د. كريمة الحفناوى تكتب : صحة المصريين أمن قومى

فى أواخر شهرمارس 2007 تكونت لجنة “الدفاع عن الحق فى الصحة” دفاعا عن حق المصريين فى الصحة أى حقهم فى الحياة وأكدت اللجنة المستمرة حتى الآن بأن االصحة خدمة غير هادفة للربح تقدمها الدولة ودافعت عن حق الشعب المصرى فى تأمين صحى اجتماعى تكافلى شامل وطالبت عبر بياناتها ومؤتمراتها ووقفاتها الاحتجاجية برفع ميزانية الصحة والصرف على صيانة وتطوير المستشفيات وأجور عادلة للأطباء وأطقم التمريض وشاركت فى مناقشة كافة القوانين التى تهتم بصحة المصريين للفئات المختلفة من العمال والفلاحين والقوانين الخاصة بالصحة الإنجابية للمرأة والقوانين الخاصة بالصحة لذوى الاحتياجات الخاصة.

وضمت اللجنة تنوعا كبيرا من المدافعين عن الحق فى الصحة من أطباء وصيادلة وممرضين وفنيين بالمعامل والأشعة والمسعفين والعاملين فى مجال الدواء وذوى القدرات الخاصة ومهنيين وخبراء اقتصاديين وشخصيات عامة وممثلين عن الأحزاب واللجان الشعبية المدافعة عن حقوق المواطن وتوج عمل اللجنة بوضع المادة 18 فى الدستور المصرى عام 2014 والتى جاءت معبرة بنسبة كبيرة عن حق المصريين فى الصحة.

وبعد تكويين اللجنة بعدة أشهر تكونت فى نفس العام “لجنة أطباء بلا حقوق”.للدفاع عن حقوق الأطباء فى أجر عادل وكادر خاص وظروف عمل آمنة وبدل للعدوى نتيجة للمخاطر التى يتعرضون لها أثناء مباشرة عملهم مع المرضى وسكن للأطباء ملائم ودافع أعضاء اللجنة عن تحسين أحوال الأطباء ورفع أجورهم مع توفير المستلزمات الطبية والأدوية والأجهزة لممارسة عملهم على أكمل وجه من أجل الحفاظ على صحة المصريين.وطالبت اللجنة بالتزام الدولة بتكلفة التعليم المستمر والمستدام للأطباء من أجل جودة الخدمة الطبية المقدمة للشعب المصرى.

ولكن استمرت الدولة والحكومات المتعاقبة فى تقليص ميزانية الصحة والتعليم طوال السنوات السابقة وحتى الآن مما أدى إلى تردى أحوال العديد من الأطباء وأدى إلى ذهاب أكثر من 50% منهم للعمل فى الخارج فى ظروف أفضل وبأجور أعلى بكثير هذا غير النقص فى التمريض بنسبة تصل إلى 55% مع عدم التوسع فى بناء وصيانة المستشفيات بل وإغلاق عدد كبير من مستشفيات الحميات فى مصر فى عهد الوزير الأسبق الدكتور حاتم الجبلى وإغلاق 327 مستشفى تكاملى تم صرف الملايين عليها وعدم تشغيلها.وصدر قانون للتأمين الصحى كان للجنة الدفاع عن الحق فى الصحة مآخذ عليه ورغم صدوره منذ حوالى 3 سنوات لم يتم تطبيقه حتى الآن إلا فى محافظة واحدة وهى محافظة بور سعيد.

واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن جاءت جائحة كورونا الجائحة الفاضحة والكاشفة لكل دول العالم (إلا بضعة دول يقل عددها عن عدد أصابع اليد) كبرى أو صغرى، غنية أو فقيرة، فى الشمال أوالجنوب، فى الشرق أوالغرب. كشفت كارثة كوفيد 19 عن هشاشة وضعف وفشل وعجز وصل لحد الانهيار فى النظم الصحية.

وفضحت السياسات الاقتصادية للدول الرأسمالية المتوحشة الكبرى التى يهمها تكدس الأرباح على حساب الأرواح ويهمها صرف مئات المليارات على التسلح على حساب تقليص ميزانية الصحة والبحث العلمى المهتم بخدمة الإنسانية مما أدى إلى ماتعانية البشرية جمعاء على كوكب الأرض من جائحة الفيروس بإصابات تعدت 5,5 مليون مواطن ووفيات قاربت 350 ألف مواطن وذلك فى 27 مايو 2020 هذا غير التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التى تنذر بأزمة اقتصادية حادة على مستوى العالم قد تطول لسنتين.

“الوقاية خير من العلاج” حكمة أو قول مأثور نتناوله منذ القدم ويجب أن نعمل به وإذا طبقنا ذلك على الأطباء والتمريض والأطقم الطبية المتواجدة فى الصفوف الأمامية لمحاربة فيروس كورونا القاتل فلابد كما يقول الدكتور إيهاب طاهر أمين عام نقابة الأطباء “لابد من أن تقوم وزارة الصحة الخاصة بالتحاليل المبكرة للأطباءلأن ذلك أوفر على الدولة من تكاليف علاج عشرات الحالات من المخالطين التى سيتم نقل العدوى لها”.

وقد أوصت لجنة لصحة بمجلس النواب أكثر من مرة منذ بدء جائحة فيروس كورونا أوصت اللجنة بتوفير أماكن عزل داخل كل مستشفى للأطقم الطبية المصابة بكورونا لأنهم يتحملون عبئا شديدا فى هذا الوقت العصيب ولابد من توفير مستلزمات الوقاية لهم على مدى الأربع والعشرين ساعة وتوفير الحد الأدنى من الحماية لهم.

كثيرا مافكرت هل يمكن فى أى معركة أن نواجهها دون تدريب وتأهيل الجنود المحاربين المتواجدين فى الصفوف الأمامية؟ ودون أن يكون معهم أدوات المواجهة أى دون سلاح؟ وفى حالة محاربة فيروس كورونا الشرس يكون الأطباء والأطقم المساعدة فى الصفوف الأمامية. هل يمكن أن نأمر الأطباء بالمواحهة والتواجد فى المستفيات الخاصة بعلاج المصابين والخاصة بالعزل دون تدريب كاف وجيد للأطباء على أساليب الوقاية مع توفير المستلزمات الطبية والوقائية والتدريب على التعامل مع الوباء من أول الكشف على المصاب وكل الإجراءات المطلوبة لعلاج المصاب حتى شفائه بدءا من إجراء مسحات حال وجود أعراض أو حال مخالطة حالات إيجابية بجانب التعامل مع المصابين وطرق العلاج مع الاسترشاد بالوسائل التى تقرها منظمة الصحة العالمية والاطلاع على خبرات الدول فى مواجهة الفيروس.

هل يمكن أن نضحى بعدد ممن يحافظون على صحة المصريين ونحن نعلم كما أوردنا فى السطور السابقة أن هناك نقص يزيد عن 50% من الأطباء والتمريض بجانب نقص الأسرة المطلوبة لعلاج المصابين ونقص بدل الوقاية التى يجب أن يرتديها الأطباء أثناء ممارسة عملهم فى مواجهة الفيروس للحفاظ على صحة ملايين من الشعب المصرى الذى يقدر جهودهم والذى كشفت له جائحة كورونا أن محاربة الفيروس مثل محاربة الإرهاب كلاهما يتطلب جيشا مسلحا مدربا على أعلى مستوى ومتوفرا له كافة الأدوات والوسائل لحماية الوطن وحماية ثروته البشرية ولتوفير الأمن والأمان للمواطن الأمن القومى والأمن الصحى.

واذا كان جنودنا من أبناء الشعب المصرى ساهرين على الحدود لمواجهة الإرهاب لتحقيق الأمن القومى المصرى فإن جنودنا من كتيبة المدافعين عن الحق فى الحياة المواجهين للفيروس القاتل والتى تشمل فصائل الأطباء والممرضين والفنيين من المسعفين وفنى التحاليل والأشعة ومعهم الأطقم المعاونة لتحقيق الأمن القومى المصرى الصحى. لذا يجب أن تكون الأولوية كما قلنا مرارا وتكرارا لمزيد من الصرف على الصحة وقد اتخذت الدولة عددا من الإجراءات لتوفير المستلزمات الوقائية والطبية وتوفير أماكن للعزل وتحسين أحوال الأطباء ولكن من الواضح ياسادة أن هذا غير كافٍ فميزانية الصحة فى الموازنة العامة للدولة لسنة 2020 غير كافية بالنسبة للمطلوب إنفاقه من أجل تحقيق الإجراءات التى اتخذتها الدولة ومن أجل مواجهة فيروس شرس علينا كما يقال التعايش معه مع توفير مستلزمات الوقاية لحين الوصول إلى علاج أو لقاح والذى قد يأخذ وقتا من عدة أشهر إلى سنة.

وإننى أتساءل أليس من حق المصريين أن تلتزم الدولة بتطبيق البنود الخاصة بالمادة 18 بالدستور المصرى الذى مر عليه أكثر من 6 سنوات والخاصة بالحق فى الرعاية الصحية وفى حق المصريين فى الصحة وبتحسين أحوال الأطباء وبتخصيص نسبة 3% من الناتج القومى الإجمالى للصحة والتى لم تتحقق حتى الآن رغم الجائحة. إننى أطالب بالتزام الدولة بتوفير ميزانية أكبر حتى يمكن الحفاظ على صحة المصريين واذا لم تلتزم الدولة والأجهزة والمؤسسات الآن ونحن فى محنة كشفت لنا عن الداء وتضعنا أمام أهمية وضع خطة للعلاج والدواء وبالذات مع تزايد أعداد المصابين والوفيات من جهة وتزايد أعداد الأطباء المصابين 350 والوفيات من الأطباء 19 طبيبا وفقا لبيان نقابة الأطباء.

كما كشفت جائحة فيروس كوفيد 19 عن أن نصف الخريجين من اطبائنا يذهبون للعمل فى الخارج للعديد من الأسباب على رأسها هيكل الأجور الطارد فهل يمكن الاهتمام بتوفير الظروف الملائمة والآمنة فى العمل والأجور المناسبة لحياة معيشية كريمة ولبدل عدوى مناسب للمخاطر التى يتعرض لها الأطباء والممرضين وكافة الأطقم المعاونة ولشروط تكليف للخريجين مناسبة ومرنة مع الاهتمام بتحمل الدولة لتكاليف التعليم الطبى المستمر والدراسات العليا.

لايكفى الإشادة بجهود الأطباء والتحية والتصفيق والتقدير فى مؤتمرات صحفية. لقد كشفت جائحة كورونا فى كل الدول عن عجز كافة المنظومات الصحية عن مواجهة الفيروس وأوضحت أن الصرف على الصحة من الأولويات.

إننى أضم صوتى إلى ماطالب به الدكتور صلاح الغزالى حرب فى مقاله المنشور بالمصرى اليوم من توافر التحليل الخاص بالفيروس، وإشراك المعامل الخاصة ومعامل المستفيات الجامعية فى إحراء التحليل بسعر التكلفة والتحليل فى المنازل وإشراك جميع المستشفيات الخاصة فى عمليات العزل والعلاج بأسعار مناسبة تحددها الدولة دون مغالاة.

وقبل أن انهى المقال وبما إننا فى حالة حرب على الفيروس وحالة طوارىء أطالب الدولة بالضرب بيد من حديد على تجار الحرب الذين ينتهزون فرصة الجائحة للثراء على حساب حيوات البشر ويبغون تكدس المزيد من الأرباح والأموال برفع الأسعار وإخفاء المستلزمات الضرورية لمواجهة كورونا. كما أطالب مع الذين طالبوا من قبل بمعاملة ضحايا فيروس الكورونا من الأطباء والأطقم الطبية معاملة الشهداء

لقد كشفت جائحة كورونا صحة مانادت به لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة ولجنة أطباء بلا حقوق فهل من مجيب من اجل صالح الشعب المصرى واللإنسانية جمعاء.

واؤكد مرة أخرى فى نهاية المقال على أهمية وأولوية الصرف على الصحة والتعليم والبحث العلمى وعلى أن صحة المصريين أمن قومى للحفاظ على حماة وبناة الوطن حفظ الله مصر وشعبها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار