د/أحمد حسين يكنب ..دور الحضانة و بنية التعايش المشترك والولاء للوطن

 

التعليم هو أحد أهم آليات غرس القيم الوطنية المشتركة بين المواطنين، وأحد أهم آليات بناء وتعزيز قيمة المواطنة عبر الاندماج والتعايش اليومى وعبر التنشئة الوطنية المشتركة التى تعزز قيم ونمط حياة حياتية وتاريخية تعزز المشاركة فى الحياة وترسخ قيم وطنية مشتركة بين المواطنين وترسخ الولاء للوطن والعيش بين دفات حاضره ومجد تاريخه ، وتعتبر مرحلة الطفولة -التعليم قبل المدرسى- من أهم مراحل التنشئة لما لها من دور بالغ الأثر فى تشكيل وجدان وعقل المواطن وبنية تفكيرة  الوطنية والمستقبلية، وكما يقول المثل التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر ومفادة ما يتلقاه الطفل فى تلك المرحلة يترسخ فى وجدانة وبنية شخصيته ويتحول هذا إلى سلوك وفعل فى الحياة والمستقبل، وبالتالى ففى ظل التحديات التى يواجهها وطننا مصر لابد أن يكون كل مفردة من مفردات التعليم وأجزاءه معد ومخطط لها وتابع للوطن وللمؤسسية التى ترسخ من المشترك الوطنى كقيمة عليا لمنظومة التعليم ، وعلى رأسها مرحلة التعليم قبل المدرسى وما يسمى بدور الحضانة ورياض الاطفال والتعليم والتنشئة بها والتى للأسف تتعدد وتنوع المسئولية عنها وعدم تبعيتها جميعا لوزارة التربية والتعليم مم يجعلنا نتسائل ماذا يتعلم أبناؤنا؟ وكيف يتعلموا؟ ومن يعلمهم؟ وما خطورة ذلك على الهوية الوطنية و المستقبل ؟ فلا يعقل أن تترك دولة أطفالها ليتعلموا بطرق متعدده ومتنوعه حسب الأهواء والانتماءات والثقافات والأيديولوجيات…  فى ظل التحديات التى نواجهها على مستوى الهوية الوطنية  والتعايش المشترك والمواطنة  كقيمة عليا حاكمة للوطن والتى أفرزها الحادث على الساحة الآن والتى تُهدد المستقبل وتقدم للجميع جرس إنذار يوجب علينا جميعا التحرك للبحث عن مكمن الخطر ومواجهته حماية للوطن وحِفظًا لمستقبله والتى على رأسها تقديم تعليم موحد لمرحلة ما قبل المدرسة معدد ومخطط له وتابع للدولة .

لأنه من الخطورة بمكان ترك التعليم فى تلك المرحلة لأشخاص حسب أهوائهم وانتمائتهم الفكرية والثقافية أو لجماعات وتنظيمات أيديولوجية أصولية  أو لهيئات… تنشيء وتربى أبناءنا على ما يحلوا لهم ويعتقدوا من أفكار وتوجهات لا مشترك وطنى بها وذلك كارثى لأنه يصنع داخل المجتمع جزر متنوعة ومعزولة عن بعضها البعض كل  لديه قيمة وثقافته التى يُربى عليها أبناء الوطن  والتى للأسف ترسخ التمايز والفرقة والطائفية وربما العداء لمنظومة الوطن ولوجودة ، لأنه لا يوجد عليها رقابة تربوية ولا منهجية متابعة تعليمية لأنها بعيدة عن منظومة التعليم بالدولة  والمتمثلة فى وزارة التربية والتعليم كمركزية فى أنشطتها التعليمية وتابعة لأفراد وجماعات وهيئات، كلٌ يُعلم ويُربى وفق قيمة وأيديولوجيته  فالحضانات  التى تتبع أفراد يعلموا الأطفال فيها كما يريدون، والحضانات التابعة  لتنظيمات  الجماعات الأصولية  بتنويعاتها المختلفة  يعلموا الأطفال فيها ما يريدون ،الحضانات التى تتبع هيئات متنوعة يعلمون الأطفال ما يعتقدون ، وبالتالى نحن نربى أبناءنا كجزر منعزلة لا تغرس ولاتربى فيهم قيم مشتركة ومتوافق عليها بقدر ما نربيهم على توجهات فردية وقيم جماعات ومشتركات طائفية بعيدا عن قيم المواطنه ناهيك عن التفاعل الوطنى المشترك  وهو ما يعد خطر على بنية التعايش وثقافة الوطن المشترك  والولاء له والتى نعانى منها اليوم وسنعانى فى المستقبل أكثر إذا استمر الوضع التعليمى لمرحلة ماقبل المدرسة على هذا الحال.

وانطلاقا من هذا فإننى أدعوا لأن تكون الدولة هى المسئولة عن مرحلة التعليم ما قبل المدرسة مسئولية كاملة وشاملة متمثلة فى وزارة التربية والتعليم ومتمثلة فى منظومة التربية والتنشئة التى تحققها من مناهج ومعلمين وأماكن تحققها… بما يساهم فى تعزيز وترسيخ الهوية الوطنية والمشترك القومى بين أبناء الوطن، وفى حماية المجتمع وحفظه من التهديدات التى تحيق به وتهدد تماسكه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار