها الرائعتين من الأرض الغير مبلطة!

حتى إنها لم تترك نقطة سمن واحدة تشربها الأرض .. بمهارة مدهشة!

ثم أكملت العجين !

و أمام هذا المشهد أصبتُ بحالة من” التناحة” العجيبة يصاحبها شلل عضلى و نظرى و كورونى أيضاً !

ثم سألتها : السمن ده هتستخدميه فى الفطير ؟

فردت بثقة: الحاجة غالية يا ميس و الأرض نضيفة متخافيش و كمان هيدخل الفرن و النار تقتل أى حاجة و ضحكت مستكملة  حتى الكورونا بتموت من النار !

فضحكتُ لثقافتها العظيمة بعالم الفيروسات،

! و ثقتها في نارها و فرنها

ثم سألتنى نفسى :يا ترى أكلتى كام علبة سمن  مدلوق على الأرض ؟

فوجدتنى قد قاربت على إكتمال جاموسة بحالها فخططتُ للهروب؛

فقلت للسيدة :هروح إشترى حاجة من أول الشارع تكون الفطيرة طلعت ؛هرجعلك على طول ؛

و بكل ما أملك من سرعة ذهبتُ للمنزل معتذرة للكورونا ؛

فليس بالكورونا فقط يموت الإنسان!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المقال جميل وساخر جدا وتركني وأنا متشوق للفطير اياه … هل هو الفطير المشلتت ؟ ولكن بدون السمن المنسكب علي الأرض وبدون العسل ، بل بالجبنة البيضة . بالطبع من لم يمت بالكورونا مات بفيروس اخر وبالطبع من انتاج الصين أيضا !
    تحياتي واعجابي الشديد بالمقال وفي انتظار سبت مليء بالفطير هنا وساقوم بالحصول علي السمن البلدي وأعد انني لن اسكبه علي الأرض من كثرة لهفي علي الفطير … أجمل تحياتي.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار