علاء عبد الحميد الباتع يكتب : جمعية الآثار القبطية

جمعية الآثار القبطية، واحدة من أقدم وأعرق الجمعيات العلمية المهتمة بالتراث القبطي، هذا التراث الذي يعد أحد أهم الروافد الأساسية للشخصية المصرية.

وبمناسبة عيد تأسيس جمعية الآثار القبطية، ولمعرفة كيف كان للجمعية دوراً هام وحيوي في مجال التراث القبطي والعمل على نشره  نذكر كلمة الأمين المساعد لدار الآثار العربية عام 1941عن جمعية الآثار القبطية ونشاطها حيث قال   ” لقد أبدت جمعية الآثار القبطية نشاطاً ملحوظاً. ونهضت خير نهوض، بدراسة إحدى نواحي تراث مصر القومي، وهى ناحية الفن والأدب والتاريخ القبطي، وقد كان للعمل الجليل الذي قام به سعادة مرقس باشا سميكة لتيسير دراسة الآثار وهو إنشائه للمتحف القبطي أثر عظيم في تشجيع هذه الناحية، إذ أنه سرعان ما تأسست جمعية الآثار القبطية على يدي صاحب العزة مريت بك غالي، وأخذت في تنظيم المحاضرات والمعارض والرحلات الأثرية، ونشر ما يتعلق، بالتاريخ والفنون والآداب القبطية من وثائق ومؤلفات، وكذلك المساهمة في صيانة الأبنية القبطية الأثرية والعمل على زيادة محتويات المتحف القبطي”

أسسها مريت نجيب بطرس غالي ( حفيد بطرس باشا غالي رئيس مجلس النظار المصري)  عام 1934،  وقد اهتم مريت غالي إهتماماً خاصاً بالآثار القبطية وفروعها المختلفة ، حيث شارك ونظم العديد من المؤتمرات الخاصة بالدراسات القبطية خاصة الفن  القبطي والآثار القبطية بشتى دول العالم والجامعات الكبرى، وساهم مريت غالي بنصيب كبير في تأسيس الإتحاد الدولي للدراسات القبطية( الجمعية الدولية للدراسات القبطية) وكان الرئيس الشرفي للاتحاد، كان يرى أن الدراسات القبطية عنصراً هاماً من عناصر التراث الثقافي العالمي ومصدراً من مصادر فهم التاريخ المصري والروح القومية المصرية والشعور الوطني المصري، والذي لابد وأن يجمع كل عناصر التراث المصري في صورة منسجمة وواضحة، وقد تعددت أوجه نشاط مريت غالي في مجال التراث القبطي، حيث ساهم بالكثير في الحفاظ على التراث القبطي.

ومن أهم أعماله التي قام بها في مجال الدراسات القبطية، هو تأسيس جمعية الآثار القبطية، التي كان لها فضل كبير في الحفاظ على الآثار القبطية ونشر الأعمال المختلفة عنها، وقد سبقت جمعية الآثار القبطية محاولات أخرى تناولها الأستاذ ماجد كامل بالتفصيل في مقالات مختلفة عن جمعية الآثار القبطية. ولكن سأكتفي بالحديث عن بعض النقاط التي تخص الجمعية جزء بسيط من أعمالها المختلفة.

   

  أهداف جمعية الآثار القبطية:

طبقاً للقانون الأساسي للجمعية علمية فقط وليس لها أي غرض سياسي أو ديني، أهدافها وأغراضها دراسة التاريخ والفن والآداب المصرية في العهد القبطي، ومقرها الرئيسي الجيزة وتعتمد الجمعية في تحقيق أهدافها على : تنظيم المحاضرات والمعارض والرحلات الأثرية، نشر الوثائق والمؤلفات المتصلة بالآثار القبطية، المساهمة في صيانة الأبنية الأثرية، وذلك بإرشاد الجهات الرسمية المختصة، العمل على زيادة محتويات المتحف القبطي، تشجيع كل ما من شأنه نشر التراث القبطي بمختلف فروعه.

بالنسبة لأعضاء الجمعية حسب ما جاء في قائمة الأعضاء عام 1958، فكانت العضوية كالآتي: الأعضاء المتبرعون، والأعضاء العاملون، والأعضاء المراسلون، والأعضاء المقيمون خارج القطر المصري

وعن أموال الجمعية فكانت من إشتراكات الأعضاء والتبرعات، والإعانات المالية، ومبيعات مطبوعات الجمعية، كما كان لها حساب في أحد المصارف بالقاهرة حسب نص المادة السابعة من القانون الأساسي للجمعية وتودع فيه جميع أموالها، والسنة المالية تبدأ في اول يناير وتنتهي في 31 ديسمبر من كل عام. وفي عام 1939، وصل عدد أعضاء الجمعية 187عضواً، وأخذ هذا العدد يتضاعف عام بعد عام، كما قام بعض الأعضاء بمضاعفة إشتراكهم السنوي للجمعية.

  مجلة الجمعية:

واحدة من أهم المجلات العلمية المتخصصة في مجال الدراسات القبطية على مستوى العالم، فقد أهتمت المجلة منذ بدايتها بتنوع الموضوعات الخاصة بكافة فروع الدراسات القبطية،حيث نجد بحوث في التاريخ، والآثار، والعمارة، والفن، واللغة، والنصوص  والوثائق، والطقوس الكنسية، والدراسات الكتابية، والنقوش والبرديات،كما اهتمت المجلة بالمطبوعات الجديدة في مجال الدراسات، وأساليب البحث فيها، والمطبوعات الجديدة، والأخبار العلمية الخاصة بنشاط الجمعية وغيرها من المؤسسات المعنية بدراسة التراث القبطي،كما نجد في المجلة عروض للكتب وتحليلات لها، وأيضاً قوائم بمطبوعات جمعية الآثار القبطية،وبعض التقارير العلمية المتخصصة في الدراسات القبطية، كما نجد في بعض المجلدات ببليوغرافيات عن موضوعات متنوعة في التراث القبطي، وتأبين لبعض أعضاء الجمعية الذين ماتوا مع عرض إنتاجهم العلمي ومشاركتهم في نشاط الجمعية، أيضاً جزء عن الحفريات الأثرية التي كانت تقوم بها الجمعية وتنشر عنها تقارير علمية في المجلة، والدراسات المعجمية، كما نجد صفحات خصصت للمحاضرات التي كانت تعقدها الجمعية ويحاضر فيها المتخصصين في الدراسات القبطية من كل أنحاء العالم، و قد صدر خلال الفترة من 1935- 2015(53 مجلد من أعداد الجمعية).

ولقد أسهمت جمعية الآثار القبطية بنصيب ملحوظ في تقدم الدراسات القبطية، وخلال الخمس والعشرون عام الأولى لها(1934-1959) ركزت الجمعية جل نشاطها في النشر حيث تابعت إصدار مجلتها العلمية، كما أنشأت مجموعتين من المطبوعات الخاصة، تشمل أولاهما بحوثاُ عن الفن والآثار، وتعني ثانيتهما بالنصوص اللغوية والأدبية والتاريخية؛ كما أصدرت عدداً من المؤلفات لا تدخل في عداد هؤلاء، كما أن الجمعية خلال تلك الفترة رأت أن رسالتها العلمية لا تتنافي مع إصدار بعض الكتب لإرشاد الزوار إلى آثار العصر القبطي.

 

مكتبة الجمعية:

في بداية سنوات التأسيس تلقت الجمعية هبات وإهداءات من الكتب، من جهات ومعاهد علمية داخل وخارج مصرمثل لجنة حفظ الآثار العربية والمعهد الألماني للآثار المصرية القديمة بمصر، والجمعية الأثرية البلغارية والمعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة، والمعهد المصري، والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، ومصلحة الآثار المصرية، وجمعية فؤاد الأول لأوراق البردي، والجمعية الأثرية الملكية بالأسكندرية، والجمعية الجغرافية الملكية.هذا فضلاً عن الكتب التي أهداها أشخاص للجمعية.

وهى مكتبة متخصصة في الدراسات القبطية، فضلاً عن المراجع اللازمة في المكتبات، وهى مطبوعات للبحث والدراسة، وقد اطرد نمو المكتبة عاماُ بعد عاماً، فأضحت أداة عمل لا يستغنى عنها، كل مشتغل بالدراسات القبطية في مصر، وهى مفتوحة للأعضاء وغير الأعضاء.

وقد بدأت الجمعية بـ 1300 مجلد في مختلف المجالات بمختلف اللغات تبحث في التاريخ القبطي وما يتصل به، واليوم تحتوي مكتبة الجمعية على  15,000 إلى 18,000 ألف كتاب من أندر الكتب، بل وتزيد عن ذلك.

 

 

معرض الآثار القبطية عام 1944:

كان من أهم أهداف جمعية الآثار القبطية إقامة المعارض الخاصة بالآثار القبطية، وهذا المعرض كان واحد من أهم المعارض الخاصة التي نظمتها الجمعية، أقيم المعرض تحت رعاية الملك فاروق، في ديسمبر عام 1944، وصدر كتاب دليل المعرض في ( 144 صفحة ).

أوضح مريت بك غالي الهدف من المعرض في تقديمه للكتاب وقال أن أهمية المعرض تنحصر في أمرين هامين:

أولاً : إعطاء الجمهور فكرة واضحة عن الفن القبطي كما يتجلى في المنسوجات المصرية التي ترجع إلى ما بين القرنين الثالث والثامن الميلادي.

ثانياً : توجيه الأنظار إلى تلك الفترة الهامة من تاريخ مصر، الجديرة بأن تُبحث وتُدرس أكثر من ذي قبل، كما أن في إقامة المعرض ما يحفز أولى الأمر إلى تنظيم حفائر في الأماكن الأثرية التي اشتهرت في العصر القبطي، تكشف عن كثير من النواحي الغامضة في هذا التاريخ وتزود المتحف القبطي بالكثير من التحف.

 

وما زالت جمعية الأثار القبطية تقوم بدورها في نشر الثقافة والتعريف بالتراث القبطي المصري محلياً ودولياً، كما تنظم مؤتمرات دولية في مجال الدراسات القبطية ومجال التراث العربي المسيحي، ورئيس مجلس إدارة الجمعية من عام 1988 وحتى الآن هو المهندس واصف يوسف بطرس غالي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار