د / اسلام عبد الفاضل يكتب :كورونا وتصحيح البوصلة

 

طالما الحت الحكومة المصرية على أن التعامل و النتائج المترتبة على فيرس كورونا هما نتاج وعى الشعب و ذلك حقيقى فعلا مضافا اليه وعى الحكومة و سرعة استجابتها لمتغيرات الاحداث حيث ان قرارا باستمرار السياحة و تاخر اغلاق الحدود المصرية و توافد الاجانب للأقصر جعلها اول بؤرة مصرية للفيرس و قرارا اخر باستبعاد المخالطين للحالات الايجابية للفيرس من الفريق الطبى ممن  لم تظهر عليهم اعراض من تحليلات الفيرس من شأنه ان يوسع دائرة الانتشار بوجود اطقم طبية قد تكون حاملة للفيرس و تتسبب فى نشر العدوى بين المرضى… كما ان مسئولية الدولة توفير ادوات الحماية و الوقاية من الفيرس و باسعار منطقية للأطقم الطبية فضلا عن باقى المواطنين….

 

غير ان الاقبال الشديد فى الطلب على مثل هذه المستلزمات ضاعف من اسعارها مما استلزم من مجلس الوزراء اصدار قرار بتحديد تسعيرة جبرية للكحول و الكمامات و القفازات الطبية و على ضوء هذا القرار اختفت هذه المنتجات تماما من الصيدليات خوفا من الوقوع تحت طائلة قرار حدد اسعارها و لم يساعد احد على توفيرها او تقديم تسهيلات لانتاجها كالغاء الضرائب عليها او ما الى ذلك من اجراءات.

ثم جاء قرار وزير الصناعة بتعليق قرار التسعيرة الجبرية لمدة شهرين حتى تتمكن هيئة الشراء الموحد من تدبير احتياجات البلاد من مستلزمات الانتاج الازمة لمواجهة كورونا و بالاسعار المعلنة فى اشارة واضحة لعدم صحة القرار الاول و عدم دراسته الدراسة الكافية.

و كنتيجة لقلة اعداد الممارسين للطب فى مصر و رفض الغالبية منهم تكليفهم فى هذا المناخ السىء بل و سفر الكثيرين منهم لدول الخليج للحصول على الامتيازات المادية التى يصعب توفيرها فى مصر وجه رئيس الجمهورية رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية لمخاطبة نقابة الأطباء لحضور اجتماع لمناقشة الأجراءات اللازمة لتحويل الصيادلة لأطباء و رغم تجاوب هذا القرار مع أزمة نقص الأطباء الا ان مساره الطبيعى كان يجب ان يكون محصورا بين المجلس الأعلى للجامعات و نقابة الأطباء و ليس احد مؤسسات الدولة العسكرية  الغير معنية بالمناهج التعليمية و معادلة الشهادات العلمية.

و لا شك أن قلة نسب الموتى جراء الاصابة بكورونا مقارنة باعداد الاصابات تشير بوضوح لجودة نظم صحية و ضعف اخرى و على راس الدول الدول التى تتمع بنظام صحى قوى المانيا و اسرائيل و الامارات و السعودية و قطر حيث ان مقدارا كبيرا من الانفاق على الصحة فى هذه الدول ساعد بشكل كبير فى رعاية طبية مثالية قللت من اعداد الموتى جراء الاصابة و يضاعف الضغوط على الدول الأخرى للاهتمام بتوسيع الانفاق على القطاع الصحى و البحث العلمى باعتبارهما اولوية للحفاظ على البشرية و النجاة فى مثل هذه الازمات الانسانية و الصحية الصعبة.

كما أن الأزمة كمجمل تلقى بظلالها على ضعف النظام الصحى العالمى عامة و يعيد للأذهان الضعف البشرى فى مواجهة الأوبئة منذ قرون مضت و الذى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن حجم ما توصلت له الحضارة البشرية من علوم ليس كافيا فى مواجهة ابسط المخلوقات المجهرية التى كلفت العالم ما يزيد عن 4.5 مليون مصابا و 300 الف قتيل و انهكت الاقتصاديات العالمية حتى الان.

و مع تكهنات بحدوث موجة جديدة من وباء كورونا اشد فتكا فى اشهر الشتاء القادم يجب ان تتضافر الجهود و الاستعدادات لهذه المواجهة الصعبة و التى قد تكلف العالم مزيدا من الضحايا اذا اهملنا التعاطى الجيد مع هذه المتغيرات الشديدة.

ان دولا تغيب عنها عدالة التوزيع الجيد للثروة تضع جيوشها و نظامها الأمنى مقدما على الأنفاق على النظام الصحى جعلها تدفع ثمن ذلك غاليا من ارواح شعوبها حيث اجبرت هذه الجائحة العالم على تصحيح بوصلته و أصبحت مشاركة العالم المتقدم فى البحث العلمى و بناء الحضارة الانسانية العلمية امرا ملزما و الا عليك ان تبقي متفرجا لحين أن يصل العالم لحلول علمية لهذه الأزمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار