د/ أحمد حسين يكتب.. فلسفة التشريع بالمجتمعات
التشريعات تصدرها المجتمعات الحية القادرة وفق فلسفة ورؤية تؤسس من خلالها لقواعد حماية وصون المجتمع ولتحقيق قيم إنسانية عليا وتماسك وجوهر إنساني يعبر عن المجتمع ويجعله قيمة ونموذج للمجتمعات القادرة وللحضارة الإنسانية، فترسخ وتحمي قيم العدل والعدالة والمواطنة والإنسانية، وتعزز حماية حرية المواطنين وحماية إنسانيتهم فكرا وفعلا، تعبيرا وتعايشا، قولا وصمتاً، حياةً وموتًا، اتفاقا واختلافا ، بما يخلق إنسان يحيا في إنسانية، حر ليس بعبد، قادر ليس بضعيف، صادق ليس بكاذب، شجاع ليس بخائف، قوي ليس برعديد، واضح ليس بمُدعي، رجل ليس مسخ، ينتمي لحياته الحرة وإرادة وجوده العزيزة ولوطنه الذي رسخ إنسانيته وأعزها وحماها، بما يؤسس لبناء مجتمعي إنساني قوي متماسك، قادر منتصر، نموذج لا درس، حياة لا موات، نصر لا هزيمة، بناء لا هدم، فعل لا تبعية، تاريخ لا زيف.
هذا هو جوهر التشريع وذاك فلسفته، العدالة و تحققها ، والعدل وجوهر بناءه، إنسانية الإنسان وحريته، بما يعززخلق وبناء مجتمعات متماسكة وقادرة ومنتصرة ومنتمية لأوطانها وهذا جوهر الانتصار؛ لا مجتمعات ممزقة ومفتته تنتشر الريبة والخوف بين مواطنيها ، والحقد بين جماعاتها، والكره والنفاق في حديثها ، والتمييز والإضطهاد على الأفكار والانتماء السياسي والتفتيش في النوايا، ويسود الخوف والنفاق والكذب والانتماءات والادعاءات المزيفة والتلون على كل لون ووجه إلا لون الوطن ووجهته ووجوده ونصرته، لتسقط الأوطان عند أول مواجهة لأنها مهزومة مسبقا، مهزومة يوم شرعت لسحق الإنسان وحولته من إنسان لمسخ، من حر لمرتجف رعديد، من قادر لمنافق مدعي.
سقطت مسبقا لأنها أماتت الإنسان ودمرته، سقطت وهُزمت لأنها أسقطت مصدر النصر مهما امتلكت من قوة مادية ومالية، سقطت يوم شرعت للقمع والخوف وللنفاق و قهر الإنسان وإماتته.
هكذا سقط الإتحاد السوفيتي وتمزق فى ليلة وضحاها رغم امتلاكه لأقوى الجيوش والعتاد، وهكذا سقطت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وهكذا سقطت العراق في جزء من ليل، سقطوا رغم امتلاكهم للقوة والمال..، سقطوا لأنهم سحقوا الإنسان وحولوه لمسخ أراجوز، أفقدوه حريته وإنسانيته ففقدوا القوة وضاع الوطن.
وهكذا انتصرت بريطانيا رغم تدمير كل شبر بها، وهكذا انتصرت فرنسا رغم احتلالها، لأنهم رغم احتلالهم وتدميرهم إلا أنه بقى ما يصنع الانتصار والقوة والحماية، بقى لديها مصدر كل نصر وكل قدرة، بقى لديها الإنسان الذى تم بنائه، الإنسان الحر العزيز القادر لا المسخ الذليل المنافق الكاذب، وهذا الحر القادر الذى كون المجتمع الوطنى المتماسك المتلاحم المنتصر في أحلك الظروف؛ فهو منتصر لأن الوطن انتصر لإنسانه فانتصر الإنسان لوطنه وأعزه.
مابين المجتمعات المنتصرة والمهزمة تشريعات تحمي الإنسان وتعزز لإنسانيته فتنتصر مهما ضعفت مواردها وواجهت من تحديات جسام، ومجتمعات مهزومة مهما امتلكت من قوة لأنها قمعت الإنسان وأماتته عبر تشريعات تنتهك حريته وإنسانيته وحياته وتقمعه إنسانيا لتفقده إنسانيته وانتماؤه وولائه لوطنه ولوجوده.
التشريعات التي تنتصر للإنسان نصر للأوطان، والتشريعات التي تقمع الإنسان وتمسخه هزيمة وسقوط لأي وطن.